
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل الشباب قوة، وزينة وفتوة، وزيّن بالثبات منهم من شاء، وحلى بالإستقامة منهم من أراد، أحمده سبحانه وأشكره والشكر له على جزيل نعمه، وعظيم مننه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله أرسله ربه بالهدى والنور، فلبّى دعوته شباب نفع الله بهم الإسلام وأمته، صلى الله عليه وعلى آله وصحابته، المتفانين في دعوته، والممتثلين لأوامره، والمجتنبين لنواهيه، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلاميه أن الشريعة الإسلامية جاءت بتكليفات ثلاثة رئيسية نيطت بعنق كل مكلف أولها هو عبادة الخالق العظيم عز وجل، حيث قال تعالي "إلا ليعبدون" وثانيها هو البلاغ المبين للدين، حيث قال تعالي " إن عليك إلا البلاغ" وثالثها هو إعمار الأرض بإقامة الحضارة، وإحسان الإستخلاف في الأرض.
حيث قال تعالي " واستعمركم فيها" ومن مكونات إقامة الحضارة هو إبراز جمال الخالق وعبادته بالتجمل في الذات حسا ومعنى، وتجميل ما حول الإنسان جميعا فهذه عبادة مهجورة مما يحب الله تعالى، كما ورد في كتاب صحيح مسلم عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله جميل يحب الجمال" وعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من سحب ثيابه لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقال أبو ريحانة رضي الله عنه "لقد أمرضنا ما حدثتنا إني أحب الجمال حتى أجعله في نعلي، وعلاقة سوطي أفمن الكبر ذلك؟" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده لكن الكبر من سفه الحق، وغمص الناس أعمالهم"
وتذكر المصادر وتقول قد رأينا الجمال كله في عطاءات المسلمين منذ القرن الأول، بعد أن إستقرت الدولة الإسلامية، في المصاحف والكتب والمساجد والمباني بتفاصيلها من الأبواب والشبابيك والجدران والأسقف والأرضيات والمقاعد وغيرها، وقد قرأنا سير من يتجملون من أئمة الفقه والدعوة، مثل الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، والإمام أبي حنيفة، والإمام مالك وغيرهم رحمهم الله تعالى، ورضي عنهم، وكما رأينا الجمال كله في عطاءات المسلمين منذ القرن الأول في المباني بتفاصيلها من الأبواب والشبابيك والجدران، والأسقف، والأرضيات والمقاعد، والإكسسوارات، وتفاصيل الملابس والعمائم، وحتى السيوف والرماح والدروع والآنية، ومفردات الحياة اليومية حتى إنهم كانوا يتوسعون في ذلك، ليشمل جدران المبنى كاملة، لا يدعون فيها شبرا غير مزخرف.
ولا ملون ولا معتنى به، وحتى قامت مدارس جمالية فنية على مستوى البقاع والحضارات سواء دولة أموية، وعباسية وعثمانية وفارسية ومغولية وصينية وفاطمية وأيوبية ومملوكية، ومغربية، وأفريقية وغيرها، وحتى إبتدعت فنون لم يكن لأوائل من نزل فيهم الإسلام بها عهد كفنون الخط العربي والزخرفة والتذهيب، والعمارة والزجاج المعشق والنحاسيات والأرابيسك والنسيج والفنون اللغوية والفنون الصوتية والفنون الحركية والفنون المادية وغير ذلك، ولم يحرم الإسلام منها غير ما فيه وثنية أو إستباحة أو تجسيد منهي عنه، ثم إنحدر الحال، حتى مرت بنا عقود، إشتغل فيه فقهاء الدعاة بسبب الحرب الشرسة على الإسلام بالكليات والضروريات، وذهلوا عن هذا الجانب تماما، كما حرّم قطاع من الدعاة المغلقين كل شيء جميل تقريبا.
وحولوا شكل المتدين إلى صورة نمطية ما أظن رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يرضاها، بل فرضوا على المتدين أحيانا زيا من خارج بيئته وعوائد قومه، حتى صار المشلح والغترة الخليجيين، أو اللباس الأفغاني، رمز التدين والإلتزام بالإسلام في مصر والشام، بل والجزائر والمغرب، بل وحتى في أوربا وأميركا، وهذا ما حدا بدرة دعاة القرن العشرين الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى إلى طرح مصطلح الفقه البدوي الذي أنكرته زمانا، وأنكره وقتئذ عدد من الدعاة والمفكرين.
إضافة تعليق جديد