حوار- د. ايهاب طلعت:
أوضح الدكتور الهندى رفيق عبد البر المليباري بأن الهند أكبر بلد ديموقراطي في العالم وهي جمهورية ليس لها دين خاص بل ان الهنود كلهم أحرار في اختيار مصيرهم الديني. وأرض الهند تعتبر بستان الأديان والثقافات حيث إنها قد أنجبت مثل الهندوسية والبوذية والسيخية، ورحبت الإسلام واليهودية والنصرانية. وعدد المسلمين فيها يزداد على 185 مليون تقريبًا حسب الإحصائيات الجديدة، وهو يعادل نصف سكان البلاد العربية، وهذا العدد يشكل 14 في المائة من مجموع سكان الهند البالغ عددهم حوالي مليار وثلاثمائة مليون. ويعتبر مسلمو الهند أكبر أقلية دينية في العالم. والمسلمون في الهند حاليا يعانون من مشكلات شتى في حياتهم، ومنها: عدم قيادة تقوم بتوعيتهم الصحيحة وتوحّد مواقفهم الدينية والثقافية والاجتماعية
مشيرا إلى أن موضوع رسالتي للدكتوراه: "الجهود الفقهية للإمام أحمد زين الدين المخدوم المليباري الهندي (ت 1028هـ/ 1619م) ودوره في نشر المذهب الشافعي في جنوب الهند". إن الإمام المليباري إمام شافعية الهند، وصاحب كتاب فقهي مشهور "فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين"، وقد نال كتابه هذا منزلة عالية بين كتب الفقه على مذهب الإمام الشافعي- رحمه الله - حيث أنه يبقى متداولًا بين الشافعية في كثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية
مبينا: إن المسلمين الهنود ينتمون إلى تيارات مختلفة، وهذه التيارات تحمل في أفكارها واتجاهاتها نفس الأفكار الموجودة في العالم العربي والإسلامي مثل التيارات الوسطية والحركية والمتشددة واللبرالية واليسارية وفى أطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالى:
*فى البداية سألناه ...ماذا عن المؤهلات العلمية؟
**الثانوية العامة من وزارة التربية والتعليم حكومة كِيرالا، الهند، سنة 1998. وبكالريوس في الدراسات الإسلامية واللغة العربية من كلية الشيخ أبوبكر للآداب والدراسات الإسلامية/ جامعة تَنْسِيقِ الكُلِّياتِ الإسلاميةِ، كِيرالا، الهند سنة 2004. وبكالريوس في اللغة الإنجليزية وأدبها من جامعة كَالِيكُوت، كِيرالا، الهند سنة 2005. وماجستير في أصول الدين من كلية الشيخ أبوبكر للآداب والدراسات الإسلامية/ جامعة تَنْسِيقِ الكُلِّياتِ الإسلاميةِ، كِيرالا، الهند سنة 2006.وماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة إِندِرَا غَاندِي، دَلْهِي، الهند، سنة 2007م.وماجستير في الأدب العربي من جامعة كَالِيكُوت، كِيرالا، الهند سنة 2008م.وتمهيدي ماجستير في التفسير وعلوم القرآن من كلية أصول الدين والدعوة/ جامعة الأزهر الشريف سنة 2011م. والتحقت بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة في قسم الشريعة الإسلامية سنة 2012. ومدرِّس في كلية السيد بَافَقِيهْ للآداب والدراسات الإسلامية، جامعة تَنْسِيقِ الكُلِّياتِ الإسلاميةِ من سنة 2006 إلى 2007.ومدرس في كلية الدراسات الإسلامية بـ"كُوتشِنْ"، كيرالا، سنة 2008 ومدرِّس في كلية الشيخ أبوبكر للآداب والدراسات الإسلامية، جامعة تَنْسِيقِ الكُلِّياتِ الإسلاميةِ سنة 2013.
الأدب الانجليزى
*كيف مررت برحلتك العلمية بالهند وبمصر؟
**التحقت بعد الثانوية العامة بكلية الشيخ أبو بكر للآداب والدراسات الإسلامية/ جامعة تنسيق الكليات الإسلامية بكيرالا- الهند؛ وحصلت على درجة الليسانس في الدراسات الإسلامية واللغة العربية، وعلى الماجستير في أصول الدين من هذه الكلية، كما حصلت على البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة كاليكوت، وماجستير في الأدب الإنجليزي من جامعة إِندِرَا غَاندِي بدَلْهِي وماجستير في الأدب العربي من جامعة كَالِيكُوت. ثم بفضل الله تعالى وكرمه وصلت إلى مصر سنة 2008 والتحقت بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف في مرحلة الدراسات العليا في قسم التفسير وعلوم القرآن حسب الاتفاقية بين جامعة الأزهر الشريف وبين جامعتنا جامعة تنسيق الكليات الإسلامية وحصلت على تمهيدي ماجستير، ثم التحقت بكلية دار العلوم/ جامعة القاهرة حيث وفقني الله فيها بالحصول على درجة الدكتوراه في قسم الشريعة الإسلامية. ولجامعتنا عضوية في "رابطة الجامعات الإسلامية" بالقاهرة ولها علاقات علمية وثقافية مع عدد من الجامعات العالمية والهندية وعدد من المعاهد والمراكز العلمية حيث وقعت معه جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة اتفاقية التعاون العلمي والثقافي كما وقعت معه اتفاقية التعاون العلمي والثقافي وزارة الأوقاف المصرية ومعهد البحوث والدراسات العربية بجامعة الدول العربية بالقاهرة والرابطة العالمية لخريجي جامعة الأزهر الشريف، وجامعة عليكر الإسلامية بالهند، وجامعة همدرد بالهند.
