
الحمد لله خلق الخلق وبالعدل حكم مرتجى العفو ومألوه الأمم كل شيء شاءه رب الورى نافذ الأمر به جف القلم، لك الحمد ربي من ذا الذي يستحق الحمد إن طرقت طوارق الخير تبدي صنع خافيه إليك يا رب كل الكون خاشعة ترجو نوالك فيضا من يدانيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسلم له من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن الجدال، وعواقب الجدال، وقال عبد الله بن حسين بن علي رضي الله عنه المراء رائد الغضب، فأخزى الله عقلا يأتيك بالغضب وقال محمد بن علي بن حسين رضي الله عنه الخصومة تمحق الدين.
وتنبت الشحناء في صدور الرجال، وقيل لعبد الله بن حسن بن حسين ما تقول في المراء؟ قال يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن يكون ذريعة للمغالبة، والمغالبة أمتن أسباب القطيعة، وقال جعفر بن محمد إياكم وهذه الخصومات، فإنها تحبط الأعمال، وهكذا يتبين لنا خلال هذا العرض الموجز أن هذا الحديث النبوي الكريم الذي تصدرت به هذه الخطبة يحثنا على ترك الجدال، وبيان المفاسد التي يؤدي إليها الجدال في الباطل، وصدق رول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول " ما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " فيا أيها المؤمنون لقد ربط الله تعالى النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب فقال " يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم " والقلب السليم هو القلب الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، وسلم من مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وسلم من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة وهو قلب يخشى الله في السر والعلن كثير التوبة والإنابة إليه، وعندما سُئل النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟ قال "كل مخموم القلب صدوق اللسان" قالوا صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال "هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" رواه ابن ماجه، وهناك مفسدات للقلوب قد تسبب بمرضها أو موتها وهلاكها ينبغي الحذر منها، وتنقية القلوب من شوائبها وأدرانها من هذ المفسدات هو الجدال والمراء، والجدال هو قصد إفحام الغير، وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه، ونسبته إلى القصور والجهل فيه، أما المراء فهو طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير، وهما من الآفات الكبرى التي يعاني منها المجتمع المسلم، وقد إنتشرت تلك الآفة فينا هذه الأيام.
إنتشار النار في الهشيم، فترى الناس يتجادلون في كل مكان في المواصلات في الشارع، في أماكن العمل والدراسة، ولربما ثارت بينهم الخصومات والعداوات بسبب هذا الجدال والمراء، وحينما ننظر إلى أحكام الشرع وتوجيهاته نجد أنه حرم الجدال إلا في حدود معينة وبضوابط معلومة، أما المراء فقد حرمه مطلقا، حيث قال الله تعالى " فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " وعن ابن مسعود في قوله " ولا جدال في الحج " قال "أن تماري صاحبك حتى تغضبه" وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال "الجدال المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى الله عن ذلك" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" رواه أبو داود.
إضافة تعليق جديد