رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 10:33 ص توقيت القاهرة

فى مثل هذا اليوم 6 مايو 1951 زفاف فاروق وناريمان

أمل كمال
بعد ان تم الطلاق بين الملك فاروق والملكة فريدة فى 19 نوفمبر سنة 1948 ، كان يعرض عليه بعض الفتيات لكى يختار عروسة جديدة ، وكان الملك فاروق يضع شروطا محددة للملكة القادمة ، وكان من تلك الشروط ان تكون وحيدة والديها ، وان تكون فتاة مصرية مائه فى المائه ، اى لايجرى فى دمها أي دماء سورية او لبنانية او تركيه او اجنبية ، وان تكون من الطبقة المتوسطة العليا ، ولاتكون من طبقة الباشوات ، وان تكون مؤهله صحيا وعمريا لأن تكون اما لولى العهد .
احيانا مايلعب القدر ا دوارا فى حياة البشر ويحدد لهم خطوات يمشونها ، سواء تم هذا برضاهم ام بغير رضاهم ، وهذا ماحدث تقريبا مع تلك الفتاه الصغيرة ذات الستة عشر عاما ( ناريمان صادق ) .
ولدت ناريمان صادق بالقاهره فى 31/10/1933 ، والدها هو حسين فهمى صادق وكيل وزارة المواصلات ، وهو نجل على بك صادق من أعيان مصر فى ذلك الوقت ، و اخر منصب تقلده قبل وفاته هو سكرتير عام وزارة المواصلات ، اما والدتها فهى اصيله هانم ابنة كامل محمود من اعيان محافظة المنيا .
ناريمان هى الابنه الوحيده لأبوين رزقا بها بعد فترة من الزواج ، ولم ينجب ابواها سواها ، وربما كان هذا هو السبب الذى جعل والدها يخاف عليها بشده ، مما جعله يلحقها بمدرسة مصرية كانت ملاصقة للفيلا التى كانت تقيم فيها ، بدلا من ان يلحقها بمدرسة من مدارس اللغات البعيده عن مقر اقامتهم .
لم تكمل الملكة ناريمان تعليمها ، بل توقف تعليمها عند المرحلة الثانوية ، وقد كانت تمتاز بالجمال والرقة والهدوء ، وقد خطبت الى محمد زكى هاشم الذى كان يمتهن مهنة المحاماه ، وبعد تحديد موعد الزفاف كانت على موعد مع تاجر المجوهرات لشراء خاتم الزواج .
وكان والدها يخاف عليها بشده للحد الذى جعله يفضل عدم الحاقها بمدارس اللغات البعيده عن السكن على ان تلتحق بمدرسه مصريه عاديه كانت تلاصق الفيلا التى تعيش فيها مباشرة و توقف تعليمها عند المرحلة الثانويه و كانت فى هذه السن جميلة رقيقـة هادئـة كرس لهـا والداهـا كل جهودهما فعرف عنها الادب الشديد و بدأ الخطاب يطرقون بابها مبكرا حتى جاءها العريس الذى وافقت عليه هى و اسرتها وخطبت الى الدكتور محمد زكى هاشم المحامى المعروف و تم تحديد موعد الزفاف وجاء اليوم الذى ذهبا فيه لانتقاء خاتم الزواج من احد تجار المجوهرات .
وحدث اللقاء الاول بين الملك فاروق وناريمان صادق عند تاجر المجوهرات وهو احمد باشا نجيب الجواهرجى فى شارع عبد الخالق ثروت ( الملكة فريدة سابقا ) ، حيث كان الملك فاروق فى زيارة لهذا المحل حيث انه كان كثيرا مايتعامل معه ، وكان احمد باشا نجيب الجواهرجى معتاد فى حالة حضور الملك الى المحل يقوم بأغلاق باب المحل ويمنع دخول الزبائن احتراما للملك ، وعادة ماكان يقف امام باب المحل حارسان ، وتصادف فى ذلك الوقت ان ذهب احد الحارسان لأحضار بعض المشغولات الذهبية الخاصة بالملك من الورشه ، والاخر ذهب الى جروبى لأحضار عصير الليمون ، اما سكرتير المحل فقد ذهب هو الاخر لأحضار بعض الجنيهات الذهبيه التى كان الملك قد طلبها ، فى هذه اللحظه تحديدا كان القدر يحدد مصير تلك الفتاه الصغيرة التى هيأ لها القدر تلك الصدفة ليحدث اللقاء الاول بينها وبين الملك فاروق والذى تتوالى بعده الاحداث ، فقد دخلت الفتاه الصغيرة المحل ومعها خطيبها ، ولم يمنعهما احد من الدخول ، وعندما سمع صوتهما احمد باشا نجيب طلب منهم التوقف عن استمرار الدخول ، وفى تلك الاثناء كان الملك قد انتقل الى حجرة الخزائن المحلقة بالمحل ، وبعد ذلك سمح لهم احمد باشا نجيب بالدخول ، فقالا له انهما يريدان شراء حجر من الماس وهو شبكة الخطوبة ، وجلست الفتاه على كرسى فى مواجهة حجرة الخزائن الخاصة بالمحل والتى يفصلها عن المحل ستارة ، فشاهدها الملك ، واعجب بها ، واشار الى احمد باشا نجيب وطلب منه ان يعرفهما به ، لأنه يرغب فى بيع حجر سولتير ، ويعتقد انه سيعجبهما ، وبعد ذلك اخذ احمد باشا نجيب رقم تليفون ناريمان ، ثم بعد ذلك اتصل القصر بأسرتها ، وردت عليه اصيلة هانم والدة ناريمان ، واعطته رقم تليفون والدها فى العمل .
