رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 5 مايو 2024 3:50 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن صاحب كتاب فوات الوفيات

بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام شمس الدين الذهبي، وقد ذكر له الإمام ابن شاكر الكتبي ترجمة حسنة في كتابه فوات الوفيات، وكذلك فإن من المخطوطات المعتمدة في طبعة دار الرسالة العالمية في دمشق من كتابه ميزان الاعتدال مخطوطة كتبت بخط المصنف نفسه وهي محفوظة في مكتبة الزاوية الناصرية في تمكروت التابعة لمخطوطات الأوقاف المغربية، وقيل أنه امتلأ كتابه سير أعلام النبلاء بكل أنواع النقد، فلم يقتصر على مجال واحد من مجالاته، فعني بنقد المترجمين، وبيان أحوالهم، وانتقاد الموارد التي نقل منها، ونبه إلى أوهام مؤلفها، وقد غالى الإمام الذهبي في نقد بعض الرجال، وهو ما كان سببا لانتقادات بعض معاصريه له، مثل تلميذه عبد الوهاب السبكي. 

ويجب الانتباه إلى أن كتاب سير أعلام النبلاء ليس مختصرا لتاريخ الإسلام، وإن كانت كل التراجم الموجودة في السير سبق أن تناولها الإمام الذهبي، في تاريخ الإسلام تقريبا، فثمة فروق يلحظها المطالع للكتابين، فتراجم الصدر الأول في السير أغزر مادة من مثيلاتها في تاريخ الإسلام، كما أنه ضمّن السير مجموعة من الكتب التي أفردها لترجمة البارزين من أعلام الإسلام، مثل أبي حنيفة وأبي يوسف، وسعيد بن المسيب وابن حزم، وهذه المادة لا نظير لها في كتابه تاريخ الإسلام، ويبدأ الكتاب بسيرة للنبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ثم الخلفاء الراشدين ثم تتمة العشرة المبشرين بالجنة وأعيان الصحابة فمن بعدهم وتنتهى بقليج قان ابن الملك المعز أيبك.

وقد تبوأ الإمام الذهبي مكانة مرموقة في عصره تجد صداها فيما ترك من مؤلفات عظيمة وفي شهادة معاصريه له، ولعل من أبلغ تلك الشهادات ما قاله تلميذه تاج الدين السبكي"محدث العصر، اشتمل عصرنا على أربعة من الحفاظ، بينهم عموم وخصوص المزي والبرزالي والذهبي والشيخ الوالد، لا خامس لهؤلاء في عصرهم وأما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظا، وذهب العصر معنى ولفظا، وشيخ الجرح والتعديل" وهذا الكلام ليس فيه مبالغة من تاج الدين السبكي، خاصة أنه كان من أكثر الناس انتقادا لشيخه، وظل الإمام الذهبي موفور النشاط يقوم بالتدريس في خمس مدارس للحديث في دمشق. 

ويواصل التأليف حتى تعب بصره في أخر حياته، حتى فقد الإبصار تماما، ومكث على هذا الحال حتى توفي ليلة الإثنين الثالث من شهر ذو القعدة، لعام سبعمائة وثماني وأربعين من الهجرة الموافق اليوم الرابع من شهر فبراير لعام ألف وثلاثمائة وثماني وأربعين للميلاد.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.