كتاب فقهى
*ماذا عن رسالتك للدكتوراه في جامعة القاهرة؟
**موضوع رسالتي للدكتوراه: "الجهود الفقهية للإمام أحمد زين الدين المخدوم المليباري الهندي (ت 1028هـ/ 1619م) ودوره في نشر المذهب الشافعي في جنوب الهند". إن الإمام المليباري إمام شافعية الهند، وصاحب كتاب فقهي مشهور "فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين"، وقد نال كتابه هذا منزلة عالية بين كتب الفقه على مذهب الإمام الشافعي- رحمه الله - حيث أنه يبقى متداولًا بين الشافعية في كثير من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، ويدرّس في كثير من المعاهد والكليات والجامعات الإسلامية في بلاد: مثل اليمن والحجاز والشام وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وسريلنكا وسوماليا وجنوب الهند وغيرها، وهو يُعتبر مرجعًا معتمدًا في المسائل والأحكام الفقهية بين شافعية الهند. ففي رسالتي يأتي الحديث عن كل مؤلفاته الفقهية ومنهجه في تأليفها وترتيب الأبواب والفصول فيها، ومصطلحاته ومصادره الفقهية التي استخدمها فيها، ومنزلتها ومكانتِها بين الكتب الفقهية في المذهب الشافعي والأعمال العلمية التي قام بها العلماء والفقهاء حول هذه المؤلفات؛ من شروح وحواش ونظم وترجمات، ثم عن حلقات دروسه العلمية، والأنشطة العلمية والاجتماعية والسياسية الأخرى التي أدت دورًا مهمًّا في نشر المذهب الشافعي في جنوب الهند.
الأديان والثقافات
*عن الهند وعن أحوال المسلمين فيها؟
**الهند أكبر بلد ديموقراطي في العالم، وهي جمهورية ليس لها دين خاص بل ان الهنود كلهم أحرار في اختيار مصيرهم الديني. وأرض الهند تعتبر بستان الأديان والثقافات حيث إنها قد أنجبت مثل الهندوسية والبوذية والسيخية، ورحبت الإسلام واليهودية والنصرانية. وعدد المسلمين فيها يزداد على 185 مليون تقريبًا حسب الإحصائيات الجديدة، وهو يعادل نصف سكان البلاد العربية، وهذا العدد يشكل 14 في المائة من مجموع سكان الهند البالغ عددهم حوالي مليار وثلاثمائة مليون. ويعتبر مسلمو الهند أكبر أقلية دينية في العالم. والمسلمون في الهند حاليا يعانون من مشكلات شتى في حياتهم، ومنها: عدم قيادة تقوم بتوعيتهم الصحيحة وتوحّد مواقفهم الدينية والثقافية والاجتماعية حسبما تتطلب الأحوال والظروف، بل هم متفرقون فيما بينهم في أمورهم الدينية وغيرها.
ومنها أيضًا: نقص الثقافة الدينية الحقيقة؛ لأنهم يعيشون في الجهل والخرافات، خاصة في شمال الهند هناك مراكز العلوم الشرعية المشهورة عالميًّا والمتبحرون من العلماء، ولكن عامة الناس بعيدون كل البعد عن العلوم الدينية بل عن الثقافة العامة. والمشكلة الأخرى المشكلة السياسية؛ حيث لا توجد أحزاب أو جماعات تمثل هذه الأقلية الكبيرة أو تطالب بحقوقها في البرلمان أوالمجالس التشريعية المختلفة حتى أصبح المسلمون ألعوبة في أيادي الأحزاب السياسية تلعب بهم كما تشاء.
المناطق الهندية
*في أي منطقة تعيش في الهند؟ وماذا تقول عنها؟
**أعيش في أقصى جنوب الهند في "ولاية كِيرَالَا" التي يشكل المسلمون ربع سكانها، وتختلف أحوالها عن بقية المناطق الهندية في الأمور الكثيرة، إنها لمن الأرضيات الغنية بالمناخ الملائم للدعوة الإسلامية، وللإسلام والمسلمين فيها حضور كثيف في الماضي حيث يرجع تاريخ دخول الإسلام فيها إلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تثبته الوثائق التاريخية، وفي الحاضر حيث يديرون آلاف المدارس الإسلامية والكليات العربية والجامعات الإسلامية والمعاهد الإسلامية الأخرى تحت إشراف جمعيات مختلفة، وحيث يشترك حزب رابطة المسلمين الذي هو ثالث أكبر الأحزاب السياسية بالولاية شعبية ونفوذًا في حكم البلاد ولا يزال يحتل المرتبة الثانية في الحكومات الائتلافية المتناوبة في الولاية.