وبالفعل تم الاتصال بين الملك وبين والد تلك الفتاه ، وخاصة وان الملك قد ابدى استعداده للموافقة على الزواج من تلك الفتاه التى كانت تنطبق عليها كل الشروط التى سبق وان وضعها الملك لعروس المستقبل ، هذا وقد تم الاتصال بالفعل بوالد ناريمان الذى اصيب بحالة من القلق والخوف على ابنته من ان تكون تلك الزيجة نزوة من نزوات الملك ، الا انه فى النهاية صارح خطيب ناريمان بما حدث ، وحقيقة قدر زكى هاشم خطيب ناريمان حجم الموقف واستقبله بوعى كامل ، وتم بالفعل فسخ الخطبة ، الا ان والد ناريمان ظلت المخاوف تطارده نحو هذه الزيجة ، والتى كان يرى انها ربما تواجه نفس المصير الذى لاقته الزيجة السابقة للملك فاروق والملكة فريدة ، خاصة وانه كان معروف المعاناه التى كانت تعانى منها الملكة فريدة بعد زواجها من الملك فاروق ، لدرجه ان تلك المخاوف قد جعلته يفكر فى الهروب هو واسرته خارج مصر الا ان البعض قد حذره من هذا فتراجع عن تلك الفكرة .
وفجأة يتوفى حسين فهمى صادق والد ناريمان بالسكتة القلبية ، ويحضر الملك العزاء ومعه كبار رجال الدولة .
كانت ناريمان بالطبع سعيده بتلك الزيجة ، كأى فتاه ترتبط بملك مثل ملك مصر ، فكانت تتخيل نفسها داخل قصر عابدين وبجوارها ملك مصر والسودان ، وهذا بالطبع كان شرف كبير وعظيم تتمناه ايه فتاه .
بعد زيارة الملك فاروق الى ناريمان فى منزلها بفترة ليست بالقصيرة ، للدرجة التى شعرت فيها ناريمان بالقلق ، دق جرس التليفون فى المنزل وكان المتحدث هو الملك فاروق ، وقد قال لها انها ستسافر الى اوروبا بصحبة عمها مصطفى صادق الذى كان قد تم استدعائه الى قصر عابدين بناء على تعليمات من الملك ، وتم ترتيب السفر ، وبالفعل سافرت ناريمان الى ايطاليا للتدريب على قواعد البروتوكول الملكى ، وبالفعل سافرت ناريمان الى ايطاليا على اساس انها ابنة عم زوجة على بك صادق ويكون اسمها سعاد صادق .
اقامت ناريمان فى روما فى السفارة المصرية فى فيلا سافويا ، وهى المنزل السابق للعائلة المالكة الايطالية التى كانت تعيش فى هذه الفترة فى الاسكندرية ، واقامت فى غرفة النوم الخاصة بملكة ايطاليا السابقة ، وتم تكليف الكونتيسة ليلى مارتلى وهى من اكثر سيدات اوروبا ثقافة وخبرة بمرافقة ناريمان لتعلمها التاريخ والسلوكيات العامة واتيكيت البلاط الملكى ، بالاضافه الى العديد من الامور التى تحتاج اليها فتاه تستعد لكى تكون ملكة .
وكان من المقرر ان تستمر رحلة ناريمان فى اوروبا عام كامل الا ان الملك فاروق انهى الرحلة بعد ستة اشهر فقط لتعود بعدها ناريمان الى مصر .
فى عيد ميلاد الملك الحادى والثلاثين 11 فبراير 1951 تم الاعلان عن نبأ خطبته الى الانسه ناريمان صادق وهى الفتاه التى وقع اختياره عليها من بين كل بنات مصر وفضلها على كثير من بنات العائلة المالـــكه .
وارتدت ناريمان فستانا بديعا وهى تضع القليل من المكياج وشعرها الذهبى مصفف بطريقة رائعة ، واحتفالا بخطبة الملك تمت اضاءة النصب التذكاريه وتم ظهور الجيش فى عروض عسكريه ، وقامت القوات الجويه بعروض فى الجو وتم توزيع الوجبات المجانيه على الالاف فى القاهره والاسكندريه ، وتم توزيع الاراضى الزراعيه على الفلاحين الذين لا يملكون ارضا .
