رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 2:04 م توقيت القاهرة

«السرب» ما بين الماضي والحاضر وحرب البقاء

بقلم  : حازم قطب 

كان الرهان كبيرا، على بقاء مصر، وهيبتها على المحك عندم أقدم الجماعات الإرهابية على ذبح المصريين الأقباط، على الأراضي الليبية، معتبرين أن مثل هذا العمل الإجرامي سيكون له رد فعل قاسي على أبناء الوطن، وراهنوا على أن تنفيذ العملية من شأنه أن يحدث الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين، والتي طالما انتظرتها التنظيمات الإرهابية على مدار عقود طويلة من الزمن، كانت أكثرها قربا خلال الفترة الظلامية التي تولت فيها جماعة الإخوان الإرهابية حكم مصر بين عامي 2012/2013، وما اشتهر عن هذه السقطة من عمر الوطن، من فاشية دينية، فكانت أسوء فترة حكم مرت على مصر، كادنا نعود فيها إلى محاكم التفتيش.
ولا يخفى على أحد من أبناء مصر، ما مرت بالمحروسة وآلم بها من أحداث جثام، أعقبت خروج ملايين المصريين في ثورة تصحيح المسار 30 يونية، لرفض حكم جماعة الإخوان الإرهابية، ولا ننسى الدماء التي انتشرت في الشوارع والطرقات، والأرواح البريئة التي فاضت على أيدي الإخوان المجرمين، والخراب الذي نشرته الجماعة في جميع ربوع مصر، وتخريبهم للمنشأت احتلالهم المساجد وتحويلها إلى ساحات حرب، وحرقهم للكنائس.

إلا الله قد حبا مصر، وأرضها المباركة الطاهرة، برئيس يؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع، فلا تمييز لأبناء المحروسة بين مسلم ومسيحي، ولا أبيض أو أسود، وكان على علم كامل ويقين بمدى خطورة المؤامرة التي تحيكها قوى الشر والظلام ضد مصر، للقضاء عليها بضربة قاضية، لن تأتي إلا بالوقيعة بين نسيج الوطن الواحد مسلمين ومسيحيين، ونشر الفتن الدينية بينهم، والتي لا سبيل إليها إلا بالدم الحرق والاعتداء، فكان اليوم الحزين الذي آلم بجسد الأمة المصرية، وأنزل عليها مرارة ألكمت الأفواه، وزرع في خصرها خنجر الغدر، وشق جسدها لأشلاء، وشطر قلبها حزنا، وأوجعها وجعا فاضت معه الروح، حين أذاع تنظيم داعش الإرهابي واحدة من أبشع الجرائم الإرهابية التي ارتكبها التنظيم خلال فترة سيطرته على بعض المناطق الليبية، فيديو يصور لحظات إعدام 21 من المصريين الأقباط يوم 15 فبراير 2015.

وجرت جريمة إعدام وذبح 21 قبطي مصري، على شواطئ مدينة سرت الليبية، وبثها تنظيم داعش الإرهابي عبر مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي، فكانت أكبر مثالا للبشاعة التي هزت الضمير الإنساني العالمي بقوة، ولم تزل أثارها المفجعة باقية حتى اليوم، لتذكرنا والعالم معنا بحجم وحشية ودناءة ودناسة الإرهاب، الذي دلل دون أدنى شك بفعلته الشنعاء، على أن إراقة دماء الأبرياء هو السبيل الوحيد لتنفيذ مخططاتهم في نشر الفوضى والزعر بين المصريين، عن طريق إظهار عناصر داعش الملثمين، أثناء ذبحهم لـ21 مصريا أمام الكاميرا، بعد أن أجبروهم على ارتداء ملابس الإعدام، قبل أن يلقوا بجثثهم الطاهرة في مياه البحر، لتُسبغ مياهه المالحة بلون دماء المصريين الذكية، ويتحول للون الأحمر في مشهد توقفت عنده ساعة الزمن واختنقت فيه الأنفاس وخرجت صريخا وعويلا على رجالا وشبابا كل ذنبهم أنهم مصريين.

