
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله المتوحد بالعظمة والجلال، المتعالي عن الأشباه والأمثال، أحمده سبحانه وأشكره من علينا بواسع الفضل وجزيل النوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ومصطفاه من خلقه كتب الفلاح لمن اتبعه واحتكم إلى شرعه، ففاز في الحال والمآل صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد أحبتى في الله اعلموا إن مصرنا الحبيبة مستهدفة من الداخل والخارج والأعداء يتربصون بها الدوائر من كل جانب وهذا أمر ليس علينا بجديد بل هو من قديم الزمان فقد خطب عمرو بن العاص رضي الله عنه لأهل مصر فقال في خطبته " واعلموا أنكم فى رباط إلى يوم القيامة، لكثرة الأعداء حوالكم، وتشوّق قلوبهم إليكم وإلى داركم، معدن الزرع والمال والخير الواسع والبركة النامية"
وإن مصرنا الغالية محفوظة بحفظ الله كما جاء في القرآن والسنة وأقوال سلف الأمة، بل وفي الكتب والشرائع قبلنا، فقد ذكر أهل العلم أنه مكتوب في التوراة بلد مصر خزانة الله، فمن أرادها بسوء قصمه الله" وقال خالد بن يزيد كان كعب الأحبار يقول لولا رغبتي في الشام لسكنت مصر فقيل ولم ذلك يا أبا إسحاق؟ قال إني لأحب مصر وأهلها لأنها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء كبه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه، وروى عن شفي الأصبحي، أنه قال مصر بلدة معافاة من الفتن لا يريدهم أحد بسوء إلا صرعه الله، ولا يريد أحد هلكهم إلا أهلكه الله" فيا أيها المسلمون إن مصر العظيمة تستحق منا أن نقف بجوارها تخليدا لاسمها وذكرها في كتاب ربنا عز وجل الذي نتعبد بتلاوته ألي أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وإستمرارا لمسيرة العظماء قبلنا ولنحافظ عليها لنسلمها لأبنائنا ونوصيهم بها خير وصية، فمصر غالية فحافظوا عليها ومصر كنانة الله في أرضه، فاتقوا الله في مصر، واعلموا أن لأهمية مصر وجبالها أقسم الله تعالي بجبل الطور الذي كلم عليه نبيه موسى عليه السلام وذلك في موضعين، فالموضع الأول في مطلع سورة الطور وسميت السورة باسمه " والطور وكتاب مسطور " فالموضع الثاني في مطلع سورة التين، حيث قال تعالى " والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين " وذكر الإمام ابن كثير في تفسيره قول بعض الأئمة هذه محال ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيا مرسلا من أولي العزم أصحاب الشرائع الكبرى، فالأول محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى بن مريم عليهما السلام، والثاني طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه نبيه موسى عليه السلام.
والثالث مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه رسوله وحبيبه محمدا صلي الله عليه وسلم فالله جمع بين الأماكن الثلاث في قسم واحد وإذا أقسم الله بشئ فلا يقسم إلا بعظيم، وهذا يدل على منزلة الثلاثة التي أقسم بها ومنها جبل الطور بمصر، ومن هذا كله يتضح لنا أن مصر بلد الأمن والأمان وستظل إلى يوم الدين فقل للأخيار المكرمين، الوافدين إليها مغرمين، القادمين عليها مسلمين، ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، فاللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيما لا ينفد، ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.
إضافة تعليق جديد