إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، ومن أمهات المؤمنين هي السيدة خديجة بنت خويلد، وهي تجتمع مع النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم في جده قصي وهي أقرب نسائه إليه في النسب ولم يتزوج من ذرية قصي غيرها إلا أم حبيبة وهي السيدة رملة بنت أبي سفيان، ولم يتزوج النبي امرأة قبلها وكل أولاده عليه الصلاة والسلام منها إلا إبراهيم رضي الله عنه فإنه من السيدة مارية رضي الله عنها.
ولقد كانت وفاتها رضي الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين، وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت " أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال اقرأ، قال صلى الله عليه وسلم " ما أنا بقارىء " قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، قلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال " اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق.
اقرأ وربك الأكرم" فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال " زملوني زملوني" فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال للسيدة خديجة رضي الله عنها وأخبرها الخبر "لقد خشيت على نفسي" فقالت أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها " كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق " فهذا الحديث تضمن ذكر منقبة ظاهرة لأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها وهي أنها كانت تقوي قلب النبي صلى الله عليه وسلم في بداية نزول الوحي وطمأنته عليه الصلاة والسلام مما كان يخشاه على نفسه وهونت عليه الأمر وأنه لاخوف عليه ولا حزن وأقسمت للنبي صلى الله عليه وسلم على أن الله لا يخزيه ولا يخذله.
وإستدلت على ما أقسمت عليه بما فيه من صفاته الطيبة من مكارم الأخلاق، ولقد كان من مناقبها رضي الله عنها وأرضاها التي انفردت بها دون سائر أزواج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام لم يتزوج عليها حتى فارقت الحياة فقد روى مسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت " لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت " وكما أن من مناقبها العظيمة قوله صلى الله عليه وسلم خير نسائها أي في وقتها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة " فاللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي في معاشنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر، اللهم طهر مجتمعات المسلمين من جميع المنكرات، اللهم سلم الحجاج والمعتمرين، وتقبل منهم طاعتهم يارب العالمين.
اللهم أعدهم إلى أهليهم سالمين غانمين، مأجورين غير مأزورين يا أرحم الراحمين، اللهم تقبل من الصائمين صيامهم، ومن المضحين ضحاياهم، واجعل ذلك ذخرا لهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا عزيز يا غفار.
إضافة تعليق جديد