رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 19 مايو 2024 2:47 ص توقيت القاهرة

أقــوال صـائـم

 بقلم/ سـامـي بـوادي 
الحلقة الاولي (التعود علي الطاعات)

وصى الله عباده بفعل الطاعات ووعدهم بالجنة وما اعظمه من فوز والمتأمل فى آيات القرآن الكريم يلاحظ أنها أمرت بالاستمرار على الطاعة طالما فى الانسان نفس يدخل ويخرج وعين تطرف لقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. ومن حكمة الله البالغة أن جعل العبد يتقلب فى الطاعات كما يخرج من عباده إلى أخرى ومن طاعة إلى طاعة وها قد جاء موسم أعطانا الله إياه حتى نتزود من الصالحات ونداوم علي الطاعات والمداومة  تعد من أحب الأعمال إلى الله تعالى: عن عائشة أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وكان يُحجِّره بالليل فيصلِّي فيه، ويَبسُطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يَثوبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلُّون بصلاته حتى كَثُروا، فأقبل فقال: (يا أيها الناس، خُذوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يَملُّ حتى تملُّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل
 لعلنا نذكر اننا كنا قبل أيام قلائل نخطط  ونعد العدة استعدادا لهذا الشهر الكريم ونقول سنفعل كذا وكذا من الاعمال الصالحة وما إن جاء رمضان حتى تنفلت من بين ايدينا الساعات والايام  دون  ان ننفذ ما خططنا له  لمغريات ومشتتات عده  في شهر يحبه الله عز وجل ,,فرمضان  سوق قائم , كحال المهرجانات المؤقتة نجد زحمة لأن الناس يعملون أنه سينقضي ...رمضان سوق ونحن التجار فيه فلا تخرج منه بغير ارباح فرمضان فرصة  لايجب لعاقل ان يضيعها 
والفرصة تعني: مجموعةً من الظروف الحياتية المستقبلية المحبَّبة للنفس، وتقدِّم لنا فوائدَ شخصيةً معيَّنة في ظروف مهيّئة ومساعدة؛ لتحقيق أهداف شخصية منشودة. واغتنامُ الفرص في رمضانَ له بُعْدٌ مغاير، ومعنى عميقٌ، يحتاج منا إلى سرعة فَهْمه واستنتاجه، وتتمحور بعض هذه الفرص في قول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جاء رمضان فتِّحت أبواب الجنة، وغُلقت أبواب النار، وصفِّدت الشياطين))؛ صحيح مسلم
أنا لن أتحدث عن هذا الحديث من الناحية الشرعية؛ فهذا ثقل لا أستطيع رفْعه، ولكنني سوف أربط بين تصفيد الشياطين في رمضان، وبين مراحل التغيير الذاتي، وتأثيره على الفرص المتاحة فيه قال رسول الله - ‏صلى الله عليه وسلم -: ((المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف...)) الحديث؛ ابن ماجة. لذا؛ فإن أية فرص ميسَّرة لنا، وتحقِّق المعنى المطلوب لهذا الحديث العظيم، سوف يحاول إبليس - عليه لعنة الله - جاهدًا ألاّ يجعلنا نراها، ويشغلنا عنها أيضًا، وإذا رأيناها، فسيُقاتل حتى لا نستثمرها الاستثمار الأفضل، ويحاول بكل إمكاناته "الخارقة" ألاّ نستفيد منها بصورة فاعلة، وإن استفدنا منها، فسوف يلهينا بنقلها للآخرين، وهكذا دَوالَيْكَ، دون ملل أو كلل.
