
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، له النعم التي لا تحصى، والآلاء التي لا تعد، سبحانه يغفر الذنب ويستر الخطيئة، ويعفو عن السيئات وهو الرحيم الغفور وهو شديد العقاب، وأشهد ألا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن حديث الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم على مياههم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه، قال لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا المدينة، بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قلت يا رسول الله.
إنما كان متعوذا، فقال أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " متفق عليه، وهذا الحديث هو في واقعة حصلت لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حيث قتل أسامة بن زيد رضي الله عنهما رجلا بعد ما قال لا إله إلا الله، وكما جاء في حديث أن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم رجل حينما التقى المسلمون بالكفار فاقتتلوا، فيقول فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ وتذكر المصادر عن السؤال عن الأمور التي لم تقع، وما جاء من كراهة ذلك، ووجه الجمع بين هذه النصوص، وهذا أمر يقع ووقوعه قريب، ولذلك جاء في الحديث الآخر لما بعث النبي المصطفي صلي الله عليه وسلم بعثا إلى الحرقة من جهينة.
والحرقة هم بطن من جهينة القبيلة المعروفة من قضاعة وهم بطن منها، قال إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم على مياههم، يعني أتيناهم في وقت الصباح، قال ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري، وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا المدينة بلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم في بعض الروايات أنه طعنه بالرمح، ثم بعد ذلك تتابعوا على ضربه حتى مات، ويقول فلما قدمنا المدينة بلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم وسيأتي في الحديث الذي بعده أنه لما جاء البشير إلى النبي صلي الله عليه وسلم يعني بما حصل لهم من الفتح والمغنم، أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك، وفي بعضها أن أسامة بن زيد رضي الله عنه هو الذي سأل النبي صلي الله عليه وسلم عما حصل له، ويمكن أن يكون البشير جاء بهذا وأخبره.
وأن أسامة رضي الله عنه زوّر في نفسه، وحدّث نفسه بأن يسأل النبي صلي الله عليه وسلم إذا لقيه، فلما لقي النبي صلي الله عليه وسلم كان البشير قد سبقه بالخبر، فذكر ذلك للنبي صلي الله عليه وسلم يقول فقال لي أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم " متفق عليه، ومعنى أنه تمنى ذلك ليس مقصوده أنه تمنى لو كان كافرا، لا، وإنما مقصوده أنه تمنى لو أن ذلك وقع منه قبل دخوله في الإسلام، لأن الإسلام يجبّ ما قبله، بحيث لا تكون هذه المعصية والذنب العظيم قد وقع منه بعد إسلامه، وقتل النفس لا شك أنه أمر عظيم، والله تعالي يقول في سورة النساء " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه " فهذا ليس بالشيء السهل، ولكن أسامة بن زيد رضي الله عنه كان متأولا.
يعني أنه فعل ذلك لا قصدا لقتل أحد من المسلمين، وإنما فعله لأنه اعتقد أن هذا الرجل إنما قالها خوفا من السيف، وليس صادقا في دعوى الإيمان أو قول لا إله إلا الله، من هذا الباب، ولهذا لم يقتص منه النبي صلي الله عليه وسلم لم يأتي بأهل ذلك القتيل ويخيرهم بين القصاص أو الدية أو العفو، لهذا السبب التأول، كان متأولا، وفي رواية فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قلت يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، هذا معنى "متعوذا" قال أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟" يعني حتى تعلم أقالها خشية السلاح أم لا، وهذا التقدير، وهذا هو الشاهد في هذا الباب، أن الإنسان يحمل الناس على الظاهر، ولا يؤمر بأن يشق عن قلوبهم، حسابهم على الله تبارك وتعالى كما سبق " فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"
وهذا يفسر معنى الجملة السابقة في الرواية التي مضت، يقول "حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" يعني أنه أسلم بعد هذه الحادثة، وهذا واضح، يقول الحرقة بطن من جهينة القبيلة المعروفة.
إضافة تعليق جديد