رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 3 مايو 2024 3:45 م توقيت القاهرة

نحن السابقون وهم بنا لاحقون

بقلم عبير مدين 

في حديث للدكتور مسعود ابراهيم حسن الباحث في الشأن الايراني لقناة الصفا الفضائية قال: (ان ايران نجحت في توظيف الشعارات لخدمة خطابها السياسي وانها تتباهى في البرلمان الايراني انها تحتل 4 عواصم عربية!)
الحقيقة ان توظيف الشعارات لخدمة الخطاب السياسي لخدمة مشروع ما كان السبق فيه لمصر نجحت فيه مرات كثيرة واخفقت مرات قليلة؛ فنجد ان اللعب بالشعارات ظهر في خطاب الملك فاروق السياسي حيث مثّلت القضية الفلسطينية له جواد رابح في حلبة السباق على الخلافة الاسلامية حيث كان حلم يراوده فترة وعمل على الحشد الشعبي ليكون داعما له في مساعيه لها فقد دعا بتشجيع من علي ماهر باشا، إلى عقد "المؤتمر الإسلامي العربي لنصرة فلسطين"، في أكتوبر 38 وهو مؤتمر اشترك فيه عدد كبير من سياسيي البلاد الإسلامية والعربية كما أرسل رئيس الوزراء محمد محمود، كتاباً إلى رئيس وزراء بريطانيا، ولكن لم يحالفه التوفيق
ظل حلم الزعامة الإسلامية يراود الملك فاروق طوال فترة حكمه التي امتدت من عام 1936 حتى 1952، وقد تبلور الاتجاه الإسلامي في عهده من خلال تبنيه فكرة الخلافة الإسلامية، لتأكيد سلطته الدينية والسياسية، في مواجهة خصومه السياسيين الممثلين في الوفد، كما حاول تأكيد زعامته للعالم الإسلامي، وذلك حسب الخطة التي رسمها له مستشاره الأمين ورئيس ديوانه علي ماهر باشا.
وعلى الرغم من تلك الجهود، فشل الملك فاروق في مساعيه نحو الخلافة، وذلك لأسباب عدة منها ثقافة الشعب المصري وقتها والتي عانى من الخلافة العثمانية في السابق بتربت عنده عقدة من اي مشروع خلافة، ومنها تصدي حزب الوفد لهذه المحاولات وعمله على تقليص نفوذ الملك السياسي، فقد حاول الوفد عزل المؤسسة الدينية عن انحيازها السياسي بمراقبتها عن طريق البرلمان ومحاولة تشكيل كتل وفدية داخلها.
كما أن فكرة الخلافة لم تلقَ قبولاً في العالم الإسلامي وقتها، خاصةً من السعودية التي رأت أن لو هناك خلافة فهي أحق بها، وكذلك رفضت بريطانيا الفكرة.
ظلت محاولات فاروق شرقاً وغرباً في العالم الاسلامي من اجل تحقيق حلمه فقد تبرع لتركيا بمبلغ ألف جنيه في إثر الزلزال الذي تعرضت له في أواخر 39، وحاول أيضاً حل مشكلة لواء الإسكندرونة بين سوريا وتركيا، وتباحث الأمير محمد علي ابن الخديوي توفيق وكان وصياً على العرش قبل بلوغ فاروق السن القانونية ثم أصبح ولياً للعهد حتى أنجب فاروق ابنه أحمد فؤاد الثاني مع الشيخ المراغي في شأن الجامع والمعهد الديني المزمع إنشاؤهما في لندن، وقد تبرع الملك للمشروع بمبلغ كبير، كذلك استقبل وفداً من مسلمي الصين، فضلاً عن أعماله الخيرية الداخلية، كإقامة الموائد، والتبرع للمساجد ودور الأيتام، ومظهره الجديد الذي تميّز به منذ عام 1942، حين أطلق لحيته أعواماً!

