رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 مايو 2024 5:27 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الإنسان و العقل "جزء 9"

 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع الإنسان والعقل، وإن العدو الثاني للعقل هو المعلومات الخاطئة، التي تشكله في بوتقة انحراف، وتسقيه أسباب عطبه، ومادة انحرافه، حتى يختل توازنه الفكري، ويفسد سلوكه العملي، ويضل بذلك عن جادة الحق، وتلك المعلومات المضلة قد تأتيه من معلم أو وسيلة إعلامية مرئية أو مسموعة أو مقروءة، أو جليس مشوش الفكر، ولو بقي المرء خلوا من ذلك لكان جهله وبعده عن تلك المعلومات المسمومة خيرا له، ولهذا ندم بعض الخائضين في الفلسفة وعلوم الضلال بعدما ضلت عقولهم في خضمها، ونصحوا الناس بالبعد عنها، وتمنوا لو ماتوا على عقائد العجائز، وكم يحرص أعداء الحق اليوم على بث الشبهات. 

 

لتضليل العقل المسلم، وتشويه أفكاره الصحيحة، وتشكيك صاحبه بثوابت دينه، ألا فليحفظ المسلم عقله وعقول أهله وأولاده من عادية الشبهات، وحملات التضليل والتشكيك، فإن الاستجابة لها وأد للعقل، وطمس لأنواره، وسبيل هلاكه، وإن العدو الثالث للعقل هو البيئة الفاسدة، التي تعج بالفساد والمفسدين، فكم تكدر من عقول نقية، وتشوّه من صور ذهنية، وتزرع فيها من أفكار منحرفة، وتصورات مهلكة، حتى يغدو العقل بها أسير شهوات، أو حبيس شبهات مضلات، خصوصا في هذا الزمن المُرّ الذي تقل فيه البيئات الصالحة، ويندر فيه الجلساء الصالحون، فعلى الإنسان أن يحذر على عقله وعقول أهله وأولاده أضرار الهوى والمعلومات الخاطئة. 

 

والبيئة الفاسدة، فإنها أجنحة الشر الثلاثة التي تطير بالعقول إلى متاهات الغواية، وآفاق اللوثة الفكرية، وليجعل مكانها التقوى والعلم النقي والبيئة الصالحة فإنها قوارب النجاة للعقول في أمواج الانحراف العقلي الذي يعيشه عالم اليوم، ولقد حافظ الإسلام على العقل البشري محافظة شديدة، واعتنى به اعتناء عظيما فكان العقل من الكليات الخمس التي اتفقت الشرائع السماوية على حفظها، وهي الدين والنفس والمال والعرض والعقل، وذلك أن العقل موضع استقامة دنيا الإنسان ودينه، وسبب لسلامة ما حوله من ضرره، فقد حرمت الشريعة الإسلامية على المسلم المفسدات العقلية التي تؤدي إلى الإخلال بالعقل فيصبح صاحبه كالمجنون لا يعرف الضار من النافع. 

 

ولا الزوجة من الأم أو البنت، وهذه المفسدات العقلية الحسية هي الخمور والمخدرات وما قام مقامها من المسكرات، فقد جاءت النصوص في القرآن والسنة بتحريم الخمر ويقاس عليه ما ماثله في الإسكار أو زاد عليه، وقال النبي صلى الله عليه و سلم "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام" وقال صلى الله عليه وسلم "إن الله لعن الخمر وعاصرها، ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وشاربها، وبائعها ومبتاعها وساقيها ومسقاها" فإن آفة السكر هي أم الخبائث، ومفتاح كل شر، وبوابة الهلاك، فكم حصل بسببها من سفك للدماء المعصومة، وإتلاف للأموال الخاصة والعامة، وانتهاك للأعراض المصونة حتى على المحارم.

 

وكم قضت على طاقات نافعة وعقول ناضجة، وأشقت من أسر سعيدة، وكم أذلت من عزيز، وأفقرت من غني، وأهانت من كريم، وصغرت من عظيم، وأمرضت من صحيح، وفرقت بين الأقارب والأحبة والأصدقاء، وغير خاف على كل ذي حجا نظيف أن المسكرات إهلاك للفرد والمجتمع في مجالات شتى إهلاك ديني، وإهلاك أخلاقي، وإهلاك اقتصادي، وإهلاك صحي ونفسي، وقد تحدث الناس عن أضرارها ووجوب تجنبها على اختلاف أديانهم وتخصصاتهم العلمية، لذلك وجدنا بعض الدول العالمية الكبرى غير المسلمة حاربت الخمر في بعض الأوقات وأنفقت في سبيل ذلك أموالا وقدرات كثيرة، لكنها لم تفلح لعدم وجود الوازع الداخلي لدى المتعاطي.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.