
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه سيدنا وإمامنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله وإهتدى بهداه إلى يوم القيامة، أما بعد يقول الله تعالي في كتابه الكريم كما جاء في سورة الطلاق " ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقة من حيث لا يحتسب " وقال بعض السلف بأن هذه الآية أجمع آية في كتاب الله تعالي، أو قال من أجمع آية في كتاب الله، وما ذاك إلا لأن الله تعالي رتب عليها خير الدنيا والآخرة، فمن إتقى الله جعل له مخرجا من مضائق الدنيا ومضائق الآخرة، والإنسان في أشد الحاجة، بل في أشد الضرورة إلى الأسباب التي تخلصه من المضائق في الدنيا والآخرة، ولكنه في الآخرة أشد حاجة وأعظم ضرورة، وأعظم الكربات وأعظم المضائق كربات يوم القيامة، وشدائدها.
فمن إتقى الله في هذه الدار فرج الله عنه كربات يوم القيامة، وفاز بالسعادة والنجاة في ذلك اليوم العظيم العصيب، فمن وقع في كربة من الكربات فعليه أن يتقي الله في جميع الأمور، حتى يفوز بالفرج والتيسير، ولقد إمتن الله تعالي علينا بنعم كثيرة ظاهرة وباطنة، دينية ودنيوية، وسخّر الله لنا كل شيء في الكون من أجل طاعته وعبادته، ومن شُكر الله تعالي أن يستخدم الإنسان نعم الله في المباحات، ولا يعصي الله بما أنعم عليه، وإن من نعم الله علينا في هذا الزمان هي نعمة الجوالات والإنترنت، تقرب البعيد، وتتصل بمن تريد، وتتواصل بالقريب والصديق، وتعرف أخبار العالم، وتتعلم ما ينفعك في دينك ودنياك، وتنتفع بالبرامج المناسبة، وتستطيع أن تنشر الخير في وسائل التواصل المتنوعة، لكن أكثر الناس أساءوا إستخدام هذه النعم، فإستعملوها في المعاصي والشرور والشهوات.
والشبهات والفتن، وضلّ بسببها كثير من الناس رجالا ونساء، كبارا وصغارا، وإتبعوا خطوات الشيطان، وكم ضاع بسبب الهواتف والإنترنت والشاشات من شباب وشابات، وكم فيها من ضياع للأوقات، وكم حصل بسببها من طلاق وخلافات، فيا أيها المسلمون، إن من أعظم أضرار الإنترنت ووسائل التواصل المتنوعة هو ضياع الأوقات بسببها والإدمان عليها، حيث صار كثير من الناس رجالا ونساء كبارا وصغارا مدمنون على الجوالات، ومفتونون بالإنترنت والشاشات، فيا حسرة على العباد فإن عمرك أيها الإنسان يمضي يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر، وسنة بعد سنة، فاغتنم حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، لا تبعثر أوقاتك في الملهيات والمغريات، ولا تكن ممن يتابع الأشرار، ويتواصل مع الفجار، ويبحث عن الأفلام الهابطة، والصور الخليعة والمواقع الإباحية.
وبعضهم يصل به الحال إلى الفسوق والعصيان، وربما إلى الكفر والإلحاد، بسبب متابعة الفسقة الفجرة، وشياطين الإنس الضالين المضلين، بأحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم، فساءت الأخلاق وشاعت الفواحش، وانتشرت الجرائم بسبب مشاهدة الأفلام الخليعة والمسلسلات الماجنة، والدخول في المواقع المحرمة، والتواصل مع الذين في قلوبهم مرض من الرجال والنساء الغافلين والغافلات، ولكن لماذا تجرأ كثير من الناس على المحرمات، وتهاونوا على المحافظة على الصلوات؟ إنه بسبب هذه الفتنة العظيمة فتنة الجوالات والإنترنت وألعاب الشبكة، ووسائل التواصل المختلفة، ضعف الإيمان، وقلّ الحياء، وإعتاد كثير من الناس على السهر فضيعوا صلاة الفجر في وقتها، ووصل الحال ببعضهم إلى ترك الصلوات وهجر الجمعة والجماعات.
وأعرضوا عن تلاوة كتاب الله، وإبتعدوا عن عبادة الله الذي خلقنا لعبادته، فما أعظمها من فتنة، فيا ويلهم من الله العظيم الجبار، هو يراهم ويمهلهم، ويذرهم في طغيانهم يعمهون، وفي خوضهم يلعبون، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر فيندمون، فاللهم أحسن إسلامنا، وحبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، وبارك لنا في القرآن العظيم، وارزقنا تلاوته وتدبره والعمل به، واجعله حجة لنا لا علينا، اللهم إنا نسألك خير ما في هذا الزمان من الوسائل التي يسّرت إختراعها، ونعوذ بك من شرّها، ونعوذ بك أن نفتن بها، اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين، وثبتنا على دينك حتى نلقاك غير مفتونين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
إضافة تعليق جديد