رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 11:37 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الصحابي سليمان بن صرد

بقلم محمد الدكروري

سليمان بن صرد وهو صحابي من خزاعة، وقبيلة خزاعة قد اختلف في نسبها فقيل أنها من بني مزيقياء بن عامر، من الأزد، وقيل أنها من بني قمعة بن خندف، من مضر، وكانت منازلهم بقرب الأبواء وفي وادي غزال ووادي دوران وعسفان في تهامة، وخزاعة هي من أمهات القبائل في الجزيرة العربية، وقد حكمت مكة المكرمة في تهامة لفترة طويلة من الزمن، وقيل أنه كانت ولاية البيت الحرام في خزاعة ثلاثمائة سنة، ويسكن معظم القبيلة حاليا فى السعودية والعراق ويتواجدون بنسبة أقل في بعض الدول العربية الأخرى، كمصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان، وخزاعة من القبائل التي اختلف فيها علماء الأنساب، فمنهم من نسبها إلى الأزد ومنهم من نسبها إلى مضر، إلى أن خزاعة هم ولد عمرو بن ربيعة وهو لحي من الأزد، وإنما قيل لهم خزاعة لأنهم انقطعوا عن الأزد لما تفرّقت من اليمن أيام سيل العرم، وكذلك ياقوت الحموي، فقد ذهب إلى أن خزاعة أزدية، وقد ذهب ابن إسحاق إلى أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان،  وبالتحديد من خندف وليس من الأزد، ووافق ابن اسحاق لمصعب الزبيري وذكر أن قمعة هو عمير أبو خزاعة، وقد أسلم سليمان بن صرد، في المدينة المنورة على يد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إسمه يسار، فلما أسلم سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم، سليمان، وبعد فتح العراق، نزل سليمان بن صرد الكوفة، وابتنى فيها دارا، وقد شهد سليمان مع الإمام علي بن أبي طالب معاركه كلها، وفي وقعة صفين كان هو من بارز حوشبا ذا ظليم الألهاني، وقتله، وهو حوشب بن طخية، وقيل طخمة، وهو ابن عمرو بن شرحبيل بن عبيد بن عمرو بن حوشب بن الأظلوم بن ألهان بن شداد بن زرعة بن قيس بن صنعاء بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جُشم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير الحميري الألهاني، وهو ذو ظليم، وروى الحسن ، عن يزيد بن حوشب، عن أبيه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لو كان جريج فقيها عالما لعلم أن إجابة أمه أولى من عبادة ربه عز وجل " وقد روى الليث، فذكر هذا الحديث بسنده، ثم قال إن حوشب هذا هو الذي يعرف بذي ظليم وساق نسبه، وهو عجيب فإن ذا ظليم لا صحبة له، وعن محمد بن عثمان بن حوشب، عن أبيه، عن جده، قال لما أن أظهر الله محمدا، فقد أرسلت إليه أربعين فارسا مع عبد شر، فقدموا عليه بكتابي، فقال له "ما اسمك" قال عبد شر، فقال صلى الله عليه وسلم "بل أنت عبد خير " فبايعه على الإسلام، وكتب معه الجواب إلى حوشب ذي ظليم، فآمن حوشب، وقيل أنه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله إلى ذي الكَلاع وذي ظليم، وهاجر حوشب بعد النبي صلى الله عليه وسلم وشهد اليرموك، وقد اتفق أهل العلم بالسّير والمعرفة بالخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى حَوْشب ذي ظليم الحميري كتابا، وبعث به إليه مع جرير البجلي ليتعاون هو وذو الكلاع وفيروز الديلمي ومن أطاعهم على قَتل الأسود العنسي الكذاب، وكان حوشب وذو الكلاع رئيسين في قومهما متبوعين، وهما كانا ومن تبعهما من أهل اليمن القائمين بِحرب صفين