رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 4 مايو 2024 7:58 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن المؤمن بين الحياة والموت "جزء 9"

ونكمل الجزء التاسع مع المؤمن بين الحياة والموت، فيقول ابن القيم" إن لم تكن هذه قطيعة، فإنا لا ندري ما هي القطيعة المحرمة، والصلة التي أمر الله بها" والنبي صلى الله عليه وسلم قد قرن حق الأخ والأخت بالأب والأم، كم من أب يموت، ويدخل أولاده المحاكم، يتنافسون على حطام الدنيا، على شيء يسير، لا يرحم بعضهم بعضا؟ وكم من أسرة، فيها قطيعة من عشرين عاما سببها البخل وسببها القسوة وسببها قطيعة الرحم؟ ولقد قرن النبي صلى الله عليه وسلم حق الأخ والأخت بالأب والأم فقال "أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك فأدناك" رواه احمد، لذلك أجمع فقهاء المسلمين بالإجماع على أن الزوج يجبر على الإنفاق على زوجته. 

وأن الوالد يُجبر على الإنفاق على ولده الصغير، وعلى ابنته الأنثى، والابن يُجبر على الإنفاق على والديه، واختلفوا بعد ذلك في بقية فروع الأقرباء، فالزوج على زوجته، والابن على أبيه، والأب على ابنه، بل إن القاضي له سلطة في إجبار القريب على أن ينفق على قريبه، أما الصلة دينا فهي واجبة بإجماع الفقهاء، أما الصلة شرعا فواجبة في عامود النسب، وموضع اختلاف في بقية الأقرباء، فلو أن كل أسرة رعت هذه الأحاديث، وتفقهت في أحكام هذه الأحاديث، وطبقت هذه الأحاديث، والله لكنا في حال غير هذا الحال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنت ومالك لأبيك" رواه أحمد وابن ماجة، وقال صلى الله عليه وسلم " من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئا مريئا" 

وعلى المولود له أي على الأب، وعلى الوارث مثل ذلك، أوجب الله تعالى على الوارث مثل ما أوجب على المولود له، وهذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس عصبة صبي على أن يُنفقوا عليه الرجال دون النساء، حبس أي سجن عصبة صبي على أن ينفقوا عليه، ويقول سعيد بن المسيب جاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب، فقال أنفق عليه؟ ثم قال لو لم أجد إلا أقصى عشيرته لفرضت عليهم، وعن زيد بن ثابت إذا كان أم وعم، فعلى الأم بقدر ميراثها، وعلى العم بقدر ميراثه، لو أن طفلا يحتاج إلى ألف جنية بالشهر، له أم وله عم، لو أن هذا الطفل مات وترك إرثا، من يرثه؟ بقدر نصيب أمه تنفق عليه في حياته، وبقدر نصيب عمه ينفق عليه في حياته.

وقال العلماء ولا يعرف لعمر رضي الله عنه وزيد رضي الله عنه مخالف من الصحابة البتة،إن من أشد المذاهب تشددا في موضوع الإنفاق مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، فإن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يرى أن النفقة تجب على كل ذي رحم محرم لذي رحمه، فإن كان من عامود النسب، ما معنى عامود النسب ؟ الآباء مهما علوا، والأبناء مهما نزلوا فإن كان من عامود النسب، أي الأولاد وأولادهم، والآباء وآباؤهم، وجبت نفقتهم مع اتحاد الدين واختلافه، أي ولو كانوا كفارا، أي تجب على المسلم نفقة أبيه ولو كان كافرا، وتجب على الأب الإنفاق على ابنه ولو كان كافرا، وإن كان من غيرهم لم تجب إلا مع اتحاد الدين، ومن شروط وجوب النفقة هو فقر من تجب له نفقته.

فإن استغنى بمال أو كسب، لم تجب نفقته، لأنها تجب على سبيل المعونة والمواساة، وأن يكون للمنفق فضل مالٍ ينفق عليهم زائد على نفقة نفسه وزوجته وعياله، لما روى الترمذي عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" والحقيقة هى أن الإسلام لحكمة بالغة لم يقدر حدا معلوما لا يتجاوزه من المال، فإن الناس كما قال العلماء تختلف حاجاتهم باختلاف الزمان والمكان والحال والعرف، والمنفقون تختلف قدراتهم المالية ما بين موسر مبسوط له في الرزق وبين متوسط الحال، فالإسلام راعى قدرة المنفق، وحاجة المنفق عليه، وأن تسد هذه الحاجة بالمعروف، والمعروف ما تقره الفطرة السليمة والعقول الرشيدة وعرف الفضلاء من الناس.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.