استغل أعداء الوطن التابعين لجماعة الإخوان الإرهابية، في الداخل والخارج، هذه الحادثة الموجعة، وراحوا يشككون في قدرت الدولة المصرية على حتى مجرد الرد أو الدفاع عن أبنائها الشهداء والأخذ بثأرهم، مستخدمين كل أسلحتهم الدنية كعادتهم في إثارة الفتن وبث سمومهم ونشر شائعاتهم بين المصريين، وتلاعبوا بالأقباط وهددوهم بالذبح داخل وخارج مصر، إلا إذا لجأوا للجماعة الإرهابية لحمايتهم والدفاع عنهم، مقابل الخروج على الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإجباره على الرحيل عن الساحة، لتيقن هؤلاء الإرهابيين من خطورة استمرار السيسي، وبقاءه في المنطقة العربية وتصدره المشهد في المنطقة العربية، بعد أن استطاع تصحيح مسار مخطط تفتيت المنطقة العربية.
وخلال الفترة التي أذيع فيها مقطع ذبح المصريين الأقباط في ليبيا، جرى نقاش بيني وبين بعض من العملاء المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية في مصر، وحاصروني بالأسئلة التي انهالوا على رأسي بها، وكانت موحدة على ألسنتهم «هيعمل إيه السيسي مع أنصاره المسيحيين وهيرجع حقهم إزاي؟».
 كنت وقتها ليس لدي أي معلومة عن الكيفية التي سترد بها الإدارة المصرية على تلك الضربة القاصمة، إلا أنني كنت على يقين بأن الرد سيكون بأكثر من قوة الحادثة الموجعة، وأنه سيأتي في أسرع وقت ممكن، فما كان منهم إلا رميي بسؤال أخر من نفس أسئلتهم المسممة، «إزاي هيرد خارج الحدود.. دا خارج أرضه؟ وهو ممكن أمريكا وتركيا والعالم يوافقوا على كدا... مستحيل طبعا؟»، فلم ينطق لساني إلا بما شعُر به قلبي، فجاوبتهم «ستكون حرب من أجل الإنسانية والبقاء».

ولم تمر ساعات قليلة من نشر مقطع الفيديو المفجع، إلا وجاء رد الإدارة المصرية على الجريمة البشعة، بأقوى مما توقع العالم، وأسرع مما يحتمل صدور المصريين، بعقد اجتماع مجلس الدفاع الوطني، لاتخاذ رد سريع ضد الحادث الإرهابي، ويصدر بموجبه الرئيس السيسي، قرارا للقوات الجوية المصرية بشن غارات ضد معسكرات أسلحة وذخيرة ومناطق تمركز تابعة لتنظيم داعش في ليبيا، وخرج على جميع القنوات المصرية عبر خطاب اتسمت لهجته بالحزم والقوة، أكد فيه عدم التهاون في القصاص لشهداء مصر، وإعلان الحداد 7 أيام على أرواحهم،  كما أرسل وزير الخارجية، سامح شكري، إلى نيويورك للمشاركة في مؤتمر دولي ضد الإرهاب، للتأكيد على أن تنظيم داعش الإرهابي، لهو يمثل خطرا يهدد جميع دول العالم وليس مصر فقط.
ليعيد قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالثأر لشهداء مصر، الأبرار، هيبتها التي غابت عنها منذ حرب أكتوبر 73، واختفى العملاء في الداخل وخرست ألسنتهم للأبد، مع عودة «سرب» طائرات القوات الجوية المصرية، من الأجواء الليبية، حاملين على أجنحة طائراتهم أخصان الزيتون، ليهدوها إلى أرواح شهداء مصر، ويثلجوا بها صدور المصريين مسلمين وأقباط.

وتمر الأيام تلو الأخرى، وأنا أتسائل لماذا لا نوثق جريمة داعش بحق المصريين، في عمل فني يظل باقيا في ذهن المصريين، ويؤرق مضاجع الإرهابيين، وكلي يقين بأن السنوات القادمة حتما ستحمل معها خبرا يسر قلوب أبناء والوطن، ويدمي أعين أعداء المحروسة، فجاء الإعلان عن فيلم «السرب» الذي سيروي ملحمة الثأر لأبناء مصر، ويؤكد أنها باقية إلى قيام الساعة، أبية شامخة مرفوعة الرأس إلى أبد الأبدين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.