رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 15 مايو 2024 8:21 م توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الخلافة الراشدة " الجزء التاسع والعشرون "

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع والعشرون مع الخلافة الراشدة، وقد توقفنا عندما اندلعت الفتنة في الدولة، حتى انتهى الأمر باقتحام منزل الخليفة الراشد عثمان بن عفان وقتله وقد استمر هذا الانقسام في أيام الإمام علي بن أبى طالب، خصوصا بالنسبة لبني أمية الذين ترك العديد منهم المدينة متجهين إلى مكة، وتفرق المسلمون بين فئتين أنصار الإمام علي بن أبى طالب ومؤيدو خلافته وهم شيعة علي، وأنصار الخليفة عثمان بن عفان المطالبون بالثأر من قتلته وهم شيعة عثمان، وكان من أبرز قادة الفئة الثانية معاوية بن أبي سفيان والسيدة عائشة زوجة النبى صلى الله عليه وسلم، وتطور هذا الانقسام إلى صراعٍ ومعارك عدة دارت بين الطرفين، من أبرزها موقعة الجمل ومعركة صفين. 

وازداد الانقسام حدة بظهور فئة جديدة أطلق عليها الخوارج إنشقوا عن معسكر علي بن أبي طالب، وظل الأمر على هذه الحال حتى مقتل الإمام على بن أبى طالب، على يد أحد هؤلاء الخوارج في شهر رمضان عام أربعون من الهجرة الموافق شهر فبراير عام ستمائة وواحد وستون من الميلاد، وتسليم الحسن بن علي الأمر إِلى معاوية بن أبي سفيان، لتنتهي بذلك دولة الخلافة الراشدة وتخمد الفتنة، وبصورة عامة، التزم الخلفاء الراشدون في تعاملهم مع غير المسلمين وغير العرب من سكان الجزيرة العربية والأقاليم المفتوحة وهم الموالي وأهل الذمة، نفس أسلوب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك بضمان حقوقهم وكفل حرياتهم. 

ويؤيد ذلك الكثير من الباحثين المسلمين، إضافة إلى عدد من المستشرقين والباحثين الأوروبيين، وقد كان العاجزون والفقراء من غير المسلمين في الأماكن المفتوحة يعفون من الجزية، وأحيانا كانت تتم إعانتهم بأعطيات من بيت مال المسلمين وكان الخليفة أبو بكر الصديق يأمر قادة الفتوحات بألا يتعرضوا لأماكن عبادة غير المسلمين ولا يضايقوا أهلها، كما أعطى قادته العسكريين عدة توصيات أخرى لإحسان معاملة أهل الشام غير المسلمين عند فتحها، فقال "يا أيها الناس، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنى، لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة.

ولا بعيرا إلا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له" وكذلك خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند دخوله القدس فاتحا معطيا أهلها الأمان وكافلا حرياتهم الدينية، وكتب عمرو بن العاص في عهده لأهل مصر بعد فتحها" هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملتهم، وأموالهم، وكنائسهم، وصُلبهم، وبرهم، وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك، ولا ينتقص، ولا يساكنهم النوب أى أهل النوبة" ولكن هناك خلاف بين الباحثين على معاملة أعطيات المال الممنوحة للموالي غير العرب في الدولة الراشدة، حيث يذهب البعض إلى أنهم حظوا بالمساواة، بينما يقول آخرون أنه كان هناك بعض التمييز بينهم وبين العرب. 

وتظهر المصادر التاريخية أن عهد الخليفة أبي بكر الصديق شهد مساواة تامة بين العرب والموالي، فكان يسمح لهم بالانضمام إلى الجيش للمشاركة في المعارك وكانوا يتلقون نفس أعطيات العرب المسلمين، وكانت لهم مشاركة هامة في العديد من الفتوحات كفتح الشام وغيره، وأما أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقد فاضل بين عامة الناس بأن أعطى الأولوية في العطاء لآل البيت، ثم الأسبقين إسلاما، ثم الأسبق إلى الجهاد، إلا أن هذه المعايير طبقت على الجميع بالتساوى، ولم تكن فيها معاملة خاصة للموالى رغم ذلك، فقد شهد عهد الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه، بعض المفاضلات في العطاء، حيث مُنحت امتيازات أكبر في العطاء للموالي المتزوجين من النساء العربيات.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.