رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 7 مايو 2024 11:12 م توقيت القاهرة

(فُــــولَاذٌ مِـنْ لَــحْــمٍ وَدَمٍّ)

بقلــم: تــــامــر إدريـــس

قد يبدي البعض دهشته عند مطالعته لهذا العنوان إذ كيف يجمع كاتب النص بين متناقضات لا تقبل اجتماعا؟!!؛ والحق أقول إنَّه لأمر مطلوب ؛ أن ألفت انتباه قارئي العزيز لأهمية موضوعي اليوم وأن أجذب انتباهه من أول وهلة.

لا شيء أعزُّ على الإنسان من وطنه الذي يحمل محبته له في الدِّماء أنَّى اتَّجه ؛ وطنه ذلك الذي يبدأ من بيته الخاص ويستمر إلى حيِّه أو مقاطعته أو قريته وصولا إلى منطقته أو محافظته أو إقليمه انتهاءً بدولته وحدوده السياسية والجغرافية.

وطنه الأم ؛ صرحه الأشمّ، نهض لتشييده لَبِنَةً لبنة ، تابعته عيناه بشغف ورهف، يرتفع شيئًا فشيئًا من قواعده إلى جدرانه إلى الأسقف وحتى أدق تفصيلة في ثناياه، آمال امتزجت فيه بالآلام، اصطبغت أركانه بالضحكات والصرخات، ذكريات وأحوال ، تباين في الشخصيات ووفرة في الحالات.

الفولاذ أساس البناء الحديث، مُقَوِّمُه الرئيس، لا يئن مهما ثقلت عليه الأوزان، يستقيم في تناغم ، ولا يُخِلُّ بالأركان، نوكل إليه مهمة الحفظ، ونتناسى مع فكرة الاحتياط والصَّون.

كذا النَّسل كان وسيكون محور وجودنا الأهم، ليس يسبقه في العناية شيء، هو الأصل وكل ما عداه محض فرع، هم نواة العمران، وطوق نجاة من الخسران، الولد الصالح نبتة تَسْعَدُ وتُسْعِدُ، سقيت من معين سائغ، وغُذِّيت من أديم صائغ، ترث أصلها مراتب الخلود، خبيئة مُدَّخرةٌ ، وآثار مُتَّصِلَةٌ، وذكر نابض بالحياة لا يموت.

الأسرة مصنع الرِّجال ونَوْلُ الأمهات ، تتشكَّل في طيَّاتها معادن آباء الغد على مهل ، وتنسج في أرجائها ضمائر أمهات الأمل دون خوف أو وجل، تُسَلَّمُ الرَّايات من جيل إلى جيل دون كللٍ أو مللٍ، غايات تتعاظم، ومضامين تتراكم، وهمم تناوئ شاهق القمم.

استثمار لا يضيع، وأمانة لا تشيع، مبذولها مردود، ورِّيعها يعود عيونا ومروجا؛ تغني من ظمأ وتسمن من جوع، سواعد من فولاذ لا تكسر، ونفوس من ذهب لا تحسر.

ملاذنا الآمن، وضماننا من غَيْلَة الزمن.

وتين لا يَكُفُّ عن بعث الحياة في الأرجاء، ولحن شادٍ يسري عذبًا في الأنحاء، تجارة لا تكسد، وبناء لا يفسد، ومفاخر جمَّة على الألسن تُسْرَد..

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.