بين الزفاف والخطبه مرت 4 اشهر وقد كان من المقرر ان يتم الزفاف قبل ذلك لكن ظروفا مرضيه عانت منها ناريمان جعلته يتأخر حتى يوم 6 مايو عام 1951 وذلك بسبب جراحة اجريت لناريمان لاستئصال الزائدة الدودية .ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراسم الزفاف كانت ملكيه بمعنى الكلمه وحدثا كبيرا يليق باسم ملك مصر والسودان حيث انشغلت كل اجهزة الدولة بالحدث وترددت الاغانى وعلت الزينات وتمت اضاءة المصابيح ، وفى هذه الايام كانت ناريمان تعيش فى منزلها بضاحية مصر الجديده ، وتحولت الانظار صوب هذا المنزل الذى تعيش بداخله الملكة القادمه لمصر والتى تعلق بها قلب فاروق واختارها من بين كل فتيات مصر لتكون زوجته ، صورة ناريمان بحق كانت صوره جميله فهى تحمل صــفات الفتاه الشرقيــه الرقيقه والانيــقه ، وبدت جميع اللقطات والصور التى ظهرت بها وهى تعكس روح وجوهر الفتاه المصريه الجميله التى تناسب الملك ، وتنوعت اللقطات واستحوذت ناريمان على قلوب المصريين وعلى اهتمام وسائل الاعلام .
ذهبت الاميرة فوزيه شقيقة الملك فاروق الى منزل العروس المرتقبه فى مصر الجديده لكى تساعدها فى اللمسات الاخيره قبل ان تطل على العالم فى حفلة الزفاف ، ولتقف الى جوارها فى هذه اللحظه المهمه ، وقد ارتدت الملكه الجديده فستان من الساتان الابيض ويقال انه مرصع بعشرين الف ماسه ، وهو فستان لا يصنع بكل هذا الاهتمام والبذخ الا للاميرات والملكات وقد استغرق اعداده 4 الاف ساعة كما ورد فى كتاب وليم ستاديم (مملكتى فى سبيل امرأة) وكانت ترتدى تاجا من الماس ، وبعد ان استعدت تماما تحرك موكبها من منزلها بمصر الجديده حيث جلست فى سيارة رولزرويس حمراء والسيارات تخترق الشوارع الممتلئة بأقواس النصر ومباهج الافراح ، وعندما وصلت الى قصر عابدين حيث كان مقررا وفقا للبرتوكول ان ينتظرها الملك وتصعد معه الى اعلى السلم ثم السير عبر قاعة المرايا الشهيره بقصر عابدين ثم الى غرفه الملك المزخرفه بالذهب حيث قامت زينب هانم الوكيل زوجة النحاس باشا رئيس الوزراء بتقديم زوجات الوزراء للملكه وقامت زوجة السفير جيفرسون كافرى سفير بريطانيا لدى الملكة المصرية بتقديم زوجات اعضاء السلك الدبلوماسى وبعد ذلك اقيمت مأدبة كبيرة فى حدائق قصر عابدين وقام الملك بقطع اول قطعة من كعكة الفرح وكان عرضها 7 اقدام وتتكون من 7 ادوار وقدم فاروق قطعة منها على طبق من الذهب لناريمان .
وبعد زفاف الملك فاروق والملكة ناريمان سافر العروسان السعيدان الملك فاروق وملكة مصر الى اوروبا لقضاء شهر العسل ، وقد كان السفر على اليخت الملكى ، وقد استمر لمدة ثلاثة اشهر ، وقد كانت هذه هى الثلاثة اشهر الوحيدة تقريبا التى قضتها الملكة ناريمان فى سعادة حقيقية .. بل عاشتها بالفعل ... كملكة ، ولن ازيد عن ذلك فى تلك النقطة ، اذ انه من المؤكد ان الجميع سيتخيل كيف يقضى ملك وملكة شهر العسل . وقضيا الملك والملكة شهر العسل فى شواطىء كابرى والريفيرا الايطالية والفرنسية ومابين منطقة البحيرات بين سويسرا وايطاليا وشهر العسل كان عشرة اسابيع متوسط مصاريف اليوم الواحد فيها 100 الف جنيه استرلينى فى تقدير السفارة البريطانية ..ورافقهما رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا وقرينته زينب هانم الوكيل ..وفؤاد سراج الدين معظم الوقت ..الى جانب حاشية قريبة مستعدة للخدمة يتقدمهم احمد ابو الفتح صاحب جريدة المصرى..
واثناء تلك الرحلة شعرت الملكة ناريمان بمؤشرات الحمل مما جعل الملك فاروق يقوم بحجز سفينة الركاب الملكية بالكامل لكى تشعر الملكة بالراحة فى رحلة العودة الى مصر انتظارا للمولود القادم

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.