رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 18 أبريل 2024 1:51 م توقيت القاهرة

وجدى زيد الخبير الإكاديمى لـ(شبكة مصر24): من المغالطات الكبيرة التي نعيشها في مصر أن التعليم يأتي بعد الأمن والصحة ولقمة العيش

حوار- د. ايهاب طلعت:

 

أوضح الدكتور وجدى زيد الخبير الإكاديمى وأستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة بأن من المغالطات الكبيرة التي نعيشها في مصر أن التعليم يأتي بعد الأمن والصحة ولقمة العيش والحقيقة التي تعيشها كل الدول المتقدمة والنامية هي أن التعليم هو الهدف الأول وليس هناك تعارض بين الأولويات فدولة مثل إسرائيل تعيش في حالة حرب منذ نشأتها ولكنها تعطي التعليم الأولوية وكذلك أمريكا وإنجلترا وألمانيا  وذلك لسبب بسيط هو أن التعليم يوفر ما يقرب من ثلث ميزانية كل الوزارات في أي دولة من هذه الدول.

مشيرا إلى أن عندما جاءت الحرب العالمية الثانية  وانتهت بتقسيم ألمانيا  استطاعت أن تعود مرة أخرى  وبقوة التعليم لتصبح منافسا قويا لأمريكا وغيرها من الدول المتصدرة سلم النهضة في عالم اليوم  بل إن كثير من العلماء الأمريكيين الموضوعيين  ينظرون اليوم إلى نظام التعليم في ألمانيا على أنه أفضل من نظيره في أمريكا !

مبينا في العصر الحديث  فقد تزايد وعى الأمم الطموحة وإدراكها لحقيقة أن التعليم هو أساس النهضة  فكثرت الأبحاث في القرنين التاسع عشر والعشرين تحديدا التي يقدم فيها المفكرون رؤاهم عن ( كيف تؤسس الدولة  نهضتها على التعليم ).  ..وفى أطار هذا الموضوع كان لنا الحوار التالى :

 

فى البداية سألناه ...لماذا أسست الدول المتقدمة نهضتها على التعليم؟

**لم يكن سر تفوق الشعوب ونهضتها يوما ما حكرا على شعب دون آخر  فكل الشعوب المتفدمة عرفت أن أساس نهضتها الحقيقة هو التعليم  وكان الفارق الحاسم بين هذه الدول المتقدمة وغيرها  هو أن حكام هذه الدول قد امتلكوا صدق الوطنية والمعرفة والوعى والقدرة على اختيار التعليم أساسا لطريق النهضة .وتحفل كل مراحل التاريخ الإنساني بالكثير من الأدلة على ذلك  ففي التاريخ القديم مثلا  يقول المؤرخ والفيلسوف الأثيني بلوتارك أن الامبراطور فيلوبومين اعترف أنه : "كان عليه أن يقتلع جذور التعليم في سبارطا قبل أن يتمكن منها "  يقابل هذا العصر الحديث ما فعله كمال أتاتورك  فبعد أن دان له الأمر في بلاده  فوجئ الأتراك برغبته في أن يتولى وزارة التعليم  وأنه لايريد رئاسة الجمهورية ولا رئاسة الوزارة ! وعرف الأتراك معنى هذه الرغبة عنده – والتي لم تتحق بالطبع – عندما وجدوه بعدها يعتمد الحرف اللاتيني كأساس للغة التركية  مبتعدا عن العربية وثقافتها التي يراها أساس التخلف  وأراد بذلك الانفصال الكامل عن القديم والارتباط بأوروبا المتقدمة .

وفي مصر فعل الإغريق نفس الأمر  عندما غزوها عام 333 ق.م  ونهبوا آلاف المكتبات لحضارة ازدهرت قبلهم بالاف السنين  ولنا نتخيل حجم المسروق إذا عرفنا أن أصغر مكتبة في قصر الفرعون آنذاك  قد احتوت على أكثر من عشرين ألف مجلد .. استولى الغزاة على كل كنوز المعرفة تلك  وأخرجوها إلى بلادهم فخرجت مصر من التاريخ لأن ذاكرتها المعرفية تمت سرقتها ولمئات السنين  بعد ذلك عاش المصريون عبيدا على أرضهم ... فالأحرار هم المتعلمون وحدهم !

