رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 28 مايو 2024 5:33 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن أبو بكر الصديق " الجزء الحادى عشر "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الحادى عشر مع الصحابى الجليل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وقد توقفنا مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه، عندما ذهب هو وأبى بكر الصديق سقيفة بنى ساعده، وقال فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر أي يخرجونا من أمر الخلافة، ويقصد الأنصار، فلما سكت أردت أن أتكلم، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر الصديق، على رسلك، فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني كنت أردت أن أقولها إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت، فقال "ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يُعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، وهم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم" فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها، والله أن أقدَّم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر الصديق.

اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن، فقال قائل من الأنصار، أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف فقلت لأبي بكر، ابسط يدك، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار، وفي رواية أخرى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يا معشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر رضي الله عنه؟ فقالت الأنصار، نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر، وفي رواية أخرى، فتكلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فلم يترك شيئا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، من شأنهم إلا وذكره، وقال، ولقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال " لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا سلكت وادي الأنصار" ولقد علمت يا سعد وهو يقصد سعد بن عبادة الخزرجي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال وأنت قاعد " قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم" فقال له سعد، صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء، وخطب أبو بكر الصديق رضى الله عنه، معتذرا من قبول الخلافةفقال " والله ما كنت حريصا على الإمارة يوما ولا ليلة قط، ولا كنت فيها راغبا، ولا سألتها الله عز وجل في سر وعلانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمرا عظيما ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني" وقد ثبت أنه رضى الله عنه قال " وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين، أبي عبيدة أو عمر بن الخطاب، فكان أمير المؤمنين وكنت وزيرا" وكما قال رضى الله عنه "أيها الناس، هذا أمركم إليكم تولوا من أحببتم على ذلك، وأكون كأحدكم" فأجابه الناس، رضينا بك قسما وحظا، وأنت ثاني اثنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قام باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته.

واستحلفهم على ذلك فقال "أيها الناس، أذكركم الله أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه" فقام علي بن أبي طالب ومعه السيف، فدنا منه حتى وضع رجلا على عتبة المنبر والأخرى على الحصى وقال " والله لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذا يؤخرك؟" وبعد أن تمت بيعة أبي بكر الصديق رضى الله عنه، وهى البيعة الخاصة في سقيفة بني ساعدة، فقد اجتمع المسلمون في اليوم التالي للبيعة العامة، فقال أنس بن مالكرضى الله عنه، لما بويع أبو بكر الصديق في السقيفة وكان الغد، جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر بن الخطاب فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال " أيها الناس، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت وما وجدتها فى كتاب الله، ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنى قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدبر أمرنا، وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم.

فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه" فبايع الناس أبا بكر الصديق بعد بيعة السقيفة، ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله، ثم قال" أما بعد أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله" وقال عمر لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر، فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة، وقد سأل عمرو بن حريث سعيد بن زيد فقال له أشهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قال نعم، فقال له متى بويع أبو بكر؟ قال سعيد، يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، كره المسلمون أن يبقوا بعض يوم، وليسوا في جماعة، قال هل خالف أحد أبا بكر؟ قال سعيد لا، لم يخالفه إلا مرتد أو كاد أن يرتد، وقد أنقذ الله الأنصار، فجمعهم عليه وبايعوه، فقال هل قعد أحد من المهاجرين عن بيعته؟ قال سعيد لا، لقد تتابع المهاجرون على بيعته، وقد وردت أخبار كثيرة في شأن تأخر الإمام علي بن أبي طالب عن مبايعة أبي بكر الصديق، وكذا تأخر الزبير بن العوام، وقال ابن عباس رضى الله عنهما، إن علي بن أبى طالب، والزبير بن العوام، ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد انشغلت جماعة من المهاجرين وعلى رأسهم علي بن أبي طالب بأمر جهاز الرسول صلى الله عليه وسلم، من تغسيل وتكفين، وقد روى الصحابي سالم بن عبيد أن أبا بكر قال لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى رأسهم علي "عندكم صاحبكم" فأمرهم يغسلونه.

وقد بايع الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب أبا بكر الصديق رضى الله عنه، في اليوم التالي لوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يوم الثلاثاء، وقال أبو سعيد الخدري، لما صعد أبو بكر الصديق المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم يرى الزبير بن العوام، فدعا بالزبير فجاء، فقال له أبو بكر الصديق رضى الله عنه، يا ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحواريه، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟ فقال الزبير، لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام الزبير فبايع أبا بكر، ثم نظر أبو بكر في وجوه القوم، فلم يرى علي بن أبي طالب، فدعا بعلي فجاء، فقال له أبو بكر، يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وختنه على ابنته، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟ فقال علي، لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام علي فبايع أبا بكر، وقيل، كان علي بن أبي طالب في بيته، فأتاه رجل، فقال له قد جلس أبو بكر للبيعة، فخرج علي إلى المسجد في قميص له، ما عليه إزار ولا رداء وهو متعجل، كراهة أن يبطئ عن البيعة، فبايع أبا بكر ثم جلس، وبعث في ردائه، فجاؤوه به فلبسه فوق قميصه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.