رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 15 يونيو 2025 7:19 م توقيت القاهرة

الإنفلات المعلوماتي والأمن القومي

 

بقلم\  ريم أبو عيد

في عصر السماوات المفتوحة والقنوات الفضائية والشبكات العنكبوتية أصبح تداول المعلومات سهلا وسريعا وباتت السيطرة على ما يتم نشره وتداوله صعبا ويحتاج إلى يقظة ووعي.. فالكلمة تقتل تماما كطلقة الرصاص.. فالمعلومات وإن كانت مهمة لإطلاع الرأي العام على ما يجري من أحداث إلا أن الكاذب والمغلوط منها قد يؤدي إلى كوارث حقيقية لا يمكن التعافي من تبعاتها سواء على المستوى الأمني أو المجتمعي.. وحتى إن كانت معلوماتا صحيحة ففي بعض الحالات يكون نشرها أو تدوالها تهديدا للأمن القومي ويعرض الوطن لأخطار محدقة خاصة في وقت الحرب.. ومصر بالفعل تخوض حربا ضروسا ضد الإرهاب والخيانة على حد السواء.. وهو ما يفرض علينا جميعا توخي الحيطة والحذر في كل ما نتفوه به من كلمات وكل ما ننشره من أخبار أو نتداوله من معلومات من خلال وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها.. فكلمة واحدة في غير توقيتها وموضعها بإمكانها أن تدمر وطنا بأكمله وتشرد شعبه.