رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 28 مايو 2024 3:15 م توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن أبو بكر الصديق " الجزء الرابع عشر "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع عشر مع الصحابى الجليل خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وقد توقفنا مع الصحابى عكرمه بن أبى جهل عندما أمره أبو بكر الصديق أن يتوجه إلى سلطنة عمان، وحينما دخل منطقة المهرة وجدها مقسمة بين زعيمين متناحرين وهما شخريت، والمصبح، فدعاهما عكرمة إلى الإسلام فاستجاب شخريت وأبى المصبح، فصادمه عكرمة ومعه شخريت، فلحقته الهزيمة وقتل ومعه الكثير من أصحابه، ثم أقام عكرمة فيهم يجمعهم حتى بايعوا على الإسلام وآمنوا واستقروا، وكان قد تلقى كتابا من أبي بكر الصديق يأمره بالاجتماع مع المهاجر بن أبي أمية القادم من صنعاء ليتوجها معا إلى قبيلة كندة، فخرج من المهرة حتى نزل أبين وبقي هناك ينتظر المهاجر، وعمل وهو هناك على جمع قبائل النخع وحمير وتثبيتهم على الإسلام، وأما جيش المهاجر بن أبي أمية فقد كان آخر من خرج من المدينة من الجيوش الأحد عشر، ولما وصل نجرانقسم جيشه إلى فرقتين.

فرقة تولت القضاء على فلول الأسود العنسي المتناثرة بين نجران وصنعاء، وكان المهاجر نفسه على هذه الفرقة، وفرقة عليها أخوه عبد اللهمهمتها القضاء على بقية المرتدين في تهامة اليمن، واستقر المهاجر في صنعاء حتى تلقى الأمر بالتوجه لملاقاة عكرمة، وأن يسيرا معا إلى حضرموت لمعاونة زياد بن لبيد الأنصاري والي كندة بحضرموت، فقد كان الأشعث بن قيس قد هاجم زيادا، فأرسل زياد إلى المهاجر وعكرمة يستعجلهما النجدة، فما كان من المهاجر إلا أن ترك عكرمة إلى الجيش وأخذ أسرع الناس ليكونا بجانب زياد، فاستطاع أن يفك الحصار عنه، وهربت قبائل كندة إلى حصن من حصونها يسمى النجير، فنزل زياد والمهاجر عليه، ثم قدم عكرمة فنزل عليه فحاصروهم من جميع الجهات، ثم بعث المهاجر الطلائع إلى قبائل كندة والمتفرقين يدعوهم إلى الإسلام ومن أبى قاتلوه، فلم يبق منهم إلا من في الحصن المحاصر، وعمل جيشا زياد والمهاجر على التضييق على من في الحصن.

فاتفق زعماؤهم على أن يقوم الأشعث بن قيس بطلب الأمان والنزول على حكم المسلمين، ولكن الأشعث غدر بهم ولم يطلب الأمان لجميع من في الحصن، فكان من جراء ذلك أن قُتل من قبائل كندة في الحصن سبعمائة قتيل، وقد ادعى طليحة بن خويلد الأسدي النبوة في آخر عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعسكر في منطقة تسمى سميراءواتبعه العوام وقويت شوكته، فبعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ضرار بن الأزور الأسدي لمقاتلته، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُحسم أمر طليحة، فلما تولى أبو بكر الصديق رضى الله عنه الخلافة فقد وجه إليه جيشا بقيادة خالد بن الوليد، وكان طليحة الأسدي في قومه بني أسد وفي غطفان، وانضم إليهم بنو عبس وذبيان، وبعث إلى بني جديلة والغوث من طيء يستدعيهم إليه، فبعثوا أقواما منهم ليلحقوهم على أثرهم سريعا، وجاء خالد في الجنود، وعلى مقدمة الأنصار الذين معه ثابت بن قيس بن شماس، والتقى خالد مع طليحة الأسدي بمكان يقال له بزاخة.