وفي حقبة عبد الناصر استطاع السيطرة و تغييب عقول الجماهير واستمالة مشاعرهم وحشد الشعوب العربية بشعارات الدين والقومية بل إنه وصم النظم الملكية بالكفر لنقسام الشعوب فيها الي ساده وعبيد العجيب إن الشعب صدق في الوقت الذي كانت مراكز القوى تكتم انفاسه 
هو أيضا كان له السبق في السخرية من امريكا وبريطانيا واسرائيل وفي النهاية سلمها ثلث مصر باحتلالها سيناء نتيجة نكسة 67 بعد ان احتلتها من قبل بمشاركة انجلترا وفرنسا في 56 كرد فعل لتأميم القناة ومساعدة ثوار الجزائر لكنهم خرجوا بضغوط دولية  لم يصرح أنه احتل عواصم عربية لكن نصب نفسه زعيما عربيا واستغل وسائل الاعلام المتاحة وقتها من اذاعة وتلفزيون وصحافة بث من خلالها افكاره وتوجهاته مستغلا كاريزماته حتى اصبح له العديد من الانصار في مختلف الدول العربية وصل معظمهم للسلطة، خطاب جمال عبد الناصر السياسي والقومي تسبب في ازمة مع ملك الاردن حيث ظن ان جمال عبد الناصر يدعم انقلابا ضده كما خشي الملك سعود على شعبيته بالمملكة من شعبية عبد الناصر 
استغلال الشعارات البراقة في خطاب عبد الناصر السياسي كانت بمثابة مخدر شغل الشعب عن القهر والانتهاكات في عصره!

تلا ذلك حقبة الرئيس انور السادات والذي ظهر فيها الاسلام السياسي جليا حيث كان يؤكد دائما على عبارة أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة كنوع من استمالة الشعب المتيم وقتها بحب عبد الناصر والحقيقة ان انور السادات استطاع بمهارة ان يمزج بين الارستوقراطية و الروح الريفية التي ظلت متأصلة فيه مع تأثره بالنزعة النازية والتي تمثلت في الزي العسكري المشابه لزي الزعيم النازي هتلر!
وكمزيد من التجويد قام بتمكين الإخوان المسلمين من العمل العلني وحتى يكونوا عونا له على تحجيم قوة الشيوعيين في البلاد
ثم زاد في التجويد باطلاق على نفسه لقب رب العائلة المصرية والتي فهمها البعض انه ادعاء الالوهية!
رغم ان أصل الكلمة اللغوي هو فعل «رَب» بمعنى أزاد كما تظهر بنفس المعنى في اللغات السامية الأخرى تحت جذر ر- ب - ب. تطور معنى الكلمة إلى السيادة ومن ثم الألوهية في اللغات الآرامية والكنعانية فأصبحت تدل على السيادة والعظمة كما انتقلت بهذا المعنى إلى لغات أخرى كالعربية والجعزية والبهلوية ولعل ايران انتجت فيلم عن موت الرئيس السادات باسم سقوط الفرعون كناية على اعتقاد البعض ادعائه الالوهية!
فكان الاسلام السياسي هو الرصاصة التي اطلقها لتحمي نظام حكمه لكنها ارتدت في صدره ليسقط هذا السياسي الحاذق وصاحب الانتصار الوحيد على اليـهود في المنطقة ميتا بعدها!
ثم جائت حقبة حسني مبارك لم يستخدم تلك الشعارات طوال مدة حكمه والتي امتدت ل 30 سنة بشكل ملحوظ ولم يلجأ الى خطاب عاطفي يستميل به جموع الشعب الا في خطاباته الاخيرة اثناء احداث يناير 2011 ولم ينجح في احتواء تلك الاحداث وقتها والتي انتهت او نقول هدأت قليلا بتنحيه عن الحكم.
ثم جاءت فترة حكم محمد مرسي والذي استخدم في خطاباته بعض الكلمات كثيرا كنوع حشد الجماهير واستمالة مشاعرهم مثل كلمة اهلي عشيرتي والشرعية عندما كرر عبارة لبيك سوريا في خطابه الشهير لكن ولأسباب عديدة لعل على رأسها عدم جاهزية جماعة الإخوان وقلة خبرتهم وقتها للعمل السياسي بنجاح كذلك عدم تقبل قطاع كبير من الشعب لفكرة حكم الإخوان والتي لم تستمر طويلا وانتهت بأحداث 2013.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.