
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده سبحانه وتعالي ونستعين به ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا هادي له أوجدنا من العدم، وهدانا إلى الإسلام، وتفضل علينا بسائر النعم، ودفع عنا كثيرا من النقم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن اتبع هداه واقتفى أثره إلى يوم الدين ثم أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله سبحانه وتعالى حق التقوى، فهي وصية الله لكم ولمن كان قبلكم، ولو تأملتم معاشر المسلمين حقيقة التقوى التي جاءت في كل صفحة من كتاب الله الكريم، وجاءت في كل نعت من نعوت المتقين المؤمنين، لوجدناها كما يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
" التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والإستعداد ليوم الرحيل" وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك فقط ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير، وقال طلق بن حبيب التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله، واعلموا يرحمكم الله أن الله عز وجل الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، وبث في قلوب خلقه المودة والرحمة، نحو ما يلدون وما ينجبون، وجعل دينه القيم شرائع وأحكاما وهب من خلالها للطفولة حقوقا لم يعرفها الإنسان من قبل، ولن يصل درجتها من بعد فشريعة الخالق تأتي كجلاله وكماله في العظمة والكمال، لأنه العالم بخلقه الخبير بما يحتاجون وبما ينتفعون، فيقول تعالي " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير "
وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو المتصرف، وهو المانح والواهب، فيقول تعالي كما جاء في سورة الشوري " لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير " من أجل ذلك اعتنى الإسلام بالطفل من قبل وجود الطفل، فهيأ له أسرة طيبة تتكون من والد تقي ووالدة صالحة، فحث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزوجة وأهلها بقوله " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " رواه الإمام الترمذي، وحث الزوج بقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين " فاظفر بذات الدين تربت يداك " وكل ذلك من أجل تنشئة الطفل بين أبوين كريمين يطبقان شرع الله، ويرسمان الطريق السوية لحياة الأبناء، فأول حق للطفل أن يوفق الله أبويه لحسن إختيار أحدهما للآخر.
فإذا تم الاختيار توجه الأبوان الصالحان بالدعاء في خشوع وإنابة إلى وليّ الصالحين كما جاء في سورة الفرقان " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " فإذا تكوّن الطفل في الرحم أعد الله له فائق الرعاية والعناية، وحرّم الاعتداء عليه فيقول الله تعالي كما جاء في سورة الإسراء " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم " وكما أجاز الإسلام لأمّه أن تفطر في رمضان رحمة بها وتمكينا له من أحسن ظروف النمو وتمام الخلق، فإذا حلّ الطفل بأرض الحياة جعله الله بهجة وزينة في قلوب من حوله، فيقول الله تبارك وتعالى كما جاء في سورة الكهف " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحنيك المولود، وهي سنّة باقية في مجتمعنا إلى يومنا هذا، والتحنيك هو أخذ تمرة وتليينها داخل الفم
ثم وضعها في فم المولود، وتحريكها يمينا وشمالا مرورا بين الفكّين، وعلى مواضع خروج الأسنان، وصولا إلى أعلى الحلق، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق جديد