رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 5 مايو 2024 3:14 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن القاضي ابن عبد السلام في المدرسة الصالحية

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

ذكرت المصادر الإسلامية التاريخية الكثير والكثير عن الإمام العز إبن عبد السلام وقيل أنه كان العز متهيبا من الفتوى، وكان جريئا في الرجوع إلى الحق إذا تبين أنه أخطأ، فقد حكى القاضي عز الدين البكاري أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أفتى مرة بشيء، ثم ظهر له أنه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه من أفتى له ابن عبد السلام بكذا، فلا يعمل به، فإنه خطأ، وكان من عمله أيضا هو التدريس، حيث درّس العز بن عبد السلام في المدرسة الصالحية التي بناها الملك الصالح أيوب سنة ستمائة وواحد وأربعين من الهجرة، وذلك بعد أن حصّل العز بن عبد السلام العلوم وتقدم في الحفظ والفهم، اتجه إلى العطاء والإفادة في عدة جوانب، وخاصة التدريس الذي مارسه من أول حياته العلمية في دمشق. 

وحتى آخر عمره في القاهرة، إذ ألقى الدروس في دمشق في بيته وفي المساجد، وفي كل مكان وُجد فيه، فقال ابن كثير وأفاد الطلبة ودرّس بعدة مدارس بدمشق، واقتصرت المراجع والمصادر على تحديد مكانين درّس فيهما العز في الشام وهما المدرسة الشبلية البرانية، وكانت خارج دمشق على سفح جبل قاسيون بالصالحية، ولعل ذلك في أيام الملك الأشرف موسى الذي لم يكن على وفاق تام مع العز في أول الأمر، والمدرسة الغزالية وهي الزاوية الغربية بالجامع الأموي، ونسبت إلى أبي حامد الغزالي لكثرة اعتكافه فيها وتدريسه وتأليفه حين إقامته بدمشق، ثم قام بالتدريس فيها كبار العلماء، ونصت المصادر على أن الملك الكامل عندما ملك دمشق وحضر إليها سنة ستمائة وخمس وثلاثين من الهجرة. 

كلف العز بالتدريس في هذه المدرسة، فقال ابن السبكي وولى الملك الكامل رحمه الله الشيخ تدريس زاوية الغزالي بجامع دمشق، وذكر بها الناس، واستمر العز بالتدريس في هذه الزاوية حتى آخر مقامه بدمشق وهجرته إلى القدس فمصر، وصار صيت العز شائعا، وشهرته عامة، وأكدت معظم كتب التراجم على عبارة وقصده الطلبة من الآفاق، وتخرج به أئمة، ورحل إليه الطلبة من سائر البلاد، وقال قطب الدين اليونيني عن تدريسه، كان مع شدته فيه حسن المحاضرة بالنوادر والأشعار، وكان العز متأثرا بجودة التدريس وحسن الخطابة والإلقاء بشيخه الآمدي، كما تأثر بالقاسم بن عساكر في المرح بالدرس، واستعمال المزح وطرح التكلف، فقال ابن كثير وكان لطيفا ظريفا يستشهد بالأشعار، ولما انتقل العز إلى مصر. 

واظب على التدريس الحر والدروس العامة، مع وظيفته في الخطابة والقضاء، ولم يُعين للتدريس في وظيفة رسمية حتى عزل نفسه من القضاء، وكان السلطان الصالح أيوب، يبني المدرسة الصالحية بين القصرين في القاهرة، وأعدها لتدريس الفقه على المذاهب الأربعة، واكتمل بناؤها سنة ستمائة وتسع وثلاثين من الهجرة، فحاول السلطان أن يثني العز عن استقالته من القضاء فأبى، فلما رأى زهده في منصب القضاء وافق علي استقالته وعرض عليه تدريس الفقه الشافعي في هذه المدرسة فقبله، فعكف على التدريس فيها للشافعية، وقصده الطلبة من كل البلاد، وتخرج به الأئمة، وبقي فيها حتى توفي.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.