رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 14 مايو 2024 10:07 م توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الإستعداد لشهر رمضان " الجزء السادس عشر "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس عشر مع الإستعداد لشهر رمضان، وعلينا أن نستعد لرمضان بتطهير أنفسنا من المعاصى والسيئات وتنقية قلوبنا من الشرور والآفات ويكون ذلك بالتوبة النصوح، فالمعاصي تقسي القلوب، وتثبط عن العمل، وتهون الوقوع في الآثام، فالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر، واعلموا أن يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، وينادي عباده ويقول كما جاء فى كتابه الكريم " قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " وأما الوقفة الثانية فهو أنه علينا أن نعود إلى كتاب الله عز وجل في هذا الشهر الكريم، ونعيش في رحابه، ونحرص على أن لا نكون ممن يدخل في قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " يا رب إن قومى اتخذوا القرآن مهجورا" ومن مر عليه رمضان ولم يختم فيه القرآن فليعلم أنه محروم استحوذ عليه الشيطان فأنساه ذكر الله.

وأما عن الوقفة الثالثة وهى أنه ليحرص كل واحد منا أن يكون في رمضان مثالا للمؤمنِ الحق، الذى يُعرف بحُسن أخلاقه، فيحترم الكبير، ويعطف على الصغير، ويصل الرحم، وهكذا فإن شهر رمضان هو موسم تضاعف فيه الأجور والحسنات، وهذه الشهور على رأسها شهر رمضان، والأشهر الحُرم، وشهر الله المحرّم، وشهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال إلى الله، وفضل بعض الليالي والأيام على بعض، كما فضل ليلة القدر والليالي العشر الأخيرة وأوتارها من رمضان، والعشر الأوائل من ذى الحجة، فله الحمد سبحانه على ما عوّضنا من قصر أعمارنا مواسم تضاعف فيها الأجور، وتكفر السيئات، وترفع الدرجات، فله الحمد على نعمه المنان الكريم ونحن عباد وظيفتنا طاعته، وظيفتنا عبادته، وظيفتنا التقرب إليه، خُلقنا لأجل عبادته، فينبغي علينا أن نطيع ولا نعصى الله عز وجل، وأن نعبده ونشكره، ولا نكفره، فقد أمرنا بالتواصي بالحق والصبر، وأمرنا بألا نظلم أنفسنا، فقال تعالى فى سورة التوبة " ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم "

فإن شهرنا هذا وضيفنا، وهذا الشوق العظيم من قلوب المحبين وأفئدة المؤمنين لهذا الموسم الكبير، إنه شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن، إنه كلام الله، كلام الرب، وإنه الكلام الذي لو نزل على جبل لتدكدك، إنه الكلام الذي تتفطر منه قلوب المؤمنين فتنبت الأعمال الصالحة كما تنبت الأرض من هذا الماء النازل من السماء المبارك وكذلك كتاب الله مبارك إذا نزل على القلوب أينعت وأثمرت بإذن الله، فهذه المواسم الفاضلة فإن الذكي من يغتنمها حقا، والشقي من تفوت عليه، ولا يدري أنها حلت ولا أنها ارتحلت، فإن لله في أيام الدهر نفحات، فمن تعرّض لها يوشك أن تصيبه نفحة ولعله لا يشقى بعدها أبدا، فقال عمر بن ذر "اعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده، فإن المغبون من غُبن خير الليل والنهار، والمحروم من حُرم خيرهما، وإنما جعلا سبيلا للمؤمنين إلى طاعة ربهم ووبالا على الآخرين للغفلة عن أنفسهم، فأحيوا أنفسكم بذكر الله، فإنما تحيا القلوب بذكر الله" فإن هذه الأيام التي سنقدم عليها، وهذا الشهر الكريم الذي سيحل بنا.

إنه فعلا ضيف يحتاج إلى استعداد فإنه موسم كبير يحتاج إلى ملء الأوقات بذكر رب البريات عز وجل، وإن أول ما نذكره نحن في هذا الشهر كيف يكون مغفرة؟ لأن الله تعالى وعد بالمغفرة لمن يدخل فيه فيصومه احتسابا وإيمانا، إيمانا بفرضيته، واحتسابا بالأجر فيه، يحسن الظن بالله بعدما يعمل العمل الصالح، وأن الله لن يضيعه، وأنه سيقبله منه، هذا الشهر الكريم الذى فيه الثواب والأجر، الذى فيه الطمع بمغفرة الله سبحانه وعندما يكون الله عز وجل أقرب إلى عباده ينبغي على العباد أن يقتربوا أكثر من الله، فإننا نريد فعلا أن نكون من المتقين، فإن الحصول على التقوى في هذا الشهر هو أصلا السبب في فرضيته، وهذا هو الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل هو التقوى وهو العمل بطاعة من الله، ترجو ثواب الله، وتترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عذاب الله، هذه هي التقوى، أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل ما أمر، وترك ما نهى عنه وزجر، فهذه هي التقوى.