إصلاح المجتمع

* ماذا تقول عن تزايد وعى الأمم الطموحة وادراكها أن التعليم أساس النهضة؟

** في العصر الحديث  فقد تزايد وعى الأمم الطموحة وإدراكها لحقيقة أن التعليم هو أساس النهضة  فكثرت الأبحاث في القرنين التاسع عشر والعشرين تحديدا التي يقدم فيها المفكرون رؤاهم عن ( كيف تؤسس الدولة  نهضتها على التعليم )  ويكفي هنا أن نبدأ بالأفكار التي قدمها المفكر الألماني فخته ( 1814- 1762  ) في مجوعة رسائل إلى الأمة الألمانية  وكانت البلاد وقتها تعاني من تفكك وتدهور فكتب بعد أن زار إحدى المدارس : (إن الطريق لإصلاح المجتمع  هو تأسيس نظام جديد لتعليم الناس ... فليس هناك أدنى شك عندي أن الأمة التي سترتفع إلى أسمى درجات القوة من خلال المدارس والجامعات هي أمة لايمكن اختراقها أو إسقاطها في المستقبل )  واستجاب من بيده الأمر وتم التأسيس لنظام جديد في التعليم  ومكن ألمانيا من أن تنتصر على فرنسا في حرب 1870 وأجمع المحللون على أن الذي انتصر في هذه الحرب هم أساتذة مدارس ألمانيا !

وعندما جاءت الحرب العالمية الثانية  وانتهت بتقسيم ألمانيا  استطاعت أن تعود مرة أخرى  وبقوة التعليم لتصبح منافسا قويا لأمريكا وغيرها من الدول المتصدرة سلم النهضة في عالم اليوم  بل إن كثير من العلماء الأمريكيين الموضوعيين  ينظرون اليوم إلى نظام التعليم في ألمانيا على أنه أفضل من نظيره في أمريكا !

حرب علمية

*تعليقك  على تقرير اللجنة القومية للتميز في التعليم الذى يحمل عنوان : (أمة في خطر: حتمية إصلاح التعليم )؟

**كان الرئيس الأمريكي رونالد ريجان قد طلب عام 1981 من وزير التعليم الأمريكي  أن تقوم لجنة من كبار رجال التعليم بدراسة حال التعليم الأمريكي وكيف "نخلق هذا العطش" للتعليم الذي بنيت عليه أمريكا...فقناعة الناس الثابتة هي أن التعليم وتنميته أهم من تنمية أقوى صناعة أو أقوى جيش أو أفضل نظام صحي  لأنهم يعرفون أن التعليم هو حجر أساس لكل ذلك!

وجاء التقرير مرتكزا على حقائق وبيانات حقيقية تغطي الفترة 1963- 1980  وتقول إن مدارس وجامعات أمريكا تعاني من انهيار مستوى التعليم فيها  وإن نصف خريجيها لا يصلحون للأعمال التي يلتحقون بها بعد التخرج  بل إنهم لايرتقون لمستوى خريجي الجامعات في الدول المتقدمة الأخرى ! ويصل التقرير إلى نتيجة مثيرة تقول : (لو أن قوة أجنبية معادية حاولت أن تفرض على أمريكا الأداء التعليمي الضعيف الموجود اليوم لأخذنا ذلك على أنه من أفعال الحرب ) .

وقد يدهش المرء عندما يقرأ كلمات مثل : (أفعال حرب) و(قوة أجنبية معادية ) وغيرها من مفردات حربية في مثل هذا التقرير العلمي  لكنه سيكتشف عند قراءته لكل الدراسات الجادة في تطوير التعليم في أمريكا والمتنافسين معها  أن هذه البلاد تعتبر نفسها في حالة حرب علمية  وأن هذه الحرب العلمية هي الحرب الحقيقية التي يحسم النجاح فيها نهضتها داخليا  وتفوقها في المجال الدولي .

