رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 11:28 م توقيت القاهرة

الاجتهاد الانسانى .. والاحتراق الوجدانى

بقلم - صفاء سليمان

نعيش حاليا فى طبيعة عصر تجاوز فيه الإنسان معضلة الزمان والمكان، وأصبح ينتقل بين القارات المتباعدة في وقت أقل مما كان ينتقل به أسلافه بين المدن المتجاورة، وينجز في الساعة الواحدة ما كان يعجز سابقيه عن إنجازه في الأوقات الطويله. وكان ينبغي لذلك كله أن يجعله أكثر متعة، وأقل توتراً. إلا أن ما جرى كان عكس ذلك.
فنحن فى عصر: الأهداف المتبدلة، والتنافسية العالية، والصراع على المكانة، والسمة الجوهرية لها هي السرعة.
وقد جعل ذلك من الإنسان كائناً يلهث طوال الوقت خلف أهدافه الحقيقية أو الافتراضيه ، وانزلاقه في شبكة من الأحداث التي تستنفذ طاقته، وتفسد متعته، وتجعله أكثر عرضة للقلق، والتوتر، والاضطراب الجسدي والمعنوى.
نمط الحياة جعل الأحداث الضاغطة تتخلل حياتنا بأكثر مما تتصور.
فأنت في عملك الوظيفي تتأذى من كثرة المراجعين لك، وخلافاتك المتكررة مع مديرك، وتشعر بأن من هم دونك في السلم الوظيفي لا يقومون بأدوارهم، مما يزيد من أعبائك، وتحس أن وقت العمل أطول مما ينبغي لأنك تؤدي كل عملك في نصف الوقت ثم تضطر إلى الانتظار ريثما ينتهي الدوام، والأكثر من ذلك : أن تشعر أنك لم تخلق لأداء هذا العمل الرتيب بينما أنت مضطر لكسب رزقك بالصبر عليه.
وفي المنزل تشعر بضعف التواصل بينك وبين زوجتك، وخلافاتكما المتكررة في طريقة تربية الأبناء، وتعاني من التغيرات السلوكية لأبنائك في بدايات المراهقة، كما تتأذى من العلاقات الاجتماعية الزائدة التي تكلفك جهداً إضافياً للتواصل معها.
كل هذه الصور معتادة من الضغوط المسببة للتوتر.
مهما كانت وظيفتك فأنت محاط بأسباب الضغوط...
الطالب يعيش ضغوط الامتحانات، والصراع مع الرفاق، وصعوبة التحصيل العلمي في بعض المواد التي لا يجد لها مبرراً بينما هو مطالب بالاجتهاد فيها !!
ورجل الأعمال يجد نفسه في دائرة مغلقة تستنفذ طاقته؛ بين صراعاته مع منافسيه، ومشاكل موظفيه، وتقلبات السوق تمويلاً وكسباً، مما يجعل وقته مرهوناً بتفاصيل عمله، وأعصابه مستثارة للاستجابة على تحدياته.
والمرأة العاملة تعيش ضغوط التوفيق بين متطلبات عملها، وواجبات منزلها من رعاية الأبناء، وأداء حقوق الزوج.
حتى ربة البيت تسمع تذمرها من ضيق وقتها عن القيام بواجباتها، ومشاكلها في تربية أبنائها.
أصبحت الضغوط أشبه بالغلاف الجوي الذي يحيط بك في كل لحظة، وأنت تبحث عن ثقب فيه، تتنفس من خلاله بمتعة وحرية !!
ولكن.. هل هذه الضغوط حقيقية، أم أنها أحداث يومية تحولها طريقة تفكيرنا فيها إلى ضغوط.. وسواء كانت حقيقية أو متخيلة ؛ فهل يمكننا أن ننظر إليها من زاوية أخرى تكون أكثر متعة.....
لا شك أن غايتنا ان نعيش حياة هانئة لا وجود فيها للضغوط او منغصات الحياة. ولكن شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يخلق الإنسان في كبد "لقد خلقنا الإنسان في كبد" (سورة البلد 4) كما اقتضت حكمته جل شأنه أن يكون من طبيعة الحياة الدنيا الخوف والقلق والجوع والفقر والمرض والموت ... فقد قال تعالى: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس الثمرات وبشر الصابرين" (البقرة 155).
