رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 29 أبريل 2024 10:07 ص توقيت القاهرة

الزمن اليباب

شعر/د.سرجون كرم

استريحوا... 

فأنتم آخر الشعراء،  

حتى إذا آب آخرُكم إلى الشجرة التي خرج منها غجريّ قصيدته 

سيُفتح الباب عندها للعاهرات 

يدخلن ويُعلّقن رؤوسكم قناديل لليالي العامرة... 

وستتسامرون معهنّ بكلّ حبور، 

لأنكم لم تكونوا في حياتكم إلا مثلهنّ: 

أرواحًا ضائعة  

في زمان مقيت ومكان خراب 

أو 

في مكان مقيت وزمان خراب. 

*** 

اكتبوا ما تشاؤون 

مما يسمى في معاجم المِلَل باللغة الجميلة 

تلك التي تضع جناحًا أصفر للسنونوة 

وقبعة للهدهد 

وأشياء من هذا القبيل لوصف النهود  

وأحاسيس الجسد حين يشعر أنّه جسد،  

فمكان العبارات سيبقى لكم 

ولكنّ الزمان في مكان آخر 

اسألوا أبناءكم أين يدور،  

فإن شاؤوا أجابوا.  

*** 

وأغدقوا علينا من أحاديثكم  

مع جدران غرفكم  

التي تضيق مع كلّ قصيدة تقترب  

وحبيبٍ يدير وجهه للقبر  

فأنتم آخر الشعراء في جميع الأحوال  

الغرباءُ في عصر الذكاء الاصطناعيّ  

الذي سيجلس بلا صرّة يكتب  

والناس تقرأه وتندبكم تزلّفًا حين تموتون.  

*** 

في غرفتي ما زلت أستحضر الجنّ  

كما كنت أفعل في شبابي 

وأسأل: ما الجدوى من كل ذلك؟  

من الشعر؟  

من الطلقة التي لا تصيب إلا مطلقها؟  

من الحزب الذي يبحث عن شهيدٍ؟  

من الامرأة التي فقدت وحيدها وبقيت على قيد الحياة؟  

من الجنود القدامى الذين يقصّون على رفاقهم القصص البطوليّة ذاتها مذ كانوا معًا في الخندق نفسه  

وفي الخيمة نفسها؟  

من الرحلات التي تنتهي في بحيرة جليديّة؟ 

ومن الحلم براعية أغنام ذات عينين زرقاوين تفصلان الأرضَ عن السماء؟  

من طبول الحرب ومن حمامات السلام؟ 

من الدول اللقيطة والتاريخ الجليّ؟  

من الأشياء التي لا تشبه ما يشبهني؟ 

*** 

اكتبوا لأهوائكم  

ولا تطّلعوا على الغيب.  

فالزمان لم يعد هنا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.