رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 17 أبريل 2024 12:49 ص توقيت القاهرة

عروس البحر

بقلم الكاتبه /تغريد مصباح.  

كان الليل لا يزال يلف الكون بعباءته السوداء ، والسماء الزرقاء تتزين بالنجوم اللامعة ، حينما ألقى أبو شهاب شباكه في البحر ، وجلس على الشاطئ المتسع ، والقمر يلقى بظلاله الفضية على صفحته المتسعة  ، وبجواره موقد النار المشتعل ، والمذياع الصغير ينبعث منه صوت عبد الوهاب . 
 أخذ يتأمل هذا البحر المتسع ، والذي لا يرى له حد ، فلطالما حلم بعبوره ، فيكشف ما وراءه من أسرار ، وبينما جلس ساندا ظهره إلى قاربه الصغير ، يرتشف كوب الشاي الساخن ، ويستمد الدفء من موقد النار الذي أمامه ، حتى لمح من بعيد ضوء أبيض ، يلوح في الأطراف البعيدة ، فدعك عينيه والضوء يقترب منه ، ويزداد وضوحا ، حتى أصبح على مرمى البصر ، فتبين أنها فتاة ، اقتربت بوجهها الأبيض الناصع ، وشعرها الذهبي اللامع  ، وعينيها الزرقاء التي تشبه موج البحر الهادئ ، وقميصها الوردي الشفاف ، الذي يظهر بياض جسدها .
 أخذ يحدق في صدرها الممتلئ ، المرصع بالجواهر وفصوص الألماس ، مدت ذراعيها البيضاء ، وأصابعها الممتلئة بالخواتم ، ذات الفصوص المختلفة الألوان ، لم يصدق عينيه ، لقد عرفها حينما اقتربت منه ، إنها عروس البحر ، التي طالما سمع عنها ، في حكايات الصيادين ، إنها حلم كل من ارتاد البحر،  .. اختلفت الأقاويل ، البعض يؤكد انه رآها ، والكثير اعتبرها خرافة ، لكنها أمامه يراها ويتحسس جسدها الطري ، ويرى ذيلها الذي يشبه ذيل السمكة ، شدها من ذراعيها نحوه ، وهى تقترب منه ، لتطبع قبلة على خده ، الذي ذبل بفعل الزمن وتقلباته ، وتمسح على شعره ، الذي أرهقه المشيب ، غير انه شعر بتيار كهربائي ، يسرى في جسده ، وصوت زوجته أم شهاب ، يرن في أذنه بقوة ، ويطالبه بالتحرك بسرعة ، يا للكارثة التي تحل دوما مع صوتها الخشن . 
ـ قوم يا أبو شهاب السمك أكل الشبكة 
استيقظ على صوتها الرجولي ، ففتح عينيه بصعوبة ، فاصطدم بوجهها الأسود الكالح ، وعيناها الجاحظتين ، وجسدها الممتلئ ، بصدرها العالي ، والذي يزينه عقد من النوع الرخيص ، قد اشتراه لها ذات مساء ، من مولد سيدي إبراهيم الدسوقي ، وكزته بذراعها القوي ، فأفاق من غيبوبته ، وأخذت تسحب الشبكة من البحر بقوة  ، فكشر عن وجهه ، فظهرت تلك التجاعيد التي ترسم على وجهه خريطة للبحر ، وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ، لم تصل إلى أذنها الكبيرة إلا عبارة 
 ـ .. ..أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... 
فرمقته  في غضب ، ولكنها لم تبال بكلماته الجارحة ، التي اعتادت عليها ، فصارت جزء من علاقتهما معا ، وشرعت تشد أخر أطراف الشباك ، وتفتحها بقوة ، فوجدتها ممتلئة عن أخرها بالأسماك الكبيرة ، فأخذت تخرج الأسماك ، وتضعها في السلال الكبيرة ، وتغطيها بالحشيش الأخضر ، في همة ونشاط معهود ، فابتسم في وجهها ، محاولا استرضائها ، وقال وهو يتأمل السلة الممتلئة بالأسماك المختلفة الأنواع   
ـ وشك حلو عليا يا أم شهاب

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.