وبالرغم من عدم شعورنا بعدم الارتياح إلا أننا نسعى شئنا أم أبينا للتكيف معها. وعملية التكيف هذه تدفعنا للتفكير والبحث عن الحلول مما يجعلنا نتخذ القرارات المناسبة حيال هذه الضغوط ونقوم بالأدوار الفاعلة للتخلص منها أو التكيف معها. ومع السعى الداءم والتنافس في شتى مجلات الحياة، بل حتى هذه الاحباطات والأحزان تعطي الحياة عمقاً والخبرة ثراءاً لم يكن ليحدث بدونها. فهر ثقل للمواهب والخبرة
و تعلم كيفية التعايش مع الضغوط وإدارتها بشكل صحيح وليس محاولة استبعادها بالكلية. لأن الحياة بدون قدر بسيط من الضغط النفسي تصبح باهتة مملة تدعو للكآبة والهموم. وفي المقابل فإن التاثر الزائدعن الحد تجعل الإنسان يشعر بالقيود والإجهاد الذي يدعو للقلق والتوتر. لذلك لا مناص من أن يجد الإنسان له سبيلاً للقبول ببعض الضغوط المتوازنة التي تدفعه ليحقق مراد الله تعالى منه في عمارة الأرض.
ولعل البعض قد يتساءل هنا: وكيف لي أن أعرف القدر المناسب من الضغوط النفسية؟ والحقيقة انه لا يوجد مستوىً معيناً من الضغوط النفسية يناسب كل الناس، فالله لم يخلقنا سواءاً، بل جعلنا مختلفين متباينين في حاجاتنا ورغباتنا وقدراتنا. فما قد يراه البعض مزعجاً قد يراه البعض الآخر ممتعاً وما يراه البعض مقبول خفيف على النفس قد يراه البعض الآخر ثقيل ممل. بل إن ما نتفق على أنه ممل وثقيل ومزعج، فإننا نختلف في استجاباتنا الجسمية والنفسية تجاهه. وما قد يحبه أحدنا ويقدر عليه في مرحلة ما من عمره قد لا يقدر عليه وينزعج منه في مرحلة أخرى.
أما الإجهاد هو كم الاستهلاك التي يمر بها الإنسان في محاولته التكيف مع عالمه المتغير على الدوام من حوله. وهذه العملية تؤدي إلى تأثيرات جسدية ونفسية إيجابية أو سلبية.
يمكن أن نلقي اللوم على المجتمع والحياة وتعقيداتها ومتطلباته ولكن هذا الإسقاط لا يفيد عندما نحاول البحث عن وسائل للتغلب على هذه الضغوط لأننا لا نملك تغيير المجتمع ولا الحياة من حولنا إلا بقدر ما نغير من أنفسنا و أسلوبنا في هذه الحياة والتعامل مع المجتمع من حولنا.
نحيد نظرتناإلى الآخرين فينبغي أن تكون منبثقة من حسن الظن.. والمحبة العامة.. " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "..
والنظرة إلى الظروف المحيطة ليست نظرة لذة.. هذه الحياة لم تخلق فيها لتمنحك كل شيء.. وإنما هي مسرح للاختبار.. " هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ".. فإذا مررت بظروف محبطة.. فستعلم أنها من طبيعة الحياة.. وأنك مأجور عليها إن أنت صبرت،وقال صلى الله عليه وسلم : " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته ".
فعلينا ان محمد المواقف والأولويات وتصنيفها من انها من دائرة الاهتمام ام التاثير
الاستعانة بالله تعالى في كل خطوة.
ويمكننا القول أن الصلاة بهيئتها تعتبر تجسيداً متكاملاً للتأمل الأعمق، وذلك حين تمارس بما ينبغي لها من خشوع لله، وخضوع لعظمته، وشعور بالحضور الإلهي، والمناجاة الصادقة، وهي - بما تحوي من هيئات جسدية متنوعة من وقوف وركوع وجلوس وسجود - تناغم بين حركة الذهن وحركة الجسد وصفاء الروح، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.. ونص على أنها شفاء لمتاعب النفس حين كان يقول : أرحنا بها يا بلال
حدد الموقف الضاغط بالنسبة لك.
انظر إلى أفكارك السلبية، وحولها إلى أفكار إيجابية.
ميز بين المشكلات واقسمها إلى : دائرة الهموم ودائرة التأثير.
واجه الحدث الضاغط ولا تهرب منه.
تعلم الاسترخاء والتأمل.
كن مستعيناً بالله تعالى في كل خطوة والله ولى التوفيق

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.