رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 24 يونيو 2025 2:49 م توقيت القاهرة

آثار الإيمان بالميزان يوم القيامة

 
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله خلق الخلق فأتقن وأحكم، وفضّل بني آدم على كثير ممن خلق وكرّم، أحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، يليق بجلاله الأعظم، وأشكره وأثني عليه على ما تفضل وأنعم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الأعز الأكرم، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المبعوث بالشرع المطهر والدين الأقوم، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد اعلموا يرحمكم الله أن أثقل الأعمال في الميزان يوم القيامة هو حسن الخلق وطيب المعشر مع الأهل والصاحب والولد والناس أجمعين، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق " رواه أحمد وأبو داود، فنسأل الله تعالي أن يهدينا لأحسن الأخلاق إنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
 

وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو، فطوبى لمن ثقل ميزانه، والمسلم حرى به ألا يحتقر أي عمل صالح ولو قل، وألا يستهين بمعصية واحدة ولو صغرت، فحسنة تثقل ميزان العبد وتدخله الجنة وسيئة تخف ميزانه، قال صلى الله عليه وسلم قال " لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق" رواه مسلم، وكم من عمل صغير عظمته النية وكم من عمل عظيم حقرته النية ففي الصحيحين " أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطوف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها فغُفر لها " فإذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا، فإستكثروا عباد الله من الأعمال الصالحة، وحققوا التوحيد والتقوى لأننا خطاؤون مذنبون، فلعل هذه الأعمال الصالحة أن تستغرق أعمالنا الطالحة وترجح موازيننا. 

فيا عباد الله إن من آثار الإيمان بالميزان يوم القيامة هو ظهور آثار أسماء الله تعالي وصفاته، فالله سبحانه وتعالى العليم الخبير الحسيب المحصي، لا يخفى عليه شيء، وكذلك بيان قدرته تبارك وتعالى على حساب خلقه على مثاقيل الذر، والله قادر على أن يزن أعمال العباد كلهم، وينتهي كل شيء في لحظة، فسبحانه القائل ط ما خلقكم ولا بعثكم غلا كنفس واحده إن الله سميع بصير " فيحاسب الناس كلهم كما يحاسب الواحد، فالله سبحانه على كل شيء قدير، لايتعاظمه شيء ولا نقيس أمر الآخرة على أمر الدنيا، وكما أن من آثار الإيمان بالميزان يوم القيامة هو أن يجتهد العبد في الطاعات والمسارعة إلى الخيرات، فإن من زادت حسناته على سيئاته أفلح ونجح، حيث قال تعالى " فأما من ثقلت موازينة فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هي نار حامية " 

ومن فوائد الإيمان بالميزان المحافظة على الحسنات مما يبطلها أو ينقصها كالشرك بالله والعجب والرياء وترك الفرائض وإنتهاك المحرمات والوقوع في ظلم العباد فهو ظلمات يوم القيامة، ومن فوائد الإيمان بالميزان والحساب والجزاء يوم القيامة بيان عدله سبحانه وتعالى، وأنه يضع الموازين القسط العادلة التي يبيّن فيها مثاقيل الذر التي توزن بها الحسنات والسيئات، كما في الآيات الكريمة " وإن كان مثقال حبة من خردل " التي هي أصغر الأشياء وأحقرها، كما قال تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " فاتقوا الله عباد الله وثقلوا بالصالحات كفة الحسنات، عسى إن نحن فعلنا ذلك أن ترجح حسناتنا على سيئاتنا، واعلموا أن الساعة آتيه، فقد أقسم الله تعالي بوقوعها فقال تعالي " إن الساعة لآتية لا ريب فيها " 

وأخبر عنها بصيغة الماضي " أتى أمر الله " وما زال يقربها حتى جعلها كغد " ولتنظر نفس ما قدمت لغد " وقد مدح الله تعالي إبراهيم وإسحاق ويعقوب فقال تعالي " إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار" أي ذكرهم للآخرة وعملهم لها، وقال قتادة كانوا يذكّرون الناس الدار الآخرة والعمل لها، وأخبرعن المؤمنين بأنهم " مشفقون منها ويعلمون أنها الحق" خائفون وجلون من وقوعها فهم مستعدون لها عاملون من أجلها، والسؤال هنا هو كيف يتذكرها أو يستعد لها أو يشفق من وقوعها من لا يعلم أوصافها وقوارعها وزلازلها ومصاعبها وكيفية تسلسل مواقفها، وقالت رابعة بنت اسماعيل ما رأيت ثلجا قط إلا ذكرت تطاير الصحف ولا رأيت جرادا قط إلا ذكرت الحشر ولا سمعت أذانا قط إلا ذكرت منادي القيامة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.