رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 7:11 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن أعمال القلوب الطاهرة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن أعمال طاهر القلب كلها لله لا يطلب من المخلوقين مدحا ولا تقديرا وإجلالا بل هو يستسر في العبادة، ويود لو لم يطلع عليه أحد ومع ذلك هو خائف وجل من أن يكون لأحد نصيب في أعماله فإذا عمل عملا سأل نفسه لماذا هذا العمل وإن ترك شيئا سأل نفسه لماذا تركت هذا العمل فإن أحب أحب في الله وإن أبغض أبغض في الله وإن أعطى أعطى لله وإن منع منع لله وإن تقدم تقدم لله وإن تأخر تأخر لله، فسلم من عبودية ما سوى الله فلا يريد أن يكون لغير الله فيه شرك بوجه من الوجوه فقد أخلص عبوديته لله تعالى وهو قد طهر قلبه من تحكيم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه قد عقد قلبه على الائتمام والاقتداء به وحده صلى الله عليه وسلم دون غيره في الأقوال والأعمال من أقوال القلب، وهي العقائد وأقوال اللسان وهي الخبر عما في القلب وأعمال القلب. 

وهي الإرادة والمحبة والكراهة وتوابعها، وأعمال الجوارح فيكون الحاكم عليه في ذلك كله، وهو ما جاء به الرسول الكريم محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فلا يتقدم بين يديه بعقيدة ولا قول ولا عمل، ومعرفة القلب من أعظم مطلوبات الدين، ومن أظهر المعالم في طريق الصالحين، معرفة تستوجب اليقظة لخلجات القلب وخفقاته، وحركاته ولفتاته، والحذر من كل هاجس، والاحتياط من المزالق والهواجس، والتعلق الدائم بالله عز وجل فهو مقلب القلوب والأبصار، ويقول النبى الكريم صلى الله عليه وسلم " إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك " ومن عرف أنه عبد لله وراجع إليه فليعلم أنه موقوف ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسؤول. 

ومن علم أنه مسؤول فليُعد لكل سؤال جوابا، وقيل يرحمك الله فما الحيلة؟ قال الأمر يسير، تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي، وقد ضرب النبى الكريم محمد عليه الصلاة السلام أروع الأمثلة في الصفح والعفو، وعندما اجتمعت قريش في المسجد الحرام  يوم الفتح الأعظم، وقريش التي مازالت تقاتله وتسبه وقد أخرجته من بلده فقال صلى الله عليه وسلم" يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ ، قالوا خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم فقال " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ولقد ضرب الصحابة رضي الله عنهم أروع الأمثلة في سلامة القلوب وطهارة الصدور، فكان لهم من هذه الصفة أوفر الحظ والنصيب ولقد كان لسلامة الصدر عندهم منزله كبرى حتى إنهم جعلوها سبب التفاضل بينهم، قال إياس بن معاوية بن مرة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. 

" كان أفضلهم عندهم أسلمهم صدرا وأقلهم غيبة " ولنا في سلفنا الصالح قدوة ولا يعرف حقيقة الدنيا بصفوها وأكدارها، وزيادتها ونقصانها إلا المحاسب نفسه، فمن صفى صُفي له، ومن كدر كدّر عليه، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره، ومن أحسن في نهاره كوفئ في ليله ومن سره أن تدوم عافيته فليتقي الله ربه، فالبر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان، وإذا رأيت في عيشك تكديرا وفي شأنك اضطرابا، فتذكر نعمة ما شكرت، أو زلة قد ارتكبي فجودة الثمار من جود البذار، ومن زرع حصد، وليس للمرء إلا ما اكتسب، وهو في القيامة مع من أحب، وهذه وقفة محاسبة مع النفس، بل مع أعز شيء في النفس، مع ما بصلاحه صلاح العبد كله، وما بفساده فساد الحال كله، وقفة مع ما هو أولى بالمحاسبة وأحرى بالوقفات الصادقة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.