نقلت رغداء صبيح
من عجيب الأمور وغريبها أن علاقتنا بقرآن الله العظيم يشوبها ما يجعل منا نُقبِل على بعضٍ من آياته الكريمة ونُعرِض عن بعض! وحالنا العجيب هذا يُذكِّر بحال مَن سبقنا ممن أشارَ إليهم القرآن العظيم فوصفهم بأنهم المقتسمون الذين بعَّضوا القرآنَ وجعلوه عِضين (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِين. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين) (90 -91 الحجر).
وما إعراضنا هذا عن تدبُّر القرآن العظيم تدبُّراً نكون معه مُلزَمين بأن نولي آياتِه الكريمة كلَّها ما تستحقه من لدنا من اهتمامٍ لا يُفرِّق بين سورةٍ وأخرى أو آيةٍ وأخرى، كما هو ديدننا في الإكثار من قراءة سورٍ بعينها وآيات، إلا دليل وبرهان على ظلمنا لهذا القرآن! فالقرآن العظيم ليست فيه سورةٌ تفضل أخرى ولا آياتٌ ترجح كفَّتُها على الأخرى! وإذا كان هذا الذي أنتقده من تعاملٍ مجحفٍ مع القرآن العظيم لا يروق للبعض، بحجة أننا نُقبِل على آيات القرآن العظيم كلِّها جميعاً إقبالاً لا يُفرِّق بين بعضها والبعض، فإنني أسوقُ مثالاً أذكِّر به بهذا الذي نحن عليه من هجرٍ لكثيرٍ من آيات القرآن العظيم لا لشيء إلا لأن هذه الآيات الكريمة المهجورة فيها ما يُذكِّر النفسَ بما لا تهوى! وهذا المثال هو ما جاءتنا به سورة النحل من تحذيرٍ كان يتوجَّب علينا أن نضعه نصب أعيننا حتى لا ينتهي بنا الأمر إلى ما فصَّلته الآيتان الكريمتان 92 و94 منها: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون) (92 النحل)، (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (94 النحل).
إضافة تعليق جديد