فكانت معركة بزاخة، وجاء طليحة فيمن معه، وقد حضر معه عيينة بن حصن في سبعمائة من قومه بني فزارة، واصطف الناس، وجعل عيينة يقاتل حتى انهزم وانهزم الناس عن طليحة، فلما جاءه المسلمون ركب على فرس كان قد أعدها له وأركب امرأته النوار على بعير له، ثم انهزم بها إلى الشاموتفرق جمعه، وبعد ذلك أسلم عيينة بن حصن وطليحة الأسدي وحسن إسلامهما، وندم طليحة على ما فعل، وقد ادعت امرأة تسمى سجاح بنت الحارثالنبوة، وهي من نصارى العرب، وكان معها جنود من قومها ومن التف بهم، وقد عزموا على غزو الخليفة أبي بكر الصديق، فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم، وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي، وتخلف آخرون منهم عنها، ثم أقنعها بنو تميم بقصد اليمامة لتأخذها من مسيلمة الكذاب، فلما سمع مسيلمة بمسيرها إليه خافها على بلاده، فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لو عدلت، فقبلت ذلك.

ثم قال لها "هل لك أن أتزوجك وآكل بقومي وقومك العرب؟ قالت نعم، وأقامت عنده ثلاثة أيام ثم رجعت إلى قومها، ثم انثنت راجعة إلى بلادها، فرجعت إلى الجزيرة بعدما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه، فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية بن أبي سفيان، فأجلاهم منها عام الجماعة، وكان أهل سلطنة عمان قد استجابوا لدعوة الإسلام، ولكن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ادعى منهم رجل يقال له ذو التاج، لقيط بن مالك الأزدي النبوة، وتابعه بعض أهل عمان فتغلب عليها، وكان عليها جيفر وعباد ابنا الجلندي، فألجأهما إلى أطرافها من نواحي الجبال والبحر، فبعث أبو بكر الصديق رضى الله عنه، إلى جيفر أميرين هما، حذيفة بن محصن الغلفاني وعرفجة بن هرثمة البارقي، وأرسل عكرمة بن أبي جهل القرشي مددا لهم، وبلغ لقيط بن مالك مجيءُ الجيش، فخرج في جموعه فعسكر بمكان يقال له دبار، وهي مصر تلك البلاد وسوقها العظمى، واجتمع جيفر وعباد ابنا الجلندي بمكان يقال له صحار.

فعسكروا فيه وبعثا إلى أمراء أبي بكر فقدموا، فتقابل الجيشان هناك وتقاتلوا قتالا شديدا، وابتلي المسلمون وكادوا أن يُولوا، فبُعث إليهم مدد من بني ناجية وعبد القيس في جماعة من الأمراء، فلما وصلوا إليهم كان النصر للمسلمين، فولى المشركون مدبرين، ولحقهم المسلمون فقتلوا منهم عشرة آلاف مقاتل، وسبوا الذراري وأخذوا الأموال والسوق بحذافيرها، وأما أهل البحرين فقد أسلموا بعدما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، العلاء بن الحضرمي إلى ملكها وحاكمها المنذر بن ساوي العبدي، وقد أسلم هو وقومه وأقام فيهم الإسلام والعدل، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي المنذر بعده بمدة قصيرة، ارتد أهل البحرين وملكوا عليهم المنذر بن النعمان الغرور، وبقيت بلدة جواثا على الإسلام، وكانت أول قرية أقامت الجمعة من أهل الردة، فحاصرهم المرتدون وضيقوا عليهم ومنعوا عنهم الأقوات وجاعوا جوعا شديدا حتى فرج عنهم، وبعث أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بجيش إلى البحرين بقيادة العلاء بن الحضرمي.

فلما دنا من البحرين انضم إليه كثير من المسلمين، فاجتمع إليه جيش كبير قاتل به المرتدين، وتم النصر للمسلمين، وقد ادعى مسيلمة بن حبيب الحنفيالنبوة في عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان قومه بنو حنيفة في اليمامة قرب العيينة بوادي حنيفة في نجد، فلما تولى أبو بكر الصديق الخلافة أمر خالد بن الوليد إذا فرغ من بني أسد وغطفان أن يقصد اليمامة، فسار خالد بن الوليد إلى اليمامة وجهَّز معه المسلمين، وكان على الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، فسار لا يمر بأحد من المرتدين إلا نكل به، وسيَّر أبو بكر الصديق رضى الله عنه، جيشا كثيفا ليحمي ظهر خالد بن الوليد، فلما سمع مسيلمة بقدوم خالد عسكر بمكان يقال له عقرباء في طرف اليمامة، وجعل على مجنبتي جيشه، المحكم بن الطفيل، والرجال بن عنفوة، والتقى خالد بعكرمة وشرحبيل، فتقدم وقد جعل على مقدمة الجيش شرحبيل بن حسنة وعلى المجنبتين زيد بن الخطاب وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.