التعجيز والإحباط

*ماذا كان رد فعل بعض البسطاء من المهتمين بالتعليم في الدول المتخلفة نحو هذا التقرير ؟

** كان الرد مثيرا للرثاء  فكيف يصف هذا التقرير نظام التعليم في أمريكا بالفاشل وأمريكا قد قدمت في النصف الثاني من القرن العشرين اكتشافات واختراعات مثل : الإنترنت وأعظم التليسكوبات  ووصلت إلى القمروغيرها من الاختراعات والاكتشافات في كل المجالات ؟ وبدا الأمر بالنسبة لهؤلاء البسطاء نوعا من المبالغة والطموح الأمريكي الذي لايعرف الحدود في تنافسه مع الدول المتقدمة  وأن هذا التقرير لايعني الدول التي لم تنهض بعد  بل إنه يمكن أن يشكل لها نوعا من التعجيز والإحباط !

غير أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للدارسين الجادين في دول ألمانيا وإنجلترا واليابان  فقد أدرك علماء هذه الدول مغزى هذا التقرير ووضعوه في سياقه التنافسي الشرس الذي تعيشه الدول الأربع : أمريكا – ألمانيا – إنجلترا واليابان عبر أكثر من قرنين من الزمان . وهناك دول أخرى مثل : روسيا – الصين – فرنسا وماليزيا قد درست واستفادت من هذا التقرير وغيره من الدراسات  واستطاعت بذلك أن تتعرف على أسرار التنافس بين الدول الأربع في مجال التعليم وعلاقته بالاقتصاد  وكيف يكون ذلك هو المدخل الحقيقي لنهضة حقيقية شاملة .

حالة حرب

*ماهى المغالطات الكبيرة التى نعيشها فى مصر؟

**من المغالطات الكبيرة التي نعيشها في مصر أن التعليم يأتي بعد الأمن والصحة ولقمة العيش والحقيقة التي تعيشها كل الدول المتقدمة والنامية هي أن التعليم هو الهدف الأول وليس هناك تعارض بين الأولويات فدولة مثل إسرائيل تعيش في حالة حرب منذ نشأتها ولكنها تعطي التعليم الأولوية وكذلك أمريكا وإنجلترا وألمانيا  وذلك لسبب بسيط هو أن التعليم يوفر ما يقرب من ثلث ميزانية كل الوزارات في أي دولة من هذه الدول.

 ولو أخذنا في مصر بالخطة المقترحة في هذه الدراسة يمكننا بعد السنة الخامسة منها تحقيق توفير كبير من ميزانية وزارة مثل وزارة الدفاع  لأن خريجي النظام الجديد المقترح هنا سيمتلكون عند تخرجهم في سن التاسعة عشر كل المهارات التي يتطلبها العمل بالوزارة وتصرف فيها مئات الملايين كل عام لتعليم وتدريب الأميين من الجنود .

وهناك مغالطة أخرى كبيرة هي القول بأن هذه الإصلاحات الجوهرية المقترحة في هذه الدراسة قد يكلف الدولة ميزانية أكبر للتعليم  والحقيقة المؤكدة هي أن قطاع التعليم الفني يعيد إلى وزارة المالية كل عام مئات الملايين لعدم حاجة القطاع إليها .. في الوقت الذي يعرف الجميع أن التعليم الفني في مصر يعيش حالة من التدهور الحاد ليس بعده شئ سوى الانهيار الكامل! كان من الممكن استخدام هذه الملايين في التأسيس لنهضة التعليم التكنولوجي وربطه بالاقتصاد .ومغالطة أخرى  هي القول بأننا نحتاج إنشاء المصانع والمشروعات والمؤسسات الاقتصادية وكل ما تتطلب من بنية تحتية قبل أن نبدأ في إصلاح التعليم حتى إذا جاء خريجو النظام التعليمي الذي نطمح إليه وجدوا الوظائف والأعمال والحقيقة أن خريجي النظام التعليمي الجديد يحتاجون من 5 إلى 7 سنوات من التعليم قبل أن نلحقهم بالعمل ومن هنا تأتي الضرورة الحاسمة أن نبدأ اليوم وليس غدا نظامنا التعليمي الجديد .

