رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 1:51 ص توقيت القاهرة

الدكرورى وحديث عن الهادى البشير

بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى
تعيش ألأمة الإسلاميه هذه الأيام ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فميلاده ميلاد أمة وميلاد فجر جديد سطع على البشرية ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد

ولكن ماذا علينا فعله فى ذكرى ميلاد النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وهو أن نعلم جيدا أنه إذا أردنا النهوض بأنفسنا وبهذه الأمة علينا أن نتبع سنة رسول الله صلى الله علية وسلم وأن نحيي ذكرى مولد رسول صلى الله عليه وسلم بمعرفة ما له من حقوق علينا وأن نؤدي ونتبع ونتتبع هذه الحقوق ونطبقها كما أرادها الله ورسوله العظيم، وأن نقرأ سيرة السلف كيف طبقوا محبته صلى الله علية وسلم قولاً وعملاً وعقيدة.

ورسول الله صلى الله علية وسلم له علينا حقوق وواجبات كثيرة منها ،أن نحبه أكثر من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين قال عليه السلام: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين"، أي لا يكتمل ولا يصح إيمان الإنسان إلا بهذا القدر من الحب.

وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للرسول صلى الله عليه وسلم: "لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي"، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من كل شيء حتى من نفسك"، ففكر عمر مليًّا ثم جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء حتى من نفسي" فقال له الرسول عليه السلام: "الآن يا عمر"، أي الآن كمل إيمانك.

كيف لا والله عز وجل يقول: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أي النبي أولى بالمحبة من نفسك التي بين جنبيك النبي يدعوك إلى الجنة والنجاة من النار ونفسك تدعوك إلى النار (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربى إن ربى غفور رحيم)، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".

ولكن نحن قدمنا حب الدنيا على حب الله ورسوله حب الأموال والأولاد والعشيرة والتجارة على حب الله والرسول والجهاد في سبيل الله، فتعالوا معنا عباد الله إلى صور حية عاشها الصحابة فطبقوا من خلالها هذه المحبة عملاً وإيمانًا وعقيدة وسلوكًا وأخلاقًا.

فها هو أبو بكر رضي الله عنه عندما سمع النبي عليه السلام يودع أمته على المنبر يقول لهم: "إن الله عز وجل خيَّر عبدًا ما بين أن يُخلّد في الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله"، فبكى أبو بكر بكاء شديدًا فقال: "نفديك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله"، فعرف أن رسول الله سيغادر هذه الدنيا.

وهذا هو عروه بن مسعود ممثل الكفار في صلح الحديبية حاول أن يلمس لحية النبي عليه السلام وهو يتكلم معه، فضرب الصحابي الجليل المغيرة بن شعبة يده بنصل السيف، وقال له: " أخِّر يدك عن رسول الله وإلا لا ترجع إليك " فلما رجع عروة بن مسعود إلى الكفار قال لهم: "والله يا قوم لقد وفدت على الملوك والأمراء وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله ما رأيت ملكًا قط يعظّمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما يتنخم النخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم، فدلك وجهه وجلده، وإن أمرهم نفذوا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على فضل وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، ولا يحدّون النظر إليه؛ تعظيمًا له", نعم إنها شهادة من أعداء الله وأعدائه لصحابته على حبهم لنبيهم.

وهذا أحد الصحابة أخذه كفار مكة وعذبوه عذابًا شديدًا، وقالوا له وهو تحت التعذيب: أتحب أن محمدًا مكانك وأنت سالم معافى في أهلك ومالك، فصاح فيهم وقال: "والله ما أحب أني في أهلي ومالي وولدي معافى ويصاب رسول الله بشوكة" .

ومحبة النبي تكون باتباعه ومحبته توجب الجنة ورفقته فيها، ولكن كما أسلفنا محبته العملية والعقدية والحقيقية هي التي توجب ذلك ، وإن أولى الناس بمحمد عليه السلام هم الذين اتبعوه وتمسكوا بسنته، أما الذين يدّعون محبة النبي ويخالفون سنته ومنهجه، فهؤلاء على بعد من الصدق، إن أولى الناس بشفاعة الرسول هم أهل سنته، إن أولى الناس بحوض النبي أكثرهم عليه صلاة، وإن أولى الناس بصحبته في الجنة هم محبوه.

