رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 19 أبريل 2024 6:03 ص توقيت القاهرة

رمضان موسم الخيرات والطاعات

بقلم د.عصام الهادى

إن من فضل اللَّه ورحمته بعباده أن يسّر لهم مواسم خير يستكثرون فيها من الطاعات والقربات، تضاعف فيها الأجور، وتكفّر فيها السيئات،  ويعتق اللَّه فيها من شاء من عباده من النيران، ومن هذه المواسم شهر رمضان، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (183)} [البقرة]. وقال تعالى: {وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون (184)} [البقرة]. وعلى المؤمن أن يستقبل أيامه ولياليه بالطاعات  والأعمال الصالحة فما هي إلا ليال معدودة ثم تنقضي، قال تعالى: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184].
ومن هذه الأعمال الصالحة قراءة القرآن فى شهر القرآن، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
 وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس قال:«كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أجود بالخير من الريح المرسلة».
وكان الإمام مالك إذا أقبل رمضان توقف عن التأليف والدروس وقال: إنما هو إطعام طعام، وقراءة قرآن، وكان بعض السلف يختم القرآن في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع،بل منهم من كان يختم القرآن كل يوم مرة، فعلى أقل تقدير أن يختم الصائم القرآن ولو مرة واحدة في رمضان.
ومنها: الصدقة وهي باب عظيم من أبواب الخير، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون (274)} [البقرة].
قال ابن القيم رحمه الله: وكان العطاء والصدقة أحب شيء إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما يأخذه، وكان أجود الناس بالخير يمينه كالريح المرسلة، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه تارة بطعامه، وتارة بلباسه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأمر بالصدقة ويحث عليها ويدعو إليها بحاله وقوله، ولذلك كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أشرح الخلق صدراً، وأطيبهم نفساً، وأنعمهم قلباً، فإن للصدقة وفعل المعروف تأثيرا عجيبا فى شرح الصدر.
وللصدقة في رمضان فضيلة ومزية على غيره من الشهور ،فإن أفضل الصدقة صدقة فى رمضان، ويدخل في ذلك إطعام الطعام، قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا (9)} [الإنسان]. 
روى ابن حبان في صحيحه من حديث أبي مالك الأشعري أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَفْشَى السَّلَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».
ومنها إفطار الصائم، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث زيد بن خالد الجهني أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ».
ومنها قيام الليل، قال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون (16) فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون (17)} [السجدة].
روى الترمذي في سننه من حديث أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلْإِثْمِ».
وروى الطبراني في المعجم الأوسط من حديث سهل بن سعد قال: جاء جبريل إلى النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: «يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعلَم أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ».
قيل: «وصلاة الليل في رمضان لها فضيلة ومزيّة على غيرها». 
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: «مَن قَامَ رَمَضَان إِيمَاناً وَاحتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ».
وقيام رمضان شامل للصلاة من أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها واحتساب الأجر والثواب من اللَّه عليها، وما هي إلا ليال معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها..

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.