حوار مع حبة فيتامين

حوار مع حبة فيتامين طبيعى و أخرى صناعى 
 : يسرى أحمد عباس
أخصائى التغذية العلاجية

  تخيل أن شخصا مولود لأب وام فلسطينيين وعاش في فلسطين , بلا شك أنه سيكون له سلوك وطريقة معيشة معينة بسبب هذه البيئة الفلسطينية التي كانت تحيط به منذ ولادته إلى  شبابه ثم كهولته , ولكن لنتخيل أن نفس الشخص ولد لأب وأم من الأرجنتين وعاش في بيونس ايريس , فهل تعتقدون أن سلوكه وعاداته وتقاليده وطريقة تفكيره ستكون نفسها كما لو كان مولودا في فلسطين , بلا شك أن الجواب هو لا , والسبب بسيط هو أن البيئة التي هي في الأرجنتين تختلف جذريا وبشكل كبير عن بيئة فلسطين في عاداتها وتقاليدها وسلوكها ومعتقداتها , ولذلك نفس الشخص أختلف في سلوكه في بيئات مختلفة , وهذا ذكر الدكتور برنارد جنسن في كتابه كيمياء الإنسان , أن الفوسفور الموجود في السمك عند تتبعه بمادة واسمة وجد أنه يذهب ويستقر في دماغ الإنسان , في حين أن الفوسفور الموجود في بيض السمك عند تتبعه بمادة واسمة يذهب ويستقر في المبيضين عند المرأة والخصيتين عند الرجل , أما الفسفور الموجود في الخضروات الخضراء مثل البرسيم وغيره فإنه يذهب إلى العظام , أذن كيف عرف الفوسفور الموجود في السمك أن عليه أن يعمل في الدماغ , في حين أن نفس الفوسفور الموجود في بيض السمك اتجه إلى المبيضين والخصيتين ليعمل بهما , وكيف علم نفس الفوسفور الموجود في الخضروات الخضراء بأنه عليه أن يذهب إلى العظام , نقول إن ذلك من خلق الله سبحانه وتعالى وعظمه إتقانه فهو " وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى " (3) وهو الذي أجاب موسى عليه السلام فرعون عندما سأله عن ربه " قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ( 50) ((طه )), ولكننا نسأل كيف تكون هداية الله هنا لنفس المعدن بأن يذهب إلى ثلاثة أعضاء مختلفة بشكل دائم وبشكل مستمر حسب مصدره ؟ 
  
  أن البيئة التي نشأ فيها كل نوع من أنواع الفوسفور لها علاقة في هذه الهداية , والله تعالى أعلم , فالفوسفور الذي كان في السمك يرتبط مع ذرات أخرى مشكلا مركبات بزوايا معينة وطريقة معينة وهندسة فراغية معينة تختلف عن الطريقة التي يرتبط بها الفوسفور مع العناصر الأخرى في بيض السمك أو البرسيم مثلا , مما يجعل لكل فوسفور في داخل هذا المركب في السمك سلوكا يختلف عن الفوسفور الموجود في المركب الآخر في بيض السمك أو الفوسفور الثالث الموجود في البرسيم , وهذه الترابطات والعلاقات بين الفوسفور والمركبات الأخرى تكون للفوسفور سلوكا يختلف في كل بيئة من البيئات بشكل كبير وجذري , مما يجعل الفوسفور عندما يدخل الجسم يدور في الدم وفي كل أعضاء الجسم , إلى أن يجد العضو الذي هو أقرب لبيئته وسلوكه الذي تعود عليه داخل مركبه , ولذلك ففوسفور السمك يجد أن أقرب عضو إلى بيئته التي نشأ فيها في داخل السمك هو الدماغ فيستقر فيه لأنه الأقرب لسلوكه , وأما الفوسفور الذي كان في بيض السمك فيجد أن أقرب عضو إلى بيئته التي نشأ فيها في بيض السمك هما المبيضين عند المرأة أو الخصيتين عند الرجل , وكذلك يسلك الفوسفور الموجود في البرسيم , إذا يذهب إلى أقرب بيئة مشابهة لبيئته في داخل الجسم ألا وهي العظام , والله تعالى أعلم , 
  بمثل هذه العقلية والهداية يعمل خلق الله سبحانه وتعالى " هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ( 11)(( لقمان ))
  وعندما نفترض أن شخصا ما ولدته أمه في الصحراء القاحلة الخالية وماتت عنه , ثم قامت غزالة بإرضاعه حتى كبر , هل تعتقد أن هذا الشخص يستطيع أن يصلي أو يستطيع أن يتكلم أو يستطيع أن يقرأ كتابا أو يستطيع أن يتطهر أو يستطيع أن يفعل أي شيء عاقل ما دام ولد في الصحراء وعاش فيها ؟ الجواب بلا شك , لا 
  كذلك الفيتامينات الصناعية والعناصر المصنعة التي توضع مكملات غذائية من مصدر غير طبيعي في الحبوب التي نتناولها هي تشبه هذا الذي ولد في الصحراء , فالمغنسيوم الموجود على شكل حبوب وكذلك المنجنيز والزنك والحديد هي من هذا الشكل , فهي لم تنشأ في بيئة سلوكية مع علاقات مع مركبات أخرى عضوية موجودة في طعام أو في نبات أو جسم حيوان , إنما هي صنعت في المختبر , ووجدت نفسها هكذا وحيدة في داخل حبة أو كبسولة معينة , ولذلك ماذا تتوقعون من سلوك وهداية وعقل عندما تدخل هذه الحبة إلى داخل الجسم وكيف تتصرف مع هذه البيئات العظيمة المتنوعة الموجود في الجسم , وهي خرقاء جاهلة لا تعلم شيء ليس عندها هداية وليس عندها عقل.