رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 15 مايو 2024 9:06 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الخلافة الراشدة " الجزء الثامن والعشرون "

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن والعشرون مع الخلافة الراشدة، وقد توقفنا عندما أمر الخليفة عمر بن الخطاب على الفور بوضع الدواوين على غرار دولتى الروم والفرس، فأنشأ ديوان العطاء وديوان الجند وديوان الجباية، وقيل بأن خالد بن الوليد أو الهرمزان أو الوليد بن هشام بن المغيرة، أشار بإنشاء مثل هذه الدواوين لإحصاء الأموال وطريقة توزيعها، وكانت سياسة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب تقوم على عدم ادخار الأموال في بيت المال للنوائب بل كان يجري توزيعها لمستحقيها أولا بأول، فيذكر ابن الجوزي أن عمر بن الخطاب، كان يفرغ بيت المال مما فيه، لتوزيعه على مستحقيه كل عام كما كان الإمام على بن أبي طالب يقسم أموال بيت المال كل جمعة حتى لا يبقي فيه شيئا. 

خوفا من فتنة المال على الراعي والرعية، وكان الخلفاء الراشدون يفصلون بين الإدارتين السياسية والمالية، فقد عين الخليفة عمر بن الخطاب الصحابى عمار بن ياسر على إمارة الكوفة، وبعث معه عبد الله بن مسعود على بيت المال، وجعله معلما ووزيرا، وكان ينال أهل الكتاب من الذين يتطوعون في الخدمة بالجيش الإسلامي أجرتهم من بيت المال، وكان النظام المالي القائم في بداية العهد الراشدي هو نفس النظام الذي ساد في صدر الإسلام، وهو نفسه الذي ساد أيام الجاهلية قبل ظهور الإسلام، وأقره النبي صلى الله عليه وسلم، وسار عليه الخليفة أبو بكر الصديق، ثم الخليفة عمر بن الخطاب في بداية عهده، ولكن عندما اصطدمت الخلافة الإسلامية بدول ذات أنظمة نقدية ثابتة. 

في فارس والشام ومصر، أصبح من الضرورى التعامل مع تلك الأنظمة بنظام نقدى ثابت بدوره، فأظهرت الحاجة ضرورة وجود عملات تضربها الدولة الإسلامية، فظهرت عملات الخليفة عمر بن الخطاب، وأبقى الخليفة عمر بن الخطاب على النقود الذهبية والفضية التي كانت متداولة وعليها نقوش بيزنطية مسيحية أو فارسية، لكنه أضاف إلى هذه النقود كلمة جائز ليُميِزها عن النقود الزائفة، وفي السنة الثمانية عشر من الهجرة الموافقة لسنة ستمائة وتسعة وثلاثون من الميلاد أصبح الخليفة عمر بن الخطاب هو أول من ضرب النقود في الإسلام، فاعتمد النقش الفارسي، وأضاف إليها عبارة "الحمد لله" وفي بعضها "لا إله إلا الله" وعلى جزء منها اسم "عمر" 

أما الخليفة عثمان بن عفان فاكتفى بنقش "الله أكبر" وكان مجتمع المسلمين متماسكا بقوة في بداية عصر الخلافة الراشدة، وكان الناس راضين عن الحكم وكانت الدولة في هذه الفترة لا زالت متواضعة اقتصاديا، فقد عاش سكانها حياة بسيطة، وانشغلوا بالقتال والفتوحات عوضا عن تحسين ظروفهم المعيشية إلا أن المال بدأ يكثر بعد ذلك نتيجة الفتوحات، خصوصا في عهد الخليفة عثمان بن عفان، فارتفعت معيشة الناس، وأصبحوا أكثر تطلبا ومع توسع الدولة وازدياد وتيرة الفتوحات، أخذت التركيبة السكانية بالتغير، إذ استقر كثير من العرب والمسلمين الفاتحين في البلاد المفتوحة حديثا، فأقاموا فيها، واختلطوا بسكانها ومن جهة أخرى، قل سكان شبه الجزيرة العربية. 

من العرب والمسلمين، إذ توجه كثير منهم إلى الأمصار الجديدة للقتال أو غيره، خصوصا سكان المدينة، فيما أن الأجانب من الموالي والرق تدفقوا إلى المنطقة قادمين من الأقاليم المفتوحة، وتغيرت تركيبتها بصورة كبيرة نتيجة لذلك، فأصبحت منطقة مختلطة لا متجانسة وقد تشكلت بعض الفئات الطبقية في المجتمع بسبب هذه التغيرات، على عكس ما كان في السابق وقد انقسم المسلمون انقساما كبيرا في عهد الخليفة عثمان بن عفان، إذ بدأ البعض بالاعتراض على عدد من السياسات التي كان ينتهجها في الحكم، واندلعت الفتنة في الدولة، حتى انتهى الأمر باقتحام منزل الخليفة الراشد عثمان بن عفان وقتله وقد استمر هذا الانقسام في أيام الإمام علي بن أبى طالب.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.