رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 20 مايو 2024 1:10 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الرأفة والرحمة وجبر الخواطر "الجزء العاشر "

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الرأفة والرحمة وجبر الخواطر، وفي يوم القيامة حينما تدنوا الشمس من الرؤوس ويذهب الناس لادم ونوحا وإبراهيم وموسي وعيسي عليهم السلام والكل يقول نفسي نفسي فيأتون رسول الله صلي الله عليه وسلم اسمع ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيأتونى فأستأذن على ربى، فيؤذن لى، فإذا أنا رأيته وقعت ساجدا، فيدعنى ما شاء الله، فيقال يا محمد ارفع رأسك، قل تسمع، سل تعطه، اشفع تشفع" فهذه المواقف وغيرها تدعونا للإحسان إلى الخلق، وجبر خاطرهم، فما أجمل أن نتقَصد الشراء من بائع متجول في حر الشمس، يضطر للسير على قدميه باحثا عن رزقه مساعدة له وجبرا لخاطره وما أروع أن نقبل اعتذار المخطئ بحقنا.

وخصوصا عندما نعلم أن خطأه غير مقصود وأن تاريخ صُحبتنا معه طيب نقي، فالصفح عنه ومسامحته تطيب نفسه وتجبر خاطره وتبادل الهدايا بين الأقارب والأصدقاء والأحباب، فإن من أجمل ما يدخل الفرحة للقلب والهناء للنفس، وهي سبيل الحب، وبِساط الود، وطريق الألفه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "تهادوا تحابوا " رواه البخاري، وإن البر بأرقى صوره أن تشتري لوالديك ما يحتاجان وتفاجئهما بما يفقدان دون طلب منهما أو سؤال، بل كرم منك وتبرع، ففي هذا الفعل أجمل ما يسطر من جبر الخواطر، وإدخال الفرح والسرور على قلوبهما، كما لا ننسى صاحب الحاجة والمسكين الذي انكسر قلبه، وذلت نفسه، وضاق صدره.

ما أجمل أن نجعل له من مالنا نصيبا، ومن طعامنا ولو الشيء القليل، ومن دعائنا ما نستطيع بذلك نجبر كسرهم، ونطيب قلوبهم، ولا نشعرهم بالنقص، فإن العبادات أبواب فالصلاة باب، والصيام باب، وجبر الخواطر باب، فاجعل دائما هناك باب مفتوح بينك وبين الله عز وجل فلا تدرى من أى باب يدخلك الجنه، وقيل من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله فى جوف المخاطر، فإنه عندما يطرق آذننا مصطلح عبادة فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الصلاة والصيام وبر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها من العبادات التي تتبادر إلى الذهن عادة، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلى أن هناك عبادات أصبحت خفية ربما لزهد الناس بها وغفلتهم عنها.

وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيرا من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة جبر الخواطر، وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوسا كسرت وقلوبا فطرت وأجساما أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، فيقول الإمام سفيان الثوري، ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم، ومما يعطي هذا المصطلح جمالا أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو الجبار، وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب ويريح النفس، وجبر النفوس من الدعاء الملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

الذي أحب مكة التي ولد فيها ونشأ وقد أخرج منها ظلما، فاحتاج في هذا الموقف الصعب وهذا الفراق الأليم إلى شيء من المواساة والصبر، فأنزل الله تعالى له قرآن مؤكد بقسم أن الذي فرض عليك القرآن وأرسلك رسولا وأمرك بتبليغ شرعه سيردك إلى موطنك مكة عزيزا منتصرا وهذا ما حصل، وفي سورة الضحى يقول تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى" فانظر لروعة العطاء المستمر في هذه الآية حتى يصل بالمسلم لحالة الرضا، فهذه الآية رسالة إلى كل مهموم ومغموم، وتسلية لصاحب الحاجة، وفرج لكل من وقع ببلاء وفتنة، أن الله يجبر كل قلب لجأ إليه بصدق، لأجل ذلك كان من السنة تعزية أهل الميت وتسليتهم ومواساتهم وتخفيف الألم الذي أصابهم عند فقد ميتهم.

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.