فقد قال عمر بن عبد العزيز لصاحبه يكتب له وكان السلف كثيرا ما يكتبون يوصون، ونحن اليوم أيضا نستطيع أن نتواصى بها في الحق والصبر، فقال له "أوصيك بتقوى الله التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإياك من المتقين" وفعلا، إنها عاصم فى الفتنة، وحجاب عن المعصية، وستار بين العبد وبين الرذائل في الأقوال والأفعال، وما أكثرها في هذا الزمن، زمن القاذورات والفواحش، وهذه المواخير الفضائية المفتوحة على الناس بالشر ليل نهار، لقد غرق الناس بالعفن، لقد غرقوا بالملوثات، تلوث الجو، ولا نقصد تلوث البيئة ببقايا النفط وعوادم السيارات، فإن هذا تلوث هين بالنسبة للتلوث الآخر، لقد تلوث الجو بالموجات التي تنقل هذه القاذورات، شبُهات وشهوات، هذا ما يعم به الجو اليوم أدمغة المسلمين وعقولهم، إنه ينقل إليهم هذا السم الناقع المبثوث في الهواء، إنك لا تراه، لكن الأجهزة تلتقطه وتبثه إلى الأدمغة، كثيرون اليوم يقولون اشتبهت علينا أمور.

وتشككنا في آيات، اضطربت عندنا أحاديث، لماذا؟ فقد أصبحنا نسمع الكثير والكثير فقالوا قد سمعنا قس في قناة فضائية يقول كذا، وسمعنا شخص في قناة فضائية يقول كذا، وما عدنا ندرى ما الحق، كيف نفهم هذا؟ ما هو التوفيق بين هذا وهذا؟ ما هو الحق فى هذه المسألة؟ اضطربنا، تزلزلنا، فإن تلويث الأدمغة، وتلويث العقول، وإفساد القلوب اليوم يحتاج إلى مغسلة، وإن شهر رمضان مغسلة، ألم تر أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال في دعاء الجنازة "واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس" فإن هناك دنس كثير اليوم، وهناك ذنوب وخطايا كثيرة، فنحن قادمون على شهر نسأل الله أن يجعله كفارة للسيئات، وزيادة في الحسنات، ورفعة في الدرجات، ومعنى مغسلة، إنه مغسلة تجلو القلب، تذهب الصدأ، تزيل القسوة، فليتق أحدكم أن تلعنه قلوب المؤمنين وهو لا يشعر، فيقول أبو الدرداء قالوا "مه ما هذا؟ قال "يخلو بمعاصي الله فيلقي الله له البغض فى قلوب المؤمنين"

وقال سليمان التيمى"إن الرجل ليصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مذلته، وإن العبد ليذنب فيما بينه وبين الله، ثم يجيء إلى إخوانه فيرون أثر ذلك عليه" وربما يرى الصالحون فى وجوه بعض الناس ما لا يراه غيرهم، فراسة الإيمان، والسعيد من أصلح بينه وبين الله، السعيد من أصلح ما بينه وبين الله، فكان حبيب أبو محمد تاجرا يؤجر النقود، ومعنى يؤجر النقود، أى يتعامل بالربا لأن النقود لا تؤجر، ومن أجر النقود مرابى، فمر ذات يوم بصبيان، فإذا هم يلعبون، فقال بعضهم لبعض جاء آكل الربا، جاء آكل الربا، فنكس رأسه، وقال "يا رب أفشيت سرى إلى الصبيان، فرجع فجمع ماله كله، فقال يا رب إني أسير، وإني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال، فأعتقني" فلما أصبح تصدق بالمال كله، وأخذ فى العبادة، ثم مر مرة أخرى بالصبيان يوما وهم يلعبون، فلما رأوه قال بعضهم لبعض جاء حبيب العابد، جاء حبيب العابد، فبكى وقال يا رب أن تذم مرة، وتحمد أخرى، وكله من عندك" 

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.