رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 6:34 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الهدية التي تجتذب القلوب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حثنا الإسلام علي التهادي فيما بيننا لإن الهدية لها آثار طيبة على العلاقات الأسرية والأواصر فيما بين الناس، فهي تأكيد للمحبة والصداقة، وهي عنوان للوفاء، فيفرح القلب بها، وينشرح الصدر لرؤيتها، وإن كانت في النفوس بعض المكدرات انسلت وخرجت، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجيبوا الداعى ولا تردوا الهدية" رواه البخاري، فإن الإسلام قد جاء بكل حسن مما فيه تزداد علاقات الأخوة ببعضهم، وتتقارب نفوس المسلمين، ومن ذلك الهدية، فهي أدب حسن، وخلق جميل، وإن هذه الهدية التي تهدي القلب، وترشده إلى سبيل المودة والتآلف، وتولد الود والمحبة، وإن هذه الهدية التي تجتذب القلوب، وإن الهدية تسموا بحسب الهدف منها، وكلما كان الهدف أسمى، كان أجرها أعظم بصاحبها. 

وتكون الهدايا للوالدين عظيمة لأجل أن صلة الرحم عظيمة، وهكذا تكون للأخ في الله إذا صدق في مودته لله، ومحبته لله، أجر على ذلك أجرا عظيما، وتكون أيضا للزوجة تقربا إليها، وشكرا على بعض عملها، ووفائها، فيزيل ذلك كثيرا مما في نفسها من العناء، وتكون الهدية لمن شاحنك، أو عاملك بسوء فتستخرج ما في نفسه من البغضاء وتكون الهدية للمخطوبة مرغبة في النكاح، وهكذا تنزل، ولا بد أن يخشى المسلم من أن يهدي شيئا يؤدي به إلى حرام، ومن ذلك ما يهدى للسكوت عن الحق والإقرار على الباطل، ولأجل ذلك رد نبى الله سليمان عليه السلام هدية بلقيس ملكة سبأ، فلما أرسلت هديتها إليه تقصد استمالة قلبه، ومصانعته لتسكيته، ولتثنيه على الإتيان إليهم، لم يقبل تلك الهدية، لأنها ثمن للسكوت عن الحق، وترك الدعوة إلى الله.

وترك جهادهم في سبيل الله، ولقد جاء الإسلام بكل ما يؤدي إلى الترابط والألفة، وتقوية أواصر المحبة بين الناس، ومن ذلك أمره بالتهادي بين الناس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال " تهادوا تحابوا" رواه البخاري وهذا فيه دلالة واضحة على أن الهدية لها الأثر الكبير في زيادة المحبة والألفة بين الناس، فهي تسل سخيمة الصدر، وتذهب العداوة والبغضاء، وتبعث على المحبة، وتعمق المودة، وهي من العادات الجميلة التي إن انتشرت بين قوم كانت أكبر دليل على حسن أخلاقهم، وقوة صفاء نفوسهم، وحبهم للخير وبذلهم له، وهي عبارة عما يعطيه الإنسان لغيره بقصد إظهار المودة، وحصول الألفة والثواب للأقرباء أو الأصدقاء، أو العلماء، أو من يحسن الظن به، بمعنى أنها تقدم ولا يراد بها بدل. 

وليست هي في مقابل ثمن، أو سلعة، أو نحو ذلك، بل هي ما يقدم بلا عوض بقصد إظهار المودة وحصول الألفة، ومن ثم كانت الهدية مفتاحا للقلوب، وقد حصل التهادي بين النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وهو ثابت بالسنة النبوية الصريحة، كما أنه صلى الله عليه وسلم، رغب في قبولها والإثابة عليها، وكره ردها لغير مانع شرعي، مهما كانت قليلة أو محتقرة، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ولو أهدي إليّ ذراع أو كراع لقبلت" رواه البخاري، فالهدية مستحبة شرعا، ومقبولة طبعا، وكثيرا ما تكون سببا في زيادة رابطة التواصل بين الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران، وتكون سببا في نزع الخلافات وإزالة الفجوات، لأنها تقوم بجلاء ما في القلوب من حقد وحسد ووحشة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.