خطط وسياسات

*ما الجوانب التكنولوجية فى التعليم ؟

**لابد أن يستقر في وعى المصريين أن هدف التعليم لم يعد إعداد الطالب أو الطالبة من أجل الحياة فقط كما كان قبل العشرين سنة الأخيرة  فلقد شهدت هذه السنوات تغيرا جوهريا فقد فيها مفهوم ( التعلم من أجل الحياة ) مكانته وأصبح مفهوم ( التعلم من أجل العمل ) هو القاعدة التي تتأسس عليها ليس فقط توجهات وخطط وسياسات النظام التعليمي  بل أيضا كل المناهج الدراسية في أي نظام تعليمي يرتبط عضويا وبشكل كامل باقتصاد الدولة .ويتميز مفهوم ( التعلم من أجل العمل )عن  (التعلم من أجل الحياة)  في أن الأول يهدف إلى إكساب المتعلم مهارات العمل دون استبعاد لمهارات التعلم التي تشمل تعلم القراءة والكتابة واللغة والحساب والدراسات الإنسانية والاجتماعية . فالهدف من ( التعلم من أجل العمل ) هو إعداد المواطنين كي يصبحوا أفرادا واعين واثقين ومسئولين مساهمين في تطوير أنفسهم ومجتمعاتهم من خلال اكتشاف وتطوير قدراتهم ومهاراتهم في مراحل التعليم الأولية وينعكس هذا الهدف مباشرة في المناهج الدراسية والخبرات العلمية ليصبح المتعلمون بذلك مؤهلين لأعمال ووظائف بعينها .

سوق العمل

*هل كل الدول المتقدمة قد عانت من قبل من جراء بناء أنظمتهم التعليمية؟

**يذكر التاريخ أن كل الدول المتقدمة قد عانت من قبل ولسنوات طويلة وبدرجات متفاوتة من جراء بناء أنظمتهم التعليمية وفق مفهوم ( العمل من أجل الحياة ) الذي أدى إلى انفصال سوق العمل عما يدرسه المتعلم في المدرسة والجامعة والمعهد لكن هذه الدول أدركت بعد دراسات وأبحاث عملية ضرورة الربط العضوي بين المناهج الدراسية وسوق العمل وضرورة إكساب المتعلم مهارات التوظيف أثناء مراحل التعليم أو إيجاد عمل وهي مهارة تستلزم استخدام خبرات المتعلم و درجته العلمية إضافة إلى مهارات الحاسب الآلي والإنترنت والقدرة على التواصل والمساهمة بذكاء وبشكل متكامل مبدع مع الآخرين في محيط العمل من هنا جاء المفهوم الجديد ( التعلم من أجل العمل ) كبديل للمفهوم التقليدي القديم .

ويدهش المرء عندما يقرأ في التقارير الخاصة التي أعدها مجلس التعليم البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية عن ( الانفصال الكامل بين ما يحصله المتعلم ومهارات التوظيف التي يتطلبها العمل ) وكيف أن المدارس والجامعات البريطانية ليست سوى ( مؤسسات زائفة ) لأنها لا تقدم المطلوب حقيقة منها . وتنتهي هذه التقارير إلى أن السبب الأصيل لفقدان إنجلترا مكانتها المتقدمة التي احتلتها طوال أكثر من مائة عام وحتى قيام الحرب العالمية الثانية هو : أن إنجلترا – مهد الصناعات الحديثة – كانت آخر من بنى نظامها التعليمي وربطته بشكل كامل بالتصنيع ذاته والاقتصاد.

بيت القصيد

*كيف عادت إنجلترا إلى مكانتها بسرعة فى إعادة بناء نظامها التعليمي؟

** عادت إنجلترا إلى مكانتها بسرعة  فى بناء نظامها التعليمي لتكون الجوانب التكنولوجية في التعليم هي بيت القصيد في عملية التغيير كلها ونظر المسئولون إلى بعض النماذج القليلة الناجحة والتي كانت موجودة بالفعل داخل إنجلترا حتى قبل الحرب العالمية الأولى والنموذج هو مدرسة عادية استطاعت أن تخصص الطابق الرابع من مبناها ليكون صالة كبيرة لتكون غرفة عمل بسيطة يجاورها صالة أخرى لممارسة الألعاب الرياضية ويصف التقرير الذي صدر عن مجلس التعليم البريطاني في ديسمبر عام 1911 كيف كان الصفان الدراسيان الأولان يظلان في فصولهم بينما كان تلامذة الصف الثالث يشكلون نماذج من الصلصال وتلاميذ الصف الرابع يصنعون أشكالا من الورق الكرتوني وتلاميذ الصف الخامس يطوعون الرصاص إلى أشكال أما الصفان السادس والسابع فينشغل التلاميذ فيهما بالعلوم التطبيقية !