قال أبو ذر رضي الله عنه: "يا رسول الله! الرجل يحب القوم، ولا يستطيع أن يعمل بعملهم" فقال عليه السلام: "فإنك مع من أحببت يا أبا ذر"، فقال أبو ذر: فإني أحب الله ورسوله، فقال عليه السلام: "فإنك مع من أحببت"، فأعادها أبو ذر ثلاثًا، وأعادها الرسول عليه السلام كذلك، نعم دخلت محبة أشخاص مكان محبة رسول الله فعظمناهم، وأصبحوا شغلنا الشاغل من مطربين ولاعبين وممثلين وهواه للباطل وقادة وطواغيت لا يحكمون بما أنزل الله فالمرء مع من أحب يوم القيامة.

ومن حق النبي عليه السلام وواجبه علينا أن نتأدب معه عليه السلام في حياته ومع سنته بعد وفاته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، أي لا تعترضوا على الله ورسوله لا في أنفسكم ولا في أمور دينكم ودنياكم، ولا تقولوا في قضية حتى يقول فيها الرسول عليه السلام فكان أناس يقولون لو أنزل في كذا وكذا فكره الله ورسوله هذا الكلام ولقد تأدب أصحاب النبي بهذا الأدب مع الله ورسوله، فما عاد أحد منهم يقترح على الله ورسوله فما عاد قائل يقول قبل أن يقول الله ورسوله، بل إنهم من شدة تأدبهم مع الله ورسوله أمسكوا عن الإجابة وهم يعلمونها خشية أن يكون في الإجابة تقديم بين يدي الله ورسوله.

فعندما خطب النبي عليه السلام خطبة الوداع في حجة الوداع فكان من خطبته: "أي يوم هذا"؟ وهم يعلمون أنه يوم النحر ورسول الله يعلم، ثم قال: "أي شهر هذا"؟ وهم يعلمون أنه شهر ذي الحجة ثم قال: "أي بلد هذا"، وهم يعلمون أنه البلد الحرام ومع هذا قالوا: الله ورسوله أعلم؛ تأدبًا مع رسول الله.

فأين نحن من هذا التأدب وهذه المحبة وهذا الوقار لرسول الله، أصبحنا نعظم كلام الناس وكلام القادة والشعراء والعلماء أكثر من تعظيمنا لكلام رسول ونقف عند كلامهم بالتفسير والتحليل والوقار والهيبة فإن دل على شيء دل على ضعف إيماننا وعقولنا فلم نعد نفرق بين كلام الوحي وكلام البشر، وأصبحنا نتجرأ على سنة الرسول بالرد والإنكار والتضعيف والاستغراب.

ويقول ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استأذن امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها" فقال بلال بن عبد الله: "والله لنمنعهن منه" فنهره عبد الله بن عمر نهرًا شديدًا، وقال: "أخبرك عن رسول الله وتقول والله لنمنعهن".

وها هو ابن عباس أفتى بجواز التمتع بالعمرة إلى الحج عن رسول الله قالوا: لكن أبو بكر وعمر يقولان خلاف ذلك، فغضب غضبًا شديدًا، وقال: "يوشك أن ترجموا بحجارة من السماء، أقول قال رسول الله وتقولون أبو بكر وعمر يقولان خلاف ذلك" .

فنحن تركنا سنة رسول الله وتمسكنا بالبدع وبما تمليه علينا أهواؤنا وشهواتنا ورغباتنا وقدمنا رضا الناس على رضا الله ورسوله فلا عزة للفرد ولا للأسرة ولا للأمة إلا باتباع نهج وسنة رسول الله، وتقديم ذلك على كل هوى أو نزعة، فمثلاً في صلح الحديبية فلما التئم الأمر ولم يبق إلا الكتاب غضب عمر رضي الله عنه عندما أحس بأن الصلح فيه إجحاف لحق المسلمين فوثب عمر بن الخطاب، فأتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، أليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى؛ قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى؛ قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر، الزم غرزه، فأني أشهد أنه رسول الله؛ قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله،

ومن حقه عليه الصلاه والسلام أن نكثر من الصلاة عليه انسجامًا مع قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) وقوله عليه السلام: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا" رواه مسلم وقوله: "إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاة"، وقوله: "البخيل من ذُكرت عنده ولم يصل عليّ"..

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.