رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 مايو 2024 11:26 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن المذهب الحنفي " جزء 9 "

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء التاسع مع المذهب الحنفي، فيقول خدعتني امرأة، وفقهتني امرأة، وزهدتني امرأة، أما الأولى فكنت مجتازا فأشارت إليّ امرأة إلى شيء مطروح في الطريق فتوهمت أنها خرساء، وأن الشيء لها، فلما رفعته إليها قالت احفظه حتى تسلمه لصاحبه، وأما الثانية فسألتني امرأة عن مسألة في الحيض، فلم أعرفها، فقالت قولا تعلمت الفقه من أجله، وأما الثالثة فمررت ببعض الطرقات، فقالت امرأة هذا الذي يصلي الفجر بوضوء العشاء، فتعمدت ذلك حتى صار دأبى، فكان أبو حنيفة ثقة لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظه، ولا يحدث بما لا يحفظ ولم يُتهم بالكذب ولقد ضربه ابن هُبيرة على القضاء، فأبى أن يكون قاضيا.

ولقد كانت الصفعات الثلاث مؤثرة في حياة أبي حنيفة أيما تأثير فكان في العلم على ما حكى هؤلاء الفحول، وكان توقد ذهنه لا يُصدّق، حتى صار كما قال فيه "ألمعيّ ذكي، لا يُخطئ في تقدير الرجال" وقائل ذلك هو الإمام مالك كما ينقل ذلك الشافعي تلميذه، يقول قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة؟ قال نعم، رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجّته" ويقول القاضي أبي يوسف "بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة، إذ سمعت رجلا يقول لآخر هذا أبو حنيفة، لا ينام الليل، فقال أبو حنيفة والله لا يُتحدث عني بما لم أفعل فكان يُحيي الليل صلاة وتضرعا ودعاء" ويقول الذهبي وقد رُوي من وجهين أن أبا حنيفة قرأ القرآن كله في ركعة.

وقد كان أبو حنيفة ممن ثبت في محنة خلق القرآن، فلم يجب السلطان وكان قوله "من قال القرآن مخلوق، فهو كافر" وقال الذهبي قال علي بن الحسن الكراعي، قال أبو يوسف ناظرت أبا حنيفة ستة أشهر، فاتفق رأينا على أن من قال القرآن مخلوق، فهو كافر" وعن محمد بن سابق قال "سألت أبا يوسف فقلت أكان أبو حنيفة يقول القرآن مخلوق؟ قال معاذ الله، ولا أنا أقوله" وما ورد في كتب التأريخ أن أبا حنيفة كان يقول "القرآن مخلوق" فيقول عنها العلامة الألباني رحمه الله " دققت النظر في بعضها فوجدته لا يخلو من قادح، ولعل سائرها كذلك لا سيما وقد روى الخطيب عن الإمام أحمد أنه قال لم يصح عندنا أن أبا حنيفة كان يقول "القرآن مخلوق" 

وهذا هو اللائق بالإمام أبي حنيفةَ وعلمه، فرحمه الله ورفَع درجته في عليين، وفي سيرة النعمان فوائد وفرائد جمة، من أعظمها أنه رحمه الله لم يستنكف أن يحكي ذلك عن نفسه أما بعضنا فيوهم الناس أنه ولد عالما، فهو النعمان بن ثابت بن المرزبان، وكنيته أبو حنيفة، وهو من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه، أصله من كابل عاصمة أفغانستان اليوم، وقد أسلم جده المرزبان أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتحول إلى الكوفة، واتخذها سكنا، وقد وُلد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة ونشأ رحمه الله بالكوفة في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة، ويبدو أنه كان وحيد أبويه، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة. 

ولقد خلف أبو حنيفة أباه بعد ذلك فيه، فقد حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره، شأنه شأن أمثاله من ذوي النباهة والصلاح وحين بلغ السادسة عشرة من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده، وكان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال، ولقد دخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة، يناقش تارة ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى، وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها، ومضى الإمام أبو حنيفة رحمه الله في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال، حتى أصبح علما يُشار إليه بالبنان، وهو ما يزال في العشرين من عمره.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.