يوم يأتي الله

نقلت رغداء صبيح
يوم يأتي الله
يحدِّثنا القرآن العظيم عما سيحدث يوم القيامة بتجلِّي الله تعالى للوجود تجلياً يجيء على كل ما فيه فيزول الوجود ويتلاشى ولا يبقى منه شيء. وهذا التجلِّي الإلهي للوجود هو ما بوسعنا أن نتبيَّن ذكره متوارياً من وراء كلمات الآيتين الكريمتين التاليتين: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُون) (158 الأنعام)، (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (210 البقرة).
ولقد جاء في القرآن العظيم ما بوسعه أن يُعين على تبيُّن ما سيحدث للوجود من تلاشٍ وزوالٍ وانهيار يوم القيامة بتجلِّي الله تعالى له، وذلك في الآية الكريمة 143 الأعراف (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا). فالله تعالى بتجلِّيه لجبل سيدنا موسى عليه السلام جعله دكاً فتلاشى وجوده وذلك بتحوُّله إلى صخر متراكم وتراب.
والوجود يوم القيامة سيؤول إلى الزوال وذلك لأنه اليوم الذي سوف يأتي اللهُ فيه الوجودَ من عالَم العرش إلى عالَم الكرسي فيتجلى تعالى للوجود التجلِّي الذي لن يكون بمقدور الوجود أن يتحمله فيبقى على حاله. وهذا التجلِّي الإلهي من عالم العرش على عالم الكرسي هو مقصود هاتين الآيتين الكريمتين اللتين يبيِّن تدبُّرهما ما سيحدث للوجود يوم يأتيه الله تعالى فيقوِّض أركانه ويدكُّه دكاً لا يُبقي على موجود فيه.