رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 24 يوليو 2025 1:48 ص توقيت القاهرة

الشابو.. قنبلة موقوتة تضرب عقول الشباب

تحقيق ضاحى  عمار
وسط زحام الشوارع، وتحت الدائرى، وفى قلب الأسواق، يُباع الشابو جهارًا نهارًا، بلا خوف من قانون، ولا رهبة من سلطة، فى مشهد يُجسّد انهيارًا حقيقيًا لمنظومة الأمن الاجتماعى. ما يحدث ليس مجرد تجارة مخدرات، بل هو جريمة منظمة تتجاوز حدود الربح السريع، لتكشف عن مخطط أوسع، يقف خلفه أطراف خارجية تسعى لتدمير المجتمعات العربية، وفى القلب منها مصر.

الشابو، أو ما يُعرف بالكريستال ميث، أو الآيس، ليس نباتًا يُزرع فى الخفاء، بل هو مركب كيميائى قاتل يتم تصنيعه فى معامل محمية، على أيدٍ مدربة وبتقنيات معقدة. الدكتور محمد مصطفى، استشارى الأمراض الباطنة، يُحذر من خطورة هذا المخدر قائلاً: ما يميز الشابو عن غيره من المواد المخدرة أنه ليس مشتقًا من نبات، بل هو منتج كيميائى خالص يُصيب الجسم بأضرار فادحة، ويبدأ بتدمير الجهاز العصبى والمراكز الحسية فى الدماغ فور دخوله الجسم.

وأضاف مصطفى أن الترويج لهذا السم القاتل يتم تحت شعارات كاذبة، مثل زيادة التركيز والنشاط والسهر، بينما الحقيقة أنه بداية الانهيار الشامل. أول جرعة قد تبدو للبعض ممتعة، لكنها فى الواقع تدفع المدمن نحو هاوية لا قرار لها.

أما الدكتور أحمد إبراهيم، استشارى المخ والأعصاب، فيؤكد أن الشابو ليس فقط مادة مخدرة، بل هو أداة فى يد أجهزة مخابرات دولية تستهدف تدمير الشعوب من الداخل. يقول: هذا النوع من المخدرات لا يُصنّع فى أماكن بدائية كما يظن البعض، بل يتم إنتاجه فى معامل تابعة لشبكات دولية، وبعضها مرتبط بشكل مباشر بأجهزة استخبارات، وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة، بهدف نشره فى المجتمعات الإسلامية لضرب عمادها الأساسى: الشباب.

ويشرح إبراهيم أن الشابو يسبب تآكلًا فعليًا فى خلايا المخ، ويُغيّر كيمياء الدماغ بطريقة يصعب علاجها. المدمن قد يتوقف عن التعاطى، لكن الضرر الذى أصاب دماغه لا يعود كما كان. يظل الإنسان يعانى من ضعف فى الإدراك والتركيز والتوازن النفسى، وبعض الحالات لا تُشفى أبدًا.

شهادات حية من داخل مراكز إعادة التأهيل تروى حجم الكارثة. أحد المتعافين، فى العشرينيات من عمره، قال: دخلت عالم الشابو وأنا فاكر إنى هشرب مرتين وخلاص. كنت عايز أعيش إحساس القوة والنشاط اللى الناس بتتكلم عنه. بعد أسبوع، بقيت بسرق تليفون أمى. فقدت كل حاجة، احترامى، صحابى، حتى نفسى ما بقيتش أعرفها. اتعالجت بصعوبة، ولسه كل يوم بحارب الانتكاسة.

الخطير فى الأمر، أن توزيع الشابو لا يقتصر على المهربين أو البلطجية. هناك شبكات منظمة، تتحرك بحرية داخل المناطق الشعبية، وفى بعض الأحيان بعلم الجميع. المواطنون أصبحوا يرددون أسماء المروجين كأنهم شخصيات عامة، دون تدخل حاسم من الجهات الأمنية.

الأدهى من ذلك، أن هناك أصواتًا داخل المجتمع باتت تتعامل مع الشابو كأمر واقع. يبرر البعض انتشاره بضعف الرقابة أو قلة الإمكانات، بينما يغض آخرون الطرف بدعوى أن أبناءهم مش هيتأثروا. وهذا بالضبط ما تريده الجهات الداعمة لهذا السم: أن نفقد الإحساس بالخطر.

البُعد الأمنى لا يقل خطورة عن الجانب الطبى. انتشار الشابو بهذا الشكل يُنذر بانهيار فى منظومة السلم الاجتماعى، حيث يتحول المدمن إلى شخص عدوانى، فاقد للسيطرة، مستعد لإيذاء نفسه وأسرته ومجتمعه. الدكتور مصطفى يُشير إلى أن بعض الحالات وصلت إلى ارتكاب جرائم قتل بسبب هلاوس سمعية وبصرية ناتجة عن التعاطى. المدمن يشعر بأن الجميع ضده، وقد يُهاجم أقرب الناس إليه تحت هذا الوهم

فى مواجهة هذا الطوفان، تبقى الدولة مطالبة بتحرك سريع وجاد، لا يقتصر على الحملات الأمنية الموسمية، بل يمتد إلى وضع استراتيجية شاملة تشمل التوعية، والعلاج، والملاحقة الأمنية الحاسمة. كما يجب فتح تحقيقات جادة حول الجهات التى تموّل وتُروّج لهذه المواد، ووقف حالة الصمت المريب التى تُغلف المشهد.

المدارس والجامعات والمراكز الشبابية يجب أن تتحول إلى جبهة توعية حقيقية. لا يكفى تحذير سطحى، بل لابد من عرض تجارب حقيقية، وتوفير الدعم النفسى، ودمج المدمنين المتعافين فى المجتمع، حتى لا تكون الانتكاسة مصيرهم الوحيد.

الشابو ليس أزمة صحية فحسب، بل هو تهديد وجودى يُدار من الخارج، ويُنفذ بأيدٍ داخلية. حرب جديدة تُشنّ ضد مصر، سلاحها السم، وضحاياها شباب فى عمر الزهور. وعلى الدولة، بكل أجهزتها، أن تعى جيدًا أن المعركة حقيقية، والخطر لم يعد على الأبواب... بل دخلها بالفعل

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.