المنهج الوسطى
* حدثنا عن أهم التيارات الإسلامية في الهند؟
**إن المسلمين الهنود ينتمون إلى تيارات مختلفة، وهذه التيارات تحمل في أفكارها واتجاهاتها نفس الأفكار الموجودة في العالم العربي والإسلامي مثل التيارات الوسطية والحركية والمتشددة واللبرالية واليسارية، ولكن نستطيع القول بأن معظم المسلمين في الهند يتبعون المنهج الوسطي المعتدل الذي يمثله الإسلام الحنيف.
المراكز الإسلامية
*ماذا عن التعليم الديني في الهند؟
**وفي الهند يوجد كثير من المدارس والكليات والمعاهد الإسلامية، فتوجد في شمالها معاهد دينية عريقة مثل دار العلوم ندوة العلماء في "لكهناو" والجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند وغيرها من المعاهد الكثيرة. وأما في منطقتنا - في ولاية كيرالا- توجد جمعيات مختلفة تقوم بمهمة التعليم الديني بين المسلمين، وفي مقدمتها "جمعية العلماء لعموم كيرالا" (المشهورة بـ"سَمَسْتَ"). وهذه الجمعية الدينية تقوم بنشاطات مركزة تهدف بها تثقيف المسلمين بالثقافة الإسلامية الصحيحة؛ إلى جانب العلوم الإنسانية والعلمية وتدير لتحقيق هذا الغرض النبيل آلاف المدارس ومئات الكليات والدروس التقليدية، وكثير من المعاهد والمراكز الإسلامية. وتشرف إدارة هيئة التعليم الإسلامي التابعة لهذه الجمعية على أكثر من تسعة آلاف مدرسة إسلامية - ما بين ابتدائي وثانوي- تقع في مختلف أنحاء الهند. ومن أبرز نشاطات هذه الجمعية أنها تقوم بإدارة عدد من الجامعات، والكليات، والمعاهد، والمراكز الإسلامية في مختلف أنحاء الهند. ومنها: الجامعة النورية العربية، وجامعة دار الهدى الإسلامية، وجامعة تنسيق الكليات الإسلامية، ومركز التربية الإسلامية، ومركز الثقافة الإسلامية، وغيرها.
بلدى وأهلى
*ماذا تقول عن مصر وأهلها؟
**إن مصر بلد العلم والعلماء وبلد الأزهر الشريف ولا أدري كيف أعبِّر عن إعجابي وتقديري لأهل مصر على سعة قلوبهم وانشراح صدورهم في رعاية طلبة العلم عامة والطلاب الوافدين خاصة، فيساعدون الطالب الوافد على دراسته بتوفير كل ما يحتاجه أثناء دراسته فيها من الخدمات العلمية والمنحة الدراسية وغيرها. وأنا أحب مصر وأهلها كما أحب بلدي وأهلي لأني قد استفدت منها كثيرًا من علمائها ومن أزهرها ومن أهلها، أسأل الله أن يتقبل منهم هذه الخدمات وأن يجزيهم خير الجزاء.
الأمة المسلمة
*ماذا تقول عن الأزهر الشريف وعن دوره المأمول تجاه المسلمين الهنود؟
**الأزهر الشريف مؤسسة عريقة لها دور ريادي في قيادة الأمة المسلمة في العالم كله والمسلمون الهنود يحتاجون إلى توجيهاته وإرشاداته في نشر الإسلام الوسطي في كل أنحائها، وذلك من خلال تأسيس فروع لجامعة الأزهر في أماكن مختلفة في الهند، والبعثات الأزهرية وإقامة الندوات والمؤتمرات، وزيادة عدد المنح الأزهرية لطلاب الهنود في جامعة الأزهر حيث إن عددها لا يتفق نسبيًّا مع حجم هذه الأقلية الكبيرة.
مجال الدعوة
*ماذا عن خطتك المستقبلية؟ وماذا سيكون دورك في الهند؟
**إن شاء الله تعالى سوف أكون في مجال الدعوة والإرشاد والتدريس والتعليم، وأرجو أن أكون مساعدًا لأساتذتنا وعلمائنا ومشاركًا معهم في خدماتهم الدعوية والعلمية والتربوية؛ خاصة في تطوير جامعتنا جامعة تنسيق الكليات الإسلامية، وفي الأعمال الدعوية لجمعية العلماء لعموم كيرالا- الهند. وأرجو منكم الدعاء الخالص للتوفيق النجاح.
إضافة تعليق جديد