والمثير في هذه التجربة أن باحثين في هذه المدرسة البسيطة استطاعوا إدخال تدريس قصة الرحالة روبنسون كروزو على أساس عملي تطبيقي في غرفة العمل هذه فكان التلاميذ يتعملون اللغة الإنجليزية والجغرافيا وقدر كبير من الحساب والرسم فمن خلال نموذج الصلصال للجزيرة يتعرف الطلاب على الملامح الطبيعية المختلفة ويصنعون أيضا الأشكال المختلفة من الزوارق والخيام والصناديق وكل الأشكال الموجودة في القصة من الورق والكرتون أما الخشب والأسلاك فكانوا يشكلون منها البوابات والحواجز والعوارض مستخدمين في ذلك الفحم والطباشير لرسم تصوراتهم للمشاهد التي أثارت انتباه في القصة !

وكان الهدف الأول لهذه المدرسة هو أن تسمح لطلابها أن يخططوا ويجربوا من خلال العمل التطبيقى ولم يكن مسموحا للمعلمين أن يتدخلوا قبل أن يصل الطلاب إلى مرحلة تقطيع الكرتون مثلا وتنفيذ مخططات الطلاب ومن الملاحظات المدهشة أن كل المتعلمين حتى الذين لم يوفقوا تماما فى الدراسات الأخرى النظرية كانوا يعملون فى شغف وجد والمعنى هنا أن كل المتعلمين يميلون إلى التعلم من خلال التطبيق أكثر من النظرى .

ولم يكن الإنجليز متفردين فى إدراكهم لهذه الحقيقة فقد شاركهم هذا الإراك الأمريكيون الطامحون لتصدر العالم بعد الحرب العالمية الثانية  

حلول عملية

*ما الدروس التى يمكن أن  نستفيد منها فى مصر بعد التعرف على هذه النماذج من المدارس فى كل من إنجلترا وأمريكا؟

** أن الفترة العمرية لتلاميذ هذه المدارس هى من 6 إلى 13 عاما أى من الصف الأول فى المرحلة الا بتدائية وحتى الصف الأول من المرحلة الإعدادية  فى نظامنا التعليمى وأخطر أعوام هذه الفترة  بالتحديد هى الأخيرة  منها لأنها سنوات المراهقة المبكرة التى يبدأ فيها النشء كما يقول علماء النفس انجذابهم للحياة وتأثيراتها القوية على نحو قد يؤدى إلى ضعف الصلة مع المدرسة خاصة عندما لا تقدم هذه  المدارس تعليما غير مفيد ومنقطع الصلة بالحياة الفعلية .

وأن منهج التعليم الذى تمنحه هذه المدارس وطريقة المشاركة الإيجابية  المسئولة من جانب التلاميذ داخل غرفة العمل هى خير وسيلة لتعليم الديمقراطية  فمن الحقائق الثابتة أننا لا نولد ديمقراطيين بل نتعلم الديمقراطية فالديمقراطية لا تتحقق إلا بالتعليم  وعندما يتعلم النشءفى غرفة العمل كيف يتبادلون الرأى فى هدوء ومتى يتدخلون على نحو مبدع خلاق للوصول لحلول عملية فى التخطيط أو التنفيذ أو كيف ياخدمون حريتهم فى التخيل والتخطيط قبل أن يتدخل المعلمون بعد ذلك فهم بذلك يتعلمون روح الفريق وحدود  الحرية المسئولة  المنتجة ولا شك أن هذه النقطة تحديدا غائبة عن فكر من يخططون  للتعليم فى مصر الآن  وإذا  استمر الحال على ذلك سيفقد شبابنا الصلة بالدولة  وتوجهات المجتمع  وسيتولى أى فكرضال السيطرة  على عقول هؤلاء الشياب وتوجيهها لدمارهم ودمار الدولة نفسها. وإن غرفة العمل هذه ليست سوى مصنع صغير يمكن أن يتدرب فيه النشء لحين إقامة المصانع والمؤسسات القريبة  ويكمننا البدء بها فى مدارسنا فيكون أبناؤنا بذلك جاهزين وقادرين على دخول سوق العمل بمجرد توفر الفرصة .

