رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 1 ديسمبر 2025 7:39 م توقيت القاهرة

حين انحنى الغد خجلا من البارحة.. بقلم/نشأت البسيوني

استيقظ الصباح على وجع الأمس كأنه لم ينم الضوء خرج متثاقلا من بين أهداب السماء يتفقد وجوه الناس يلمح الحزن متشبثا بهم كظل لا يفارق صاحبه المدينة نفسها لكن أنفاسها مختلفة كأنها خرجت من معركة خاسرة وما زالت تترنح على أقدام الرجاء الوجوه تمضي في الطرقات بلا ملامح واضحة العيون تبحث عن إجابة في الهواء عن وعد صغير يعيد لها ثقتها بالعالم كل شيء يبدو كما هو لكنه ليس كما كان الأرصفة شاهدة على انكسارات كثيرة والقلوب تلونت بلون الصبر حتى كادت أن تفقد إحساسها به اليوم حين نظرت في المرايا لم أر صورتي بل رأيت وطنا بأكمله متعبا رأيت الناس يضحكون كي لا يبكوا يعملون كي ينسوا ويحبون رغم أن الحب صار عبئا لا هدية رأيت الغد خجلا من الأمس كطفل كسر لعبة أبيه ويحاول أن يخفي القطع المبعثرة خلف ظهره ما الذي حدث لنا كيف تحولنا من بشر يصلحون الأشياء إلى بشر يكسرونها بأيديهم كأننا أضعنا الطريق بين الحلم والواقع فصرنا لا نعرف إن كنا نسير نحو النور أم نهرب منه الحقائق صارت رمادية والباطل يرتدي حلة أنيقة ويبتسم في وجوه الجميع حتى فقدت الكلمات معناها وصار الصمت أوفى من كثير من الخطب في هذا الغد الذي لم يولد بعد يسير الناس فوق جراحهم كأنها أرض صلبة يتبادلون الأحاديث المكسورة يخبئون خوفهم في ضحكة عابرة ويتعلقون بفتات أمل كأنه طوق نجاة وسط بحر هائج ومع ذلك ما زال فيهم شيء لا يقهر شيء يشبه عناد الحياة نفسها فالبشر يا صديقي وإن سقطوا ينهضون بأرواح أكثر نقاء وبإصرار أشد على أن يكملوا الحكاية انظر حولك رغم الغبار الذي يملأ الأفق هناك يد تلوح من بعيد هناك طفل يركض خلف حلم صغير وهناك أم تخفي دمعتها كي لا تنهار الجدران من حولها هناك من يزرع وهناك من يكتب وهناك من يصلي في قلب العاصفة كي لا يضيع ضوء الإيمان الأخير الغد ليس سيئا كما يبدو لكنه خجول من كل ما فعله البارحة ينتظر أن نغفر له أن نمنحه فرصة أخرى ليكون أجمل أن نعيد تعريف الإنسانية فيه قبل أن تضيع فإن لم نرمم نحن هذا العالم فمن سيفعل وإن لم نزرع في قلب الرماد وردة فكيف سنعرف أن الرماد كان يوما حياة يا صديقي لا تخف من العتمة فهي ليست نقيض النور بل رحمه الذي يعيد إليه المعنى ولا تخش الأيام حين تشتد فالقسوة ليست إلا بابا يؤدي إلى صلابة أعمق وإلى وعي لا يشترى علمنا هذا اليوم بكل ما فيه من وجع وضجيج أن الإنسان لا يقاس بما يملك بل بما ينهض به بعد كل سقوط فلتترك الغد ينحني قليلا ولتسامح الأمس على ما فعل ولتؤمن أن بين أنقاض اليوم تولد دائما نسمة صغيرة من حياة جديدة حياة تنتظر من يؤمن بها لا من يخافها

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.