أرض المحشر والمنشر.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن يوم القيامة وأهوالها، وبينما الناس في فسادهم وغيهم، وهم في ذلك الدار وهي دار رزقهم وحسن عيشهم ولم يبقي عليها إلا شرارالخلق، وتظهر آخر العلامات الكبرى قبل القيام الوشيك ليوم القيامة وهي " ستخرج نار من عدن تحشر الناس وأومأ بيده إلى الشام" فهي تخرج من قعر عدن ثم تنتشر في الأرض وتلم الناس إلى الشام أرض المحشر والمنشر.
وهي نار عظيمة وعجيبة تسير مع الناس وتبيت معهم وتقيل معهم حيث قالوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي حيث أمسوا" كما في البخاري، وتحشرهم على ثلاثة أنواع، وهم قسم راكبين طاعمين، وقسم يتعاقبون على البعير وقسم على أرجلهم ماشين تسوقهم النار سوقا من تخلف منهم أحرقته، وهذا الحشر إلى الشام هو الحشر الثاني والأخير في الدنيا وسيأتي حشران آخران في الآخرة هما حشر الموقف قبل الحساب وحشرالمؤمنين قبل دخول الجنة، وبعد هذه الآية العظيمة يكون قيام الساعة وشيكا وعلى الأبواب ولكن تحديد وقتها مما إستأثر الله تعالي بعلمه فلا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإن إخفاء وقتها وتذكير الله تعالي بذلك دليل على عظمتها حيث يقول تعالي " ثقلت في السموات والأرض " إضافة إلى وقوعها بغته، وسرعتها كما قال تعالي.
" كلمح البصر أو هو أقرب " والبداية تكون بالنفخ في الصور فهو بالنسبة ليوم القيامة كالآذان للصلاة إعلام بدخولها فينفرط نظام الكون حينئذ وتنتهي الحياة الدنيا، ويصورالقرآن الكريم لنا البداية، فيقول تعالي " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد" وفي النفخة الأولى يفزع الناس ويموجون ويصيحون كأنهم سكارى وليس هذا خاصا بالناس بل كما قال تعالي " ففزع من في السموات والأرض" مكلفين وغيرهم ثم يموتون، وقال الإمام إبن حجر" هما نفختان فقط فالأولى يموت فيها من كان حيا ويغشى على من لم يمت ممن إستثنى الله، والثانية يعيش بها من مات ويفيق من غشي عليه " وكما ذكر القرآن الكريم ثلاث صور للأطفال للتنبيه على شدته.
حيث قال الله تعالي " تضع كل ذات حمل حملها " وكما قال تعالي " وتذهل كل مرضعة عما ارضعت " وكما قال تعالي " يوما يجعل الولدان شيبا " فكيف بغيرهم، فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم " من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ " إذا الشمس كورت " و " إذا السماء انفطرت " و " إذا السماء انشقت " تفكر فيها، والذي أمامنا في حياتنا هي السماء والأرض والجبال والبحار والنجوم والحيوانات والوحوش فأخبرنا الله عن مصيرها يوم القيامة، فتأمل ما يحصل للأرض حيث قال الله تعالي " يوم ترجف الأرض" ثم " يوم ترج الأرض رجا " ثم " إذا دكت الأرض دكا" بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، فاللهم يسر حسابنا ويمن كتابنا وثقل ميزاننا بالأعمال الصالحة والحسنات الراجحة وثبت على الصراط أقدامنا.