رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 25 مايو 2025 2:08 م توقيت القاهرة

النائب محمد فؤاد يكتب الايجار القديم العدل المركون

بقلم/ د.محمد فؤاد

يمثل ملف الإيجار القديم في مصر، ظلم بيّن تغافلت مؤسسات الدولة سواء الحكومة أو البرلمان عن مواجهته على مدار العقود الماضية، بما سبب معاناة حقيقية للمعنيين به، وصدر على أرض الواقع مظلومية شديدة لكلا طرفيه الملاك والمستأجرين قائمة على ضياع حقوق الملاك عقاراتهم من ناحية أو تخوف المستأجرين من طردهم في الشارع، من أخرى.

وعندما استبشر المواطنون خيرا في البرلمان الحالي لحل هذا الملف الشائك، أو اتخاذ أي خطوة كمقدمة للحل، تزيل هذا الظلم وتعيد الحقوق لأصحابها، يبدو أن المجلس سوف يخذلهم في هذا الأمر أيضا، خاصة وأنه قد انقطى أربعة أدوار كاملة دون حل الملف بشكل جذري أو حتى جزئي.

فمنذ دور الانعقاد الثاني، وتتحدث لجنة الإسكان وقيادات البرلمان عن أن مناقشة مشروع قانون متكامل للإيجار القديم على رأس أجندة اللجنة والمجلس، إلا أن هذه التصريحات لم يكن أي وجود على أرض الواقع، ورغم تقدم أكثر من 4 نواب بمشروعات قوانين تخص الإيجار القديم، لم نجد أي جلسة لمناقشتهم.

الحكومة هي الأخرى عليها وزر كبير في إرجاء أي تحرك لحل أزمة الإيجار القديم في مصر، رغم أنها تتحدث منذ 2012 عن الإعداد لقانون يحل هذه الأزمة، ولم تبدي أي تجاوب إلا مع حكم المحكمة الدستورية العليا الأخير.

تدخل المحكمة الدستورية في هذا الملف وإصدارها حكما بشأن عقود الإيجار القديم للوحدات غير السكنية المؤجرة للأشخاص الاعتبارية، حرك المياه الراكدة بشأن هذا الملف المستعصي ولو بشكل جزئي، وأجبر الحكومة على تقديم قانون للبرلمان، إلا أنه للأسف لم يستطع البرلمان إقرار مشروع القانون المقدم من الحكومة في موعده الدستوري، وتم إرجائه لحين التوافق على حل بديل عن المطروح في مواد القانون.

ويبدو أن حكم المحكمة الدستورية جاء على غير رضا الحكومة، فعمدت إلى تأخير تقديم القانون المنفذ لحكم المحكمة الدستورية إلى فترة متأخرة من دور الانعقاد الرابع المنصرم من ناحية، ومن أخرى غابت عن غالبية جلسات مناقشته في لجنة الإسكان، واختفت عن الجلسة العامة المعنية بنظره وإقرارها وكأنها تعلن بشكل غير صريح عدم اهتمامها بالقانون خاصة وأنه سوف يرتب عليها أعباء مالية في المقرات التي تستأجرها الهيئات والوزارات.

لا أعلم حقيقة قصد تأجيل عرض قانون الإيجار القديم على الجلسة العامة إلى آخر جلسات المجلس حتى يتم تأجيله بحجة الوقت إلى الانعقاد المقبل، إلا أنني في الحقيقة لا أجد مبرر واضح لتأخير القانون رغم أن اللجنة وافقت على جميع مواده كما هي ولم تغير حرفا إلا إضافة الأشخاص الطبيعية إلى تطبيق القانون استنادا لتقرير مجلس الدولة.

الأزمة الحقيقية في عقود الإيجار القديم، أن كل طرف يرتبط بها سواء المستأجرين أو الملاك يتحدث في وادٍ مختلف ولم يستطع أحد منهم أن يقتع الطرف الآخر بوجهة نظره أو تقديم مستندات قطعية الثبوت بشأن القضية، تثبت الحقوق وتزيل حالة من التصريحات المتضاربة بين الطرفين، حتى يتم البناء على معلومات ومستندات صحيحة.

فعند الاستماع إلى حلقة تلفزيونية ممثل فيها الطرفين تجد تناقضا كبير بينها في الأسانيد التي يقدمها أو رؤيته للحل، ويتكرر هذا المشهد تقريبا في كافة اللقاءات بين الطرفين، دون أن يستطيع أي شخص أن يبني موقفا يمثل العدل من وجهة نظره، لأني حائر بين معلومات متناقضة في الأساس.

وهنا يجب تشكيل لجنة قانونية ممثل فيها طرفي الأزمة وبحضور مؤرخين عن فترة الرئيس عبد الناصر لديهم معلومات مؤكدة عن ملف الإيجار القديم وما تم به منذ هذه الفترة، وممثلين عن البرلمان والحكومة، بحيث تكون مهمة هذه اللجنة دراسة الأمر تاريخيا وقانونيا وأن تبحث آثاره على أرض الواقع، حتى يتبين للجميع حقوقهم ويكون لدينا معلومات مؤكدة بشأن القضية، نستطيع أن نبنى عليها توجه فعلي يحقق العدل المركون منذ فترة طويلة جدا.

فحينما تكون لدينا معلومات مؤثقة لا تقبل الطعن بشأن الإيجار القديم والتطور التاريخي له ومدى أحقية كل طرف فيما يقوله ويروجه في كل مرة يتم طرح فيها الأمر، سيكون عندها أي توجه أو طرح للحل قائم على سند صحيح، يعفي الجميع من الظلم لأي طرف ويعيد الحقوق لأصحابها.

الحسم في القضايا الحرجة وخاصة مع تضمن وجودها ظلما، إن اقترن بتوضيح الحقائق الكاملة للجميع، سوف يساعد في حل الأزمة سريعا وعدم تضرر أحد، فالطبع إن اقتنع أيا من الطرفين بأن ما يطالب به ليس حقا أو عدلا فلن يمكنه الاستمرار في طريقه أو تشبثه برأي علم أنه خطأ.

وبما أن الإيجار القديم في مصر متشعب -يضم السكني وغير السكني من إداري وخدمي وتجاري، والمؤجر لأشخاص طبيعية واعتبارية-، فأنني أفضل الحل التدريجي له اعتبار إلى وضع تفرعات القانون والمعنيين به، حيث أن حسم الأمر تدريجيا خير من الممارسات "التسويفية" الحالية التي لا ولن ترضي أحدا.

وللحديث بقية ضمن حلقات التشريعات الضائعة في البرلمان.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.