مع معاوية، وقتلا جميعا بصفين، وقد قَتل حوشبا سليمان بن صرد الخزاعي، وقَتل ذا الكلاع حريث بن جابر، وقيل بل قتله الأشتر، وقيل أنه قد نادى حوشب الحميري الإمام علي بن أبى طالب رضى الله عنه، يوم صفين، فقال انصرف عنا يا ابن أبي طالب، فإنا ننشدك الله في دمائنا ودمك، ونخلي بينك وبين عراقك، وتخلي بيننا وبين شامنا، وتحقن دماء المسلمين، فقال الإمام علي بن أبى طالب، هيهات يا ابن أم ظليم، والله لو علمت أن المداهنة تسعني في دين الله لفعلت، ولكان أهون علي في المؤنة، ولكن الله لم يرض من أهل القرآن بالسكوت والإدهان إذا كان الله يعصى وهم يطيقون الدفاع والجهاد حتى يظهر أمر الله، وقيل عن شوحب أنه أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعداده في أهل اليمن، وقيل إنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيل أنه قد روي عن حوشب الحميري، حديث مسند في فضل من مات له ولد، وهو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" من مات له ولد فصبر واحتسب قيل له أدخل الجنة ما أخذنا منك " وعن أبي وائل، قال رأى عمرو بن شرحبيل أنه أدخل الجنة فإذا قباب مضروبة، فقلت لمن هذه؟ قالوا لذي الكَلاع وحوشب قلت فأين عمار؟ قال أمامك قلت وكيف؟ وقد قتل بعضهم بعضا؟ قال إنهم لقوا الله فوجدوه واسع المغفرة ، وقد مات حوشب قتيلا بصفين سنة سبع وثلاثين‏ من الهجرة، وأما عن سليمان بن صرد، فهو سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون أبو المطرف الخزاعي ويقال كان اسمه يسار فغيره النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه صلى الله عليه وسلم، سليمان وكانت له سن عالية وشرف في قومه، وكان من أهم ملامح شخصيته، هى الشجاعة وقد ظهرت في حضوره موقعة صفين مع الإمام علي بن أبي طالب ويوم خرج ليطالب بدم الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، وكانت أيضا من أهم ملامحه الشخصية هو كثرة الشك والوقوف وهذا سبب ندمه على ما كان من خذلانه للحسين، فقد كتب إلى الحسين بن علي أن يقدم الكوفة فلما قدمها أمسك عنه ولم يقاتل معه وكان كثير الشك والوقوف فلما قتل الحسين ندم هو والمسيب بن نجية الفزاري وجميع من خذل الحسين ولم يقاتل معه، وقد خرج سليمان بن صرد في نحو أربعة آلاف مقاتل في عام خمسة وستين من الهجره، وذلك بعد مقتل الحسين بن على، بأربعة سنوات، حتي يكفروا عن تخاذلهم عن الحسين بن علي، في معركة كربلاء والتقوا مع جيش الامويين في معركة عين الوردة وكانوا في نحو أربعة آلاف مقاتل، واستطاع الجيش الأموي هزيمتهم، ومات سليمان بن صرد، وكانت من صفاته الرائعة كذلك أنه كان نبيلا عابدا زاهدا، وكان من أنصار الإمام علي بن أبي طالب فعن سليمان بن صرد قال، أتيت عليا حين فرغ من الجمل فلما رآني، قال يا ابن صرد تنأنأت وتزحزحت وتربصت كيف ترى الله صنع، قلت يا أمير المؤمنين إن الشوط بطين وقد أبقى الله من الأمور ما تعرف فيها عدوك من صديقك فلما قام، قلت للحسن بن علي، ما أراك أغنيت عني شيئا وقد كنت حريصا أن أشهد معه، فقال هذا يقول لك ما تقول وقد قال لي يوم الجمل حين مشى الناس بعضهم إلى بعض، يا حسن ثكلتك أمك أو هبلتك أمك والله ما أرى بعد هذا من خير، ومن الأحاديث التي رواها عن الرسول صلى الله عليه وسلم، عن سليمان بن صرد قال، كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ورجلان يستبان فأحدهما احمر وجهه وانتفخت أوداجه فقال النبي صلى الله عليه وسلم "إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد" فقالوا له إن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعوذ بالله من الشيطان" فقال وهل بي جنون؟ وفي سنن الترمذي قال سليمان بن صرد لخالد بن عرطفة، أو خالد لسليمان، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول من قتله بطنه لم يعذب في قبره؟ فقال أحدهما لصاحبه نعم، وعن سليمان بن صرد، أن أعرابيا صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، ومعه قرن فأخذها بعض القوم فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأعرابي فأين القرن؟ فكأن بعض القوم ضحك فقال النبي صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يروعنّ مسلما" وعن سليمان بن صرد قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم " استاكوا وتنظفوا وأوتروا فإن الله وتر يحب الوتر" وكان سليمان بن صرد، ممن كاتب الحسين بن علي بن أبي طالب ليبايعه، فلما عجز عن نصره ندم، فقاد جيش التوابين الذي التقى جيش عبيد الله بن زياد في معركة عين الوردة في ربيع الآخر سنة خمسه وستين من الهجره، وقتل يومها سليمان بن صرد، وعمره ثلاثة وتسعين سنة، وكان الذي قتل سليمان بن صرد، هو يزيد بن الحصين بن نمير، وقد رماه بسهم فمات وحمل رأسه إلى مروان بن الحكم، وأما عن معركة عين الوردة أو وقعة عين الوردة فهي معركة حدثت بين مطالبين بالثأر لمقتل الحسين بن علي، وبين قوات الدولة الأموية، وانتهت بانتصار الأخيرة، وبعد بعد مقتل الإمام الحسين بن علي، وأصحابه في معركة كربلاء، تنادى مجموعة ممن تخلى عن دعم الحسين في تلك المعركة، ومنهم الصحابي سليمان بن صرد، وكانوا قد كتبوا للحسين قبل المعركة لمبايعته بالخلافة، فلما انتهت المعركة بمقتله دون ان يساعدوه، ندموا على ما فعلوا، وألفوا جيشا سموه جيش التوابين، وأمروا عليهم سليمان بن صرد لمكانته، وعندما اقتربت القوات الموالية للأمويين، خطب سليمان أصحابه فرغبهم في القتال، وقال " إن قتلت فالأمير عليكم المسيب بن نجبة، فإن قتل فعبد الله بن سعد بن نفيل، فإن قتل فعبد الله بن والى، فإن قتل فرفاعة بن شداد، وهجموا على جيش شرحبيل بن ذي الكلاع فقتلوا مجموعة منهم، وكسبوا غنائم منهم، وعندما وصل الهجوم لعبيد الله بن زياد والي العراق، أرسل جيشا بقيادة الحصين بن نمير، وكان ذلك فى اليوم الواحد والعشرين، من شهر جمادى الأولى، فدعت قوات الأمويين لطاعة الخليفة مروان بن الحكم، ودعت قوات التوابين لتسليمهم عبيد الله بن زياد، ليقتلوه عن الحسين، فلم يستجب أحد منهم للآخر، فاقتتلوا وكان التفوق للتوابين في اليوم الأول، ويمكن اعتبار هذه المعركة بداية ثورات شيعة الحسين بن علي، على بني أمية، وقد تولى أمر ثورتهم بعد هذه المعركة المختار بن أبي عبيد الثقفي، وأما عن سليمان بن صرد فى معركة عين الورده، وفي صباح اليوم التالي جاءت إمدادات لقوات الأمويين بقيادة شرحبيل بن ذي الكلاع، وفي اليوم الثالث إمدادات أخرى بقيادة أدهمى بن محرز الباهلي، وفي ذلك اليوم قتل قادة التوابين بدءا سليمان بن صرد، وجميع من سماهم، باستثناء القائد الأخير رفاعة بن شداد، الذي انسحب بقواته، وعندما مات سليمان بن صرد، قد حملت رأسه ورأس المسيب إلى مروان بن الحكم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.