رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 18 مايو 2024 8:03 م توقيت القاهرة

هل عرف المستثمرون العرب كلمة سر مغارة على بابا في جورجيا؟

كتب:محمد النجار

قبل ثلاثة عقود لم يكن أغلب العرب يعرفون عن دولة جورجيا المنفصلة حديثا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 سوى اسم إدوارد شيفرنادزه، كونه السكرتير الأسبق للحزب الشيوعي ووزير الخارجية في أيام غورباتشوف.
اختفاء جورجيا المبرر منذ 1991 على استحياء في زمن الانهيار السوفيتي، والحرب الأهلية بين أعوان زفياد جامساخورديا، أول رئيس منتخب لجمهورية جورجيا المستقلة، وأنصار شيفرنادزه، وفترة حكم شيفرنادزه نفسها التي وصفت بأنها كانت الأسوأ في تاريخ جورجيا منذ زمن النهضة الكبرى في القرن الرابع عشر، وحتى استيقظ العالم على واحدة من ألطف الثورات الملونة عاطفية، كون ثوارها كانوا مزيجا من شباب غاضب لا يملك للاعتراض سوى قبضة يد مرفوعة في وجه السلطة، ونواب برلمانيون قالوا لا للتزوير والفساد والفقر الذي طال أكثر من 60% من شعب جورجيا الصغير، بحمل الورود الحمراء.
صمتت جورجيا مجددا منذ قيام ثورة الورود في أواخر نوفمبر 2003، ليستيقظ العالم والعرب منذ مطلع 2008 وبعد خمسة أعوام فقط من تغير النظام السياسي لجورجيا السوفيتية، على جورجيا أخرى غير التي اعتاد عليها العالم. جورجيا حديثة لاهثة نحو المستقبل بخطى واثبة واثقة متشبثة بإحدى يديها بالدعم الأمريكي، والأخرى بنظرة أوروبية لهوية جديدة لشعبها نحو الاتحاد الأوروبي المتماسك رغم حداثته وعملته التي أصبحت أقوى من الدولار نفسه. ومن وراء اليدين عيون ثاقبة تأمل في عضوية حلف شمال الأطلسي الذي يجمع الاثنين معا، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
في العشر سنوات الأخيرة وجد المستثمرون العرب ضالتهم المنشودة بين جنبات تاريخ القوقاز وحضارته التي جذبت الملايين من السائحين عاماً بعد عام، وأراضيه الخصبة التي لم تمسسها قطرات المبيدات الحشرية ولا المخصبات المسرطنة بعد، بل ومدنه الصغيرة التي تحيط بها مساحات شاسعة قابلة للتوسع العمراني والتطوير العقاري المتعطش لمزيد من العقارات في ظل ارتفاع عدد الوافدين والزائرين سنويا.
ورغم تعاقب عهدين من الحكومات يصفان بعضهما البعض بأنه الجانب المعارض، إلا أن كلاهما استمر على نفس الدرب من تنمية البنية التحتية وتسهيل إجراءات الاستثمارات. وضعت حكومة ساكاشفيلي وحزب الحركة الوطنية حجر الأساس، فطورت النظام السياسي وطهرت المؤسسات خاصة المؤسسة الشرطية التي كانت الأفسد لتصبح نماذج راقية للشفافية وصمام الأمان للمواطنين والزوار. بينما أكملت حكومات إيفانيشفيلي المتعاقبة بناء بؤرة اقتصادية عالمية جذبت ليس فقط المستثمرين العرب، بل والأوروبيين والأمريكان حتى الروس أنفسهم التي تناصب جورجيا حكومتهم العداء محليا ودوليا؛ كون روسيا تدعم المنطقتين الانفصاليتين (تسخينفالي، وأبخازيا) وتعترف بهم دولاً مستقلةً تحت الحماية العسكرية الروسية.
خلال سنوات وجيزة انهال على دولة جورجيا مئات من المستثمرين العرب، ما بين مستثمري الانتاج الزراعي والحيواني، سواء بإنتاج الخضروات والفواكه والمكسرات أو تصديرها، ومنهم من ادخر كل جهوده لتنشيط السياحة العربية إلى جبال القوقاز ونضارتها وساحل البحر الأسود في باتومي وروعته، ليتوافد على جورجيا سنويا ملايين المسافرين العرب.
أما نصيب الأسد كان من نصيب مستثمرو العقارات المصريين، الذي يبدو أنهم عرفوا كلمة السر لمغارة على بابا، أبرزهم كانت شركة يورك تاورز للتطوير العقاري التي دخلت سوق العقارات قبل عدة أعوام فقط لتصبح اليوم واحدة من أكبر مطوري العقارات في جورجيا وتجذب مئات المستثمرين العرب لوحداتها العقارية.
أدرك مطورو يورك تاورز كلمة السر بسهولة، العرب أصبحوا يتطلعون لسكن أكثر موائمة بيئية بإطلالة خضراء أصبحنا نفتقدها وسط الكتل الخرسانية المترامية على مدد البصر في بلادنا، وسط مجتمع مسالم ونظام اقتصادي متماسك تقفز مؤشراته عاما بعد عام، في بيئة اجتماعية منضبطة خالية من الفساد، ومنظومة إدارية فائقة الدقة والسرعة. حتى أصبح الاستثمار العقاري في جورجيا السمة الأشهر لراغبي الاستثمار في بلاد القوقاز من صغار وكبار المستثمرين العرب.
وتأتي جائحة كورونا على العالم بأكمله لينغلق على حدوده، ويتخبط الجميع وسط مؤشرات سلبية مخيفة بأزمة اقتصادية عالمية، بمن فيهم جورجيا. فتغلق شركات السياحة أبوابها ومن ورائها المطاعم والفنادق التي كانت كخلايا النحل في ذلك الوقت من مطلع الصيف. ويأتي الحصان الأسود للإستثمار في وقت الأزمات، الاستثمار العقاري، ليجد فيه الجميع المهرب الأمن.
مجددا يربح مطورو العقارات في جورجيا كشركة يورك تاورز، الرهان مرتين، مرة حين اختارت بعين المستثمر الواعي الاستثمار في جورجيا، تلك الدولة التي تعاملت مع جائحة كورونا بحرفية منقطعة النظير حتى باتت من الدول المعرفة بأنها "دول خضراء" من الوباء، ولفتت أنظار كبريات أنظمة ومستثمري العالم نحو اقتصاد ما بعد كورونا. ومرة أخرى بالاستثمار في مجال العقارات كونه الملجأ والملاذ الآمن الذي يحتمى به الكثير من المستثمرين في ظل أزمة كورونا.
ليس دليلا على ذلك أفضل من تقرير بيزنس ويك، عن ارتفاع الطلب على العقارات وأراضي البناء في تبليسي العاصمة خلال فترة الجائحة. وارتفاع أسعارها مقارنة بالثلاث أشهر السابقة لجائحة كورونا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.