القدرات والمهارات

*كيف يمكن الاستفادة من فكرة غرفة العمل فى إطار صياغة الرؤية ؟

**يمكن الاستفادة من فكرة غرفة العمل فى إطار صياغة الرؤية والخطة المقدمة فى هذه الدراسة بحيث يتعلم التلاميذ فى الصفوف الثلاثة الأولى من المرحلة الا بتدائية القراءة والكتابة والحساب من خلال النماذج والأشكال التى يصنعونها فى الغرفة  وبهذا يتم إعدادهم لمناهج التكنولوجيا التمهيدية فى الرابع والخامس والسادس من المرحلة الابتدائية والصفين الأول والثانى من المرحلة الإعدادية .وأثبتت التجارب فى هذه المدارس أن القدرات والمهارات  التكنولوجية يمكن اكتشافها عند التلاميذ بمجرد دخولهم  المرحلة الابتدائية وأنه لا يجب تأخير هذا الكشف عن هذه القدرات والمهارات بل أن هناك محاولات جادة فى فنلندا وألمانيا للكشف عن القدرات والمهارات التكنولوجية عند الأطفال الصغار فى مدارس الحضانة  ومن المؤكد إن الكشف عن القدرات والمهارات التكنولوجية وتطويرها وربطها عضويا والاحتفال بها منذ بداية المرحلة الابتدائية سوف يعيد تشكيل صورة إيجابية عن خريجى التخصصات التكنولوجية  أما تأخير ذلك إلى بداية المرحلة الإعدادية  وتحويل المتعلم إلى التعليم الفنى لأنه فشل فى الحصول على الدرجات المطلوبة للانتقال إلى الصف الأول من الإعدادية العادية فذلك واحد من أسباب فشل التعليم وتدهوره فى مصر .وإن الاكتشاف المبكر للقدرات  والمهارات  التكنولوجية عند التلاميذ ثم تطويرها من الصف الرابع الابتدائى وحتى الصف الثانى من المرحلة الإعدادية  يعد تأهيلا جيدا للتلاميذ إذا ما أرادوا الالتحاق بالكلية التكنولوجية المقترحة فى هذه الدراسة .

                                    دراسات أكاديمية

*لماذا يفضل الأخذ بنموذج الكليات التكنولوجية  الجامعية فى مصر؟

**تكثف دول مثل إنجلترا وألمانيا وماليزيا  جهودها لإنجاح  النوع الأول من الكليات وهو كليات التكنولوجيا الجامعية  وأستطاعت إنجلترا فى العامين 2012-2013 وحدهما إنشاء عشرات الكليات  وصرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأن إنجلترا  تسعى  لكى يكون هناك كلية تكنولوجية  جامعية  فى كل مدينة بريطانية رئيسية  وكليات التكنولوجيا الجامعية هى أكاديميات للأعمار من 14 إلى 19 عاما عندما تقدم التعليم التكنولوجى والفنى الذى تتطلبه الصناعات الحديثة وأصحاب المصانع الجديدة  وترتبط مناهجها الدراسية التكنولوجيا بالتعليم من خلال العمل مع وجود دراسات أكاديمية تخدم هذه الصناعات وهذه الكليات تحت رعاية الجامعة الإقليمية وأصحاب المصانع والأعمال ويتاح لكل المؤسسات المؤسسات المجتمعبة والفردية الاشتراك فى ذلك .    

 

أحلام الشتاء

* حدثنا عن  سيرتك الذاتية ؟

**الدكتور وجدى زيد أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة وحاصل على الدكتوراه فى الأدب الإنجليزى من جامعة مدينة تيويورك وأستاذ زائر متميز بجامعات ما ستشيوتس –بوسطن وجورجيا وأتلانتا وميلوكى ويسكنسون الأمريكية  وعملت ملحق ومستشارا تعليميا وثقافيا لمصر فى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا  .

ولدى العديد من المؤلفات باللغتين العربية والإنجليزية  صدر منها فى الولايات المتحدة الأمريكية (القراءة الخاطئة لشيكسبير والكتاب المعاصرون والبحث عن الأصالة والفرعون الأخير وأحلام الشتاء).

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.