لهذا ذهب العلماء الي انه يُعتبر شهر رمضانَ أساسَ وبداية التغيير الإيجابي لمن ينشده، ومن منظور التدريب التعليمي، دعني ألخِّصْ مسار التغيير بتعقيداته الكثيرة بأربع مراحل: رفض التغيير، ومقاومة التغيير، واستكشاف التغيير، وأخيرًا الالتزام بالتغيير، وعادةً ما يسير ذلك بنفس ترتيب المراحل التي ذكرتها؛ ولكنه ليس شرطًا رئيسًا، وذلك باختلاف طبيعة التغيير ومحتواه، وسياقه وظروفه وأهدافه.ففي المرحلة الأولى، قد ترى إبليس الرجيم مثلاً يعزِّز رفضنا للتغيير الإيجابي في رمضان، وتجاهلنا لفرصه العظيمة، من خلال دفْعنا لاستخدام نفس أسلوب التفكير الذي تعوَّدنا عليه، ويجعلنا نرى رمضان على كونه إمساكًا عن الطعام والشراب فقط، وألاّ ننتبه إلى أصل حكمة الصيام المتمثِّلة في قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون ﴾ [البقرة: 183].
وعليه؛ فشغل الذهن بأفكار إيجابية "جديدة"، وموجَّهه لرؤية حياتية واضحة، وتحديدًا لهذا الشهر العظيم - يحفزنا على تحقيق نتائجَ مغايرةٍ تُصلح من شأننا فيه، ومع مرور الوقت، وبالممارسة الفعلية لهذا النهج الجديد، نخلق لأنفسنا أسلوبًا فكريًّا جديدًا، قادرًا على استثمار الفرص المتاحة والمتصلة بالفوز بالآخرة، بكل أشهر السنة، وليس رمضان تحديدًا.
أما في مرحلة المقاومة، فقد تجدُنا أصبحنا مَلولين من رمضان ولياليه الروتينية - بمنظورنا الضيق الحالي، سواء كنا نعي ذلك أم لا - وأضحينا نشتاق لأيام الفطر، وهنا يشغلنا إبليس بهذا الشعور السلبي، ويجعله مُلازمًا لنا، فلا نحن استفدنا من رمضان وفرصه، ولا نستطيع تغيير حاله للذي نرغب؛ لذا نصبح – إلا ما رحم ربي - أقربَ لـ"دَسَّاها"، وبعيدًا عن "زكّاها".
والحل هنا يكمن في اتِّصافنا بالمرونة الإيجابية، فهذا يحدِّد - وجوده من عدمه - انتقالنا للمرحلة التالية، واستكشاف رمضان وخباياه، والتمتع بأيامه ولياليه، ولا تأتي المرونة إلا بتوسعة إدراكنا لرمضان، والنظر له بصفته عبادةً عظيمة يجب الاعتقاد والعمل بها، من خلال الأقوال والأفعال التي تهذِّب النفس، وتشعرها بالسلام النفسي الداخلي، وهذا - بحد ذاته - فرصة عظيمة، من حيث توافقُ المعتقد والسلوكيات؛ لذا فملازمة أهل الصلاح يساعد - لا شك - على تقوية صفة المرونة وتعظيمها لدينا.
لا شك أننا لا نستطيع أن نقرأ فرصةً لا نعرف لغتَها، ففي المرحلة الثالثة "الاستكشاف"، إذا ما أردنا أن نتعلق برمضان بشكل صحيح، وجب علينا إحياء قلوبنا من السُّبات الدنيوي، وينبغي علينا أن نتفقَّه فيه، وأن نزيد من مخزوننا المعرفي والمهاري الرمضاني، من خلال وسائل التعليم المتاحة، وطرح الأسئلة التي تستند أجوبتها على "قال الله"، و"قال الرسول"، بعيدًا عن البدع والخرافات المتصلة بهذا الشهر.
ويجب ان يوصي اهل العلم في كل مناسبة على التشديد على التفقُّه في الدين، وأحكامه، وتعاليمه، وقد قال ابن باز"نصيحتي للمسلمين جميعًا: أن يتقوا الله - جل وعلا - وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وأن يتفقهوا في دينهم، وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم"، فهذا النوع من التعلُّم الصادق يدرِّب النفس، ويزيد من فعاليتها في اقتناص الفرص، وخصوصًا في رمضان؛ لمنزلته الرفيعة.
أما المرحلة الأخيرة - وهي الالتزام - فهنا يلتزم المسلم بتعاليم الإسلام وأحكامه، فيما يخص رمضان.
والذي يزيد من شغف العبادة في هذا الشهر الكريم - من الناحية التدريبية - هي القيادة الذاتية للنفس، وتطويعها نحو السلوكيات التي تتصف بأخلاقنا العظيمة، وتتلاءم وبيئةَ رمضان المباركة، وأن نُدير حياتنا وشؤوننا بأنفسنا نحن، وأّلاّ نجعل للإعلام السلبي - والذي ينشط بقوة في رمضان - تأثيرًا علينا؛ حتى لا نخسر مضاعفة الدرجات في رمضان، وألاّ نزيد من حدّة حسابنا أيضًا لتصفُّد الشياطين؛ فرمضان "فرصة الفرص"

