رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 1:18 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام يوم السبت

بقلم / محمـــد الدكـــــروري

عندما مجد الإسلام فضيلة الوفاء حمل أيضا على الخيانة والغدر حتى مع الأعداء، فيقول سبحانه وتعالى في سورة المائدة " ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا" وقال تعالي أيضا في سورة الحج " إن الله لا يحب كل خوان كفور" وقال صلى الله عليه وسلم "إذا جمع الله بين الأولين والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء يعرف به، فيقال هذه غدرة فلان"رواه البخاري، ولقد حرم الإسلام اتخاذ المصلحة سببا في نقض العهد، وكان بعض المشركين من العرب يبرر لنفسه نقض عهده مع الرسول صلى الله عليه وسلم بأن محمدا ومن معه قلة ضعيفة بينما قريش كثرة قوية فنبههم إلى أن هذا ليس مبررا لأن يتخذوا قسمهم غشاء وخديعة. 

فقال تعالي في سورة النحل " تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربي من أمة" أي بسبب كون أمة أكثر عددا وقوة من أمة، وطلبا للمصلحة مع الأمة الأقوى، ويدخل في مدلول النص أن يكون نقض العهود تحقيقا لما يسمى الآن مصلحة الدولة، فالإسلام لا يقر مثل هذا المبرر ويجزم بالوفاء بالعهد، وهكذا كانت علاقة المسلمين حتى مع أعدائهم، وفاء مرتبطا بالعقيدة لا يتقيد بمنفعة زائلة، ففي الحروب الصليبية في عهد صلاح الدين الأيوبي كان المسلمون يفون بعهودهم رغم كثرة الغدر من قبل الصليبيين امتثالا لقوله تعالى في سورة الأنفال " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم علي سواء إن الله لا يحب الخائنين" 

فالميثاق لا يُنقض غدرا حتى حين تخاف الخيانة وإنما يعلم العدو أن الميثاق قد انتهى بسبب الخيانة من جانبه، وأن العلاقة هي علاقة الحرب، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال، فالحال الأولى أن يكون في فرض كرمضان أداء، أو قضاء، وكصيام الكفارة، وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية، والحال الثانية هو أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين، وقد صامت يوم الجمعة "أصمت أمس؟ قالت لا، قال "أتصومين غدا؟ قالت لا، قال "فأفطري" فقوله "أتصومين غدا؟ يدل على جواز صومه مع الجمعة. 

وأما الحال الثالثة وهو أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان، وتسع ذي الحجة، فلا بأس لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها، وأما الحال الرابعة وهو أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين "إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه" وهذا مثله، وأما الحال الخامسة، وهو أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه" وأما عن من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ 

فإنه لا يقضى صومه لفوات وقته، والضابط فيما يقضى وما لا يقضى أن كل نفل قيد بسبب كالكسوف، أو قيد بوقت كالأيام البيض وعاشوراء، فإنه لا يقضى إذا فات وقته أو سببه، وأما عن صوم عاشوراء بنية القضاء، فإنه يصح أن يصوم المسلم في عاشوراء ويريد بذلك القضاء، ولكنه لن يكون عاشوراء وإنما هو القضاء، وكل عملين مقصودين لا يمكن تشريك النية فيهما، بل لابد من الإتيان بهما ولا بأس من أن يصوم عاشوراء ثم يصوم القضاء بعده، ولو تيسر صوم القضاء أولا فهذا أولى، ولكن ماذا يكفر صوم عاشوراء؟ فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "وتكفير الطهارة، والصلاة وصيام رمضان وعرفة وعاشوراء، للصغائر فقط" 

ويدل له قول النبي صلى الله عليه وسلم "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" رواه مسلم، فهذا رمضان، فكيف بالنفل؟

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.