رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 15 مايو 2024 2:06 م توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الخلافة الراشدة " الجزء السادس والعشرون "

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السادس والعشرون مع الخلافة الراشدة، وكما اهتم الخلفاء الراشدون بتحرى العدل وتطبيقه طوال فترة حكمهم، لكونه إحدى قيم المجتمع الإسلامي المهمة، وقد قامت الدولة الراشدة على احترام حقوق الإنسان والعدل، رغم أن هذه القيم انهارت بدرجة كبيرة بعد انتهاء الدولة وانبثاق الخلافة الأموية وما تبعها من دول عنها فقام الخليفة أبو بكر الصديق في عهده مثل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بأداء مهمة القضاء والتحكيم بنفسه، إلى جانب عدد من الصحابة الذين كان يستشيرهم الناس، وكان أول من بدأ بتعيين القضاة على ولايات الدولة وأقاليمها البعيدة هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقد كان عمر بن الخطاب أول من فصل السلطة القضائية عن سلطة الحكم.

وعين قضاة لكل الولايات، وقد قام بسن قوانين وأحكام لقضاة الدولة ليسيروا عليها، وأمرهم بتحرى العدل، وكما نشأ نظام الدواوين في الدولة الإسلامية خلال عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واختلف المؤرخون في توقيت هذا، فيقول الطبري أن الدواوين تأسست عام خمسة عشر من الهجرة، بينما يذكر الماوردي أنها تأسست عام عشرين من الهجرة، ويروى أن ذلك كان عندما جاء أبو هريرة رضى الله عنه من إقليم البحرين ومعه نصف مليون درهم، فخطب عمر بن الخطاب بالناس مقترحا طرقا لتوزيعها، وكان أن أشار أحد الحاضرين إلى تدوين ديوان تسجل فيه هذه الأجور، فأمر عمر بن الخطاب بذلك، ولاحقا مع ازدياد تدفق أموال الغنائم من فتوح فارس والشام. 

ظهرت الحاجة إلى تنظيم توزيع وتشغيل هذه الأموال، فأنشأ الخليفة عمر بن الخطاب لذلك ديوان بيت المال، وكانت تلك بداية العمل بالدواوين في تاريخ الإسلام، وقد توسعت الدواوين لاحقا، فنشأ ديوان العطاء لتنظيم منح الأعطيات للناس وفاضل عمر بين الناس، فجعل الأولوية لآل البيت، فالأسبق إسلاما، فالأسبق جهادا، فالأقدر قتالا، وكذلك ديوان الجيش لتسجيل أسماء الجنود والمقاتلين وتنظيم صرف مرتباتهم، وديوان الاستيفاء لتسجيل وحساب خراج البلاد المفتوحة، وكما سارت دولة الخلافة الراشدة بمنهج يعمل على تحقيق التوازن بين مواردها ومصارفها، وكانت حاصلاتها تأتيها عن طريق الزكاة، والعشور، والجزية، والأخماس، والفيء، والخراج، والغنائم العسكرية.

أما الزكاة فهي المبلغ السنوى الذي يتوجب على كل مسلم أن يدفعه بحال تخطت ثروته نسبة معينة، وهي فريضة من الفرائض الإسلامية وركن من أركان الإسلام، أما فقراء المسلمين المعدمين أو الذين لم تتخط ثروتهم تلك النسبة فلا تفرض عليهم الزكاة بل قد يكونوا من مستحقيها وتصل نسبة ما يدفعه المسلم المقتدر منها سنويا إلى اثنين ونصف بالمائة من مدخوله السنوى، وقد سار الخلفاء الراشدين على نهج النبى الكريم صلى الله عليه وسلم الذي شرعه الإسلام، فكانوا يجمعون الزكاة ويوزعونها على فقراء المسلمين بالعدل، وأما عن الخراج فهى الضريبة المفروضة على الأرض التي فتحها المسلمون عنوة أى بالسيف ولم تقسم بين الغانمين، فهذه تصير للمسلمين.

يضرب الإمام أو الخليفة عليها خراجا معلوما يؤخذ في كل عام، وتقر في أيدي أربابها ما داموا يؤدون خراجها، سواء كانوا مسلمين أو من أهل الذمة، ولا يسقط خراجها بإسلام أربابها ولا بانتقالها إلى مسلم، بل إذا أسلم أهلها أو انتقلت إلى مسلم يجتمع مع الخراج أيضا عُشر ما تخرج، زكاة عليها، ولا يمنع أحدهما وجوب الآخر، وهذا وفق رأي جمهور العلماء المسلمين وأول من وظف الخراج هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما فتح العراق، حيث اجتهد مع الصحابة، ولم تقسم بين الفاتحين وضرب عليها الخراج، وكذلك سائر ما فتح في عصره، كأرض الشام ومصر وغيرها، لم يقسم منها شيء، وضرب عليها الخراج وكان هناك نظامين لجباية الخراج.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.