رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 4 مايو 2024 4:06 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن حادثة دير الجماجم "جزء 6"

 

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع حادثة دير الجماجم، وتولى الحجاج أمر الحرب وتدبيرها، كما كان قبل ذلك، فعند ذلك برز كل من الفريقين للقتال والحرب، فجعل الحجاج بن يوسف، على ميمنته عبد الرحمن بن سليمان الكلبي، وعلى ميسرته عمارة بن تميم اللخمي، وعلى الخيل سفيان بن الأبرد، وعلى الرجالة عبد الرحمن بن حبيب الحكمي، وجعل ابن الأشعث على ميمنته الحجاج بن حارثة الخثعمي، وعلى الميسرة الأبرد بن قرة التميمي، وعلى الخيالة عبد الرحمن بن عباس بن ربيعة، وعلى الرجالة محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري، وعلى القراء جبلة بن زحر بن قيس الجعفي، وكان في القراء سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. 

 

وكميل بن زياد، وكان شجاعا فاتكا على كبر سنه، وأبو البختري الطائي وغيرهم، وجعلوا يقتتلون في كل يوم، وأهل العراق تأتيهم الميرة من الرساتيق والأقاليم، من العلف والطعام وغيره، وأما أهل الشام الذين مع الحجاج بن يوسف ففي ضيق من العيش، وقلة من الطعام، وقد فقدوا اللحم بالكلية فلا يجدونه، وما زالت الحرب في هذه المدة كلها، حتى انسلخت هذه السنة وهم على حالهم وقتالهم في كل يوم، أو يوم بعد يوم، والدائرة لأهل العراق على أهل الشام في أكثر الأيام، وقد قتل من أصحاب الحجاج زياد بن غنم، وكسر بسطام بن مصقلة في أربعة آلاف جفون سيوفهم، واستقتلوا، وكانوا من أصحاب ابن الأشعث.

 

وقد جمع الحجاج بن يوسف، جيوشه وأعاد تنظيمها وقرر الهجوم، على جيوش ابن الأشعث في البصرة، وبالفعل في شهر المحرم سنة اثنين وثمانين من الهجره، اصطدم الجيشان وحمي الوطيس جدا، وقتل الكثير من الفريقين حتى كان الحجاج يجثو على ركبتيه ويقول "ما كان أكرم مصعب بن الزبير حتى صبر نفسه للقتل" وكان مصدر قوة ابن الأشعث التأييد المعنوي من الفقهاء والعلماء والقراء الذين بايعوه على الثورة وانضموا للقتال الفعلي وكانوا أشد الناس في القتال، وكان شعارهم يوم الزاوية "يا تارك الصلاة" لأن الحجاج بن يوسف كان يؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها، واستمر القتال طوال اليوم حتى حمل أمير الفرسان في جيش الحجاج. 

 

سليمان بن الأبرد على ميسرة جيش الثورة فكسرهم، واختلط الناس بعضهم ببعض وفر ابن الأشعث ودخل الكوفة، وظل قائد جيوشه عبد الرحمن بن عياش يقاتل لمدة خمسة أيام متصلة ثم دخل الكوفة ولحق بابن الأشعث، وكان أهل الكوفة قد بايعوا عبد الرحمن بن الأشعث فقوي شأنه مرة أخرى ونظم جيوشه وحفظ الثغور والطرق والمسالك، وحاول الحجاج اختراق الحراسات إلى الكوفة ولكنه لم يفلح، فعسكر بجيوشه في منطقة دير قرة، ونزل ابن الأشعث وجيوشه في منطقة دير الجماجم ومع ابن الأشعث قرابة المائتي ألف، وظل الجيشان في حالة تربص أمام بعضهما البعض فترة طويلة، وقد طال المقام بين الجيشين واضطرب أمر العراق جدا. 

 

وتربص أعداء الإسلام من بلاد ما وراء النهر نتيجة تفرق المسلمين، وهذا الأمر دعا عبد الملك بن مروان لأن يرسل أخاه محمدا وولده عبد الله برسالة للثائرين يقول فيها "إن كان يرضيكم خلع الحجاج عنكم خلعناه، وجعلنا مكانه محمد بن مروان، وأن يكون عبد الرحمن بن الأشعث أميرا على أي بلد يحب"، وكره الحجاج ذلك بشدة وحذر عبد الملك من غدر أهل العراق، وذكره بما جرى لعثمان بن عفان عندما استجاب لرغبات أهل العراق وخلع عنهم سعيد بن العاص، وكيف أنهم لم يقنعوا بذلك حتى ساروا إليه آخر العام وقتلوه، ولكن عبد الملك يصر على رأيه ويرسل أخاه وولده، فقام عبد الرحمن فيهم خطيبا، وندبهم إلى قبول العرض لما فيه من الخير وحقن الدماء وعزل الحجاج الظالم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.