ولأن لهذا الشهر حرقه لفراقه , وجميعنا في اخره يتمني لو طال هذا الشهرفعلي الصائم ان يغتنم قبلفواته كل مكسب وكل خير  فالكون كلُّه محرابٌ للعبادة، وجني الصالحات في هذا الشهر الكريم  والاستمرار على الأعمال الصالحة له فضائلُ وثِمار ومعينات والمداومة على الطاعات لها فضلٌ عظيم وخصائصُ جليلة؛ منها:

1- أنها من صفات المؤمنين الجادين ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾"أي: مُداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها، وليسوا كمَن لا يَفعلها، أو يَفعلها وقتًا دون وقت، أو يفعلها على وجهٍ ناقص"، فالمداومة على الطاعات - وعلى رأسها الصلاة - من صفات عباد الله الموفَّقين.

2- هي وصية الله عز وجل لخير خلقه وهم الأنبياء صلوات ربِّنا وسلامه عليهم؛ حيث جاء في القرآن قولُ عيسى عليه السلام: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾  وقد أمَر الله سيِّد البشر بذلك، فقال له: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ أي: حتى يأتيك الموت، قال ابن كثير: "ويستدل من هذه الآية الكريمة على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبةٌ على الإنسان ما دام عقله ثابتًا، فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عِمران بن حُصين رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صَلِّ قائمًا؛ فإن لم تستطع فقاعدًا؛ فإن لم تستطع فعلى جَنْب)، ويستدل بها على تخطئة مَن ذهَب مِن الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدُهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم. وهذا كفرٌ وضلالٌ وجهل؛ فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلمَ الناس بالله وأعرفَهم بحقوقه وصِفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبدَ الناس وأكثرَ الناس عبادة ومواظبةً على فعل الخيرات إلى حين الوفاة. وإنما المراد باليقين هاهنا الموت"ثمرات المداومة:

وللمداومة علي الطاعات ثمرات  منها زيادة الإيمان: فكل عمل صالح يَزيد الإيمانَ بحسَبِه؛ إن كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلاً أو كثيرًا. وكل طاعة تجرُّ إلى غيرها ويقول شدَّاد: إذا رأيتَ الرجل في طاعة الله فاعلَم أنَّ عنده أخَواتِها، وإذا رأيتَ الرجل في معصية الله فاعلم أن عنده أخواتِها.
ومن ثمراتها ايضا البُعد عن الغفلة: وقد ذمَّ الله الغفلة وأهلَها، ونهى عن الاتِّصاف بها؛ فقال: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ فالمداومة على الطاعات وقايةٌ من الغفلة التي تَقود إلى الهلاك والخُسران، والنفس إن لم تَشغَلها بالطاعة شغلَتك بالمعصية، وصدَق من قال:
وما المرءُ إلاَّ حيثُ يَجعَلُ نفسَه ♦♦♦ ففي صالحِ الأعمال نفسَك فاجعلِ
كما انها سببٌ لمحبة الله عز وجل؛ حيث يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (ولا يَزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه)؛ أخرجه البخاريُّ من حديث أبي هريرة.

 وهي سببٌ للنجاة في الشدائد: قال تعالى عن يونس عليه السلام: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ والمعنى: لولا ما تقدَّم له من العمل في الرَّخاء؛ 

 وكذلك ثبات الأجر عند العجز: فقد روى البخاريُّ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مَرض العبدُ أو سافر كُتِب له ما كان يَعمل مُقيمًا صحيحًا)؛ قال ابن حجَر: هذا في حقِّ مَن كان يَعمل طاعةً فمُنِع مِنها، وكانت نيَّتُه لولا المانعُ أن يَدوم عليها.  كما أنها سببٌ لمحوِ الذنوب وسببٌ لحسن الخاتمة: وهي أمنيَّة الجميع،

 تمر المواسم والأيام ولا تنقطع الرحمات والنفحات التى يتفضل بها على عباده الطائعين، فالصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر والحج يهدم ما قبله ليبدأ الانسان مرة أخرى عبادة وطاعة لله فى جميع الأوقات لكى يرقى فى معاملته مع الناس وترتقى أخلاقه، وهذا هو المقصود من العبادات فى الإسلام، ولا يزال العبد يداوم على تلك الطاعات والقربات حتى يكون عبدا ربانيا يقول للشيء كن فيكون، ومن حكمته تعالى أنه جعل هذه العبادات توصل بعضها بعضا. 
أعلم اخي الصائم اننا كلناعنده مشاغل لا تنقضي ...لكن لا نجعلها تطغى على حساب العمل للآخرة و نحن وجدنا هنا لعبادة الله عز وجل يقول عثمان رضي الله عنه : إنما أعطيتم الدنيا لتطلبوا بها الآخرة , ولم تعطوها لتركنوا إليها , فالدنيا فانية والآخرة باقية
لا أقول لكم لا تبنوا ولا تعملوا ..... لكن لا تشغلكم دنياكم  عن عمل الآخرة
فاشدُد يدَيك بحَبلِ الله معتصِمًا     فإنه الرُّكن إن خانَتك أركانُ 
مَن يتَّقِ اللهَ يُحمَدْ في عَواقبِه     ويَكفِه شرَّ مَن عَزُّوا ومَن هانوا

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.