رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 مايو 2024 5:45 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الشجاعة والتضحية من أجل الوطن

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

يروي عن عبدالله بن أوفى أن النبي صلي الله عليه وسلم كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو قال للناس " لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية، وكان ينظر إذا لم يقاتل أول النهار أجل حتى تزول الشمس وتهب الرياح ويجيء النصر، فكان قتاله إما في أول النهار وإما في آخر النهار بعد الزوال، وكان يقول صلي الله عليه وسلم " لا تتمنوا لقاء العدو يعني خيلاء أو إرهاء وعدم مبالاة، وإلا فقد تقدم من سأل الشهادة وطلب الشهادة في سبيل الله وطلب الجهاد في سبيل الله والرغبة في ذلك أمر مطلوب لكن لا يتمناها الإنسان إرهاء من نفسه، وأنه سوف يفعل وسوف يفعل، بل يسأل الله العافية، ويطلب ربه أن يرزقه الجهاد في سبيله والشهادة في سبيله، لكن إذا لقي العدو يكون عنده الصدق وعنده الضراعة إلى الله وطلب النصر منه لا بشجاعته وقوته أو كثرة جيشه. 

 

بل يكون عنده الانكسار إلى الله تعالي والذل إلى الله وعدم العجب بالنفس أو العجب بالجيش أو العجب بالقوة، بل يقابل العدو بالضراعة والانكسار لله والذل له وطلبه النصر والافتقار إليه عز وجل ويصبر، ولهذا قال صلي الله عليه وسلم " فإذا لقيتموهم فاصبروا يعني اصبروا على جلادهم وقراعهم بالسلاح ومصارعتهم والكر والفر لنصر دين الله تعالي، ويروى أنه عندما تقدم نابليون نحو الأراضي الروسية بقصد احتلالها، صادف فلاحا يعمل بمنجله في أحد الحقول، فسأله عن أقرب الطرق المؤدية إلى إحدى البلدان بعد أن أعلن له عن شخصيته، فقال له الفلاح ساخرا " ومن نابليون هذا ؟ إنني لا أعرفه" فقال نابليون غاضبا سوف أجعلك تعرف من أنا، ثم نادى أحد الضباط ؟ وأمره بأن يسخن قطعة من المعدن على هيئة حرف "N" الذي يبدأ به اسم نابليون حتى درجة الاحمرار. 

 

ثم يلصقها بذراعه اليسرى، وبعد أن تم لنابليون ما أراد، هوى الفلاح بالمنجل على ذراعه من عند الرسغ وقطعها، وقال لنابليون والدم ينزف منه "خير لي أن أموت أو أحيا بذراع واحدة، من أن أعيش بجسم تلوث بالحرف الأول من اسمك، إنني وما أملك لبلادي " ذهل نابليون من رد فعل هذا الفلاح، فصاح في جنوده أن يحضروا الزيت، ويقوموا بغليه، ويغمروا البقية الباقية من يده فيه، لإيقاف النزيف، قائلا لهم " حرام أن يموت رجل يملك هذه الشجاعة وهذه الوطنية " لكنهم إلى أن أحضروا الزيت وقاموا بغليه كان الفلاح قد نزف دما كثيرا، وما هي إلا دقائق حتى لفظ أنفاسه، وحزن نابليون عليه حزنا شديدا، لدرجة أنه أمر بحفر قبر له يدفن فيه، ومكث في المكان نفسه عدة أيام، وقبل أن يغادر وضع قبعته الشخصية على القبر وتركها تكريما وتقديرا لذلك الفلاح الجريء. 

 

وأمر قواته بأن تتجاوز تلك القرية ولا تدخلها أبدا، فأين نحن من تضحياتنا لوطننا؟ فالتضحية من أجل الوطن ليست مقتصرة على مواجهة العدو والموت في سبيل الوطن ورفع الشعارات، أين هؤلاء الذين يدّعون حب الوطن والوطنية وهم من ذلك براء؟ ولا ترى في أعمالهم وسلوكياتهم وكلامهم غير الخيانة والعبث بمقدراته، والعمالة لأعدائه، وتأجيج الفتن والصراعات بين أبنائه، ونشر الرذيلة ومحاربة الفضيلة، فإن واجبنا نحو التضحية من أجل وطننا أن يضحي كل فرد في المجتمع بحسب عمله ومسئوليته، فيضحي الطبيب من أجل حياة المريض، ويضحي المعلم من أجل تعليم وتنشئة الأولاد، ويضحي المهندس من أجل عمارة الوطن، ويضحي القاضي من أجل إقامة وتحقيق العدل، ويضحي الداعية من أجل نشر الوعي والفكر الصحيح بين أفراد المجتمع. 

 

وتصحيح المفاهيم المغلوطة والأفكار المنحرفة، وتضحي الدولة من أجل كفالة الشعب ورعايته، ويضحي الأب من أجل معيشة كريمة لأولاده، ويضحي الجندي من أجل الدفاع عن وطنه، ويضحي العامل من أجل إتقان عمله، وتضحي الأم من أجل تربية أولادها، وهكذا وإننا إذا فعلنا ذلك فإننا ننشد مجتمعا فاضلا متعاونا متكافلا تسوده روابط المحبة والإخلاص والبر والإحسان وجميع القيم الفاضلة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.