رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 2 مايو 2024 5:27 م توقيت القاهرة

تامر جلهوم يكتب : صمت العيون

بقلم : تامر جلهوم ... الكاتب والمخرج

الصمت هو العلم الأصعب من علم الكلام، يصعب أحياناً تفسيره وهو أفضل جواب لبعض الأسئلة...؟؟ وقيل قديماً أن الصمت إجابة رائعة لايتقنها الآخرون، ومما قيل عنه نذكر:

قال صلى الله عليه وسلم :"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".

وقال علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه: "إذا تم العقل نقص الكلام"، وقال: "بكثرة الصمت تكون الهيبة".

فعندما تعجز كلماتنا عن وصف أحساسنا يصبح صمتنا أصدق تعبير عن ما بداخلنا".

سأل المعلم تلميذه : ماذا يعمل والدك ؟

صمت التلميذ ولم يجب .

فسأله المعلم مرة أخرى: ماذا يعمل والدك يافلان ؟

فأكتفى التلميذ بالصمت ولم يجب ! صرخ المعلم في وجهه أمام التلاميذ

وقال : ياغبي ألاتعرف ماذا يعمل والدك ؟!

رفع التلميذ رأسه وقال: بلــى ! أنه نائم في قبره .

فعنـدما تبـــدأ الكـــلمات بالتســـاقط يأتـــي دور "الصمــــــت" ليعبر عن معاني عجزت "الحــــــروف" عنها.

فما ندمت على سكوتي مرة، ولكن ندمت على الكلام مراراً...!.

أحياناً نصمت لأن أجوبتنا قد تقتلنا قبل أن تقتلهم .

فأننى أحسد الأطفال الرضع، لأنهم يملكون وحدهم حق الصراخ والقدرة عليه، قبل أن تروض الحياة حبالهم الصوتية، وتعلمهم الصمت...!!.

فرجاءاً لا تحسبن صمتي...ضعفاً...فإني لم أجد مايستحق كلامي ولتعلموا أن صمتي لغتي فإن لم تفهموا صمتي...((فلن تتمكنوا من فهم...كلامي))...!!.

فالمرء يحتاج إلى سنتين تقريباً ليتعلم الكلام .. لكنه يحتاج إلى سنين ليتعلم لغة الصمت...!

فأعلم عزيزى القارىء أن الصمت فن إذا أتقنته ...أصبحت مبدعاً في كلامك....!!

فصمتي لا يعني رضايا على ما يدور حولى! وصبري لا يعني عجزي ..! وأبتسامتي لا تعني قبولي ..! وطلبي لا يعني حاجتي ..! وغيابي لا يعني غفلتي ..!وعودتي لا تعني وجودي ..!وحذرى لا يعني خوفي ..!وسؤالي لا يعني جهلي ..!وخطئي لا يعني غبائي ..!

فمعظمها جسور .. أعبرها لأصل إلى القمه.

فحينما يتحدث الصمت تنطلق الهمسات بلا توقف .

نشعر بالحروف تخترق كل الجدران بهدوء وتستقر في القلب.

فحينما يتحدث الصمت تنطلق العبارات بدون صخب تداعب الروح والجسد وتنعش قلوباً قد أرهقتها الحياة فعندما يتحدث الصمت تستقر الكلمة العذبة بأذان من لا يستحقها.

وعندما يتطلع قلب رضيع لبسمة الغد يتحدث الصمت وعندما يفرش لنا ربيع الذكريات الجميلة يتحدث الصمت وعندما نستجدى قصص الطفولة يتحدث الصمت وعندما ندمع لوداع حبيب يتحدث الصمت .فعندما يسكت الكلام ويتكلم الصمت ....ثم تنطق العيون ...!

عندما تعجز الكلمات عن التعبير ...عندما يقف الزمن عند لحظة معينه .

عندما تنعدم لغة الكلام ...عندما لا نجد أي حرف في الأبجدية يستطيع إيصال ما نريد .

وقتها يظهرلنا شبح الصمت.

فيكون الصمت أساس الوقف وسيده ...يسدل ستاره الرمادي ليخفي الحقائق .

يبدأ في أستعراض قوته الصامتة ...يغطي الموقف برهبة فتقشعر لها الأبدان .

وتحاول الكلمات الصمود أمام هذا الشبح ...وتحاول الخروج من الشفاه لكنها لا تستطيع .

فحينها تستنجد الكلمات بمن يساعدها في حربها مع الصمت .

فنجد الصمت يعطنا بلاغة أكثر … ودقة أكثر وتعبيراً سليماً يغنينا عن كل المفردات التي تقال ونكتشف عندها إن الصمت أكثر جدوى من حديث بلا معني وثرثرة لا تنتهي ،فأحيانا نختار الصمت .. ثم الصمت .....!!.يقول أبو نواس:

خل حبيبك لمرام.....وامض عنه بسلام

مت بداء الصمت خيراًً.....لك من داء الكلام

إنما العاقل من ألجم....فاها بلجام

فقد يأتك الصمت فرضاً وليس طوعاً.. فالصمت أبلغ حديثا من كل حديث وقد يرتسم أفصح علي كل الشفاه ليكون أقسي من قول جارح ليكون لنا أكثر أتعاباً من الكلام ويغسل القلب من الهم … ليداوى الصمت عندها النفس بحديث تبثه الروح فيكون الصمت سيد اللحظة والإنصات خير مستمع ولأننا نعلم إن الصمت كلام ليس ككل الكلام فيبقي حبيسا داخلنا يحمل المعاني .. غامضاً لتبقي الكلمات في مكانها حروف صامته كلمات راكدة تحترق داخلنا ترفض الخروج لكي لا تموت ليبقي ما في النفس سراً غامضاً لا تخرج لتريح الروح ربما البوح يحرقها .

فالصمت كلام يشبه الكلام هو صوت خافت يشبه الحنين يشبه لحظات مرت وعبرت لتسكن في الماضي … متراكمة رافقها الصمت أحياناً والحديث الكثير أحيان اَخر ، فالصمت كلام يوحي لنا بالبكاء .. ثم البكاء ، ثم الصمت هو كلام غاب صوته كلما جاء وقته … فالصمت يملاء دفاترنا العتيقة بعيداًعن عيون الآخرين وثرثرتهم .. الصمت مع هذه الضوضاء التي نعيش بداخلها عبادة والصمت دعوة لتريث دائما في كل تصرفاتنا وعلي كل ما يحيط بنا … دعوة لنتريث في أقوالنا التي تخرج من قلوبنا قبل شفاهنا … فالصمت يبعدنا عن التجريح والعبث ويعطي قيمة للإنسانية جمعاء في كل الأوقات وينم عن حكمة ورصانة يحتاج إليها العديدين الذين أرهقوا مسامعنا ،فالعمل بصمت أفضل بكثير من صراع الكلمات والعبارات المستهلكة …فى زمن كثرت فيه الغوغائية في كل شي فلا تجد غير صمت العيون تلك هى كلام في مسامعنا ...خلف الرموش كم نخفي مواجعنا ...في الليل تأوي إلي الأضلاع لهفتنا ...في الصبح تعدو كريم في مرابعنا نستسرق الحرف صمتاً كيف يفضحنا ...؟؟!! فدمع العيون يراغ في أصابعنا ...لن تهجر النفس أشواق بنت مكثت بين الحنايا أستقرت خلف أضلعنا ...يأوى الحنين كجار ضمن أوردة ...يهوى التحطم هونا في شوارعنا ... همس العيون قواميس حوت فى اللغة ...فيها البلاغة قد فاقت مراجعنا..لو كانت الدموع ترد غالياً لجعلت من دموعي نهراًجارياً...!.

فأنا من أتهموني بالغرور لصمتي....أتهموني بالضعف لصمتي.....أتهموني بالخبث لصمتي.....أتهموني بالغباء لصمتي...... أتهموني بالامبالاه لصمتي.!!.

أتهموني أتهموني أتهموني لكن علمني كبريائي أن أذل من أمامي...!! بسكوتي..بنظراتي..بإبتسامتي بدون أن أتكلم أو أنطق بحرف فصمتي قادر علي...تعذيبهم

فهل تريدون أن تعرفوا من أنا ؟

أسألوا رفيق أسرارى وأيامي

أسألوا ...إن أجابكم فستعلمون من أنا

نعم! أتسألونى من هو؟

هو رفيق أحلامي وأيامي

هو الصمت...!.

الذي أصبح دواء أحزاني

نعم!

أتسألونى كيف يجيبكم؟

فلتحاولوا بألاعيبكم أن تعرفوا منه من أنا

فإن أستطعتم أن تجعلوا الصمت يجيبكم

فلتكن قد ملكتم كل شئ عني

“فأنا الصمت والصمت أناجارياً".

فإذا سـألـونــي عــن الــدمــوع ....؟؟؟!

فــقـلـت :أنه أفــضل صـديـق لى

فإذاســألـونـي عــن : الأحـــزان .

فـقـلـت :فـي حـيـاتـي لـصـيـقـة

فإذاسـألـونـي عـــن : الـجــراح .

فـقـلـت :فـــي قــلـبـي غـريـقــة

فإذا سـألـوني عــــن : الـفــرح .

فـقـلــت :لم يـمـنـحـنــي دقـيــقـــة

فإذا ســألـونــي عــن : الــمـوت .

فـقــلــت :أبـحــث ولـم أجــد لـه طـريـقــة

فإذا ســألـونــي عــن : الــوفــاء .

فـقـلـت :لا أظـن أنـه حــقــيــقـة فى هذه الأيام .......!!!!!

وعندما سألوني لماذا أنت حزين..؟

أجابتهم أنا الذي لو فارقت الحزن يوماً لمات الحزن لغيابي

فتلك هى نهايتى فلا تتعجبوا...!

نحن عندما نكتب لا نكتب بحبر القلم....بل نكتب بدماء القلوب...فعذراً أن ظهرت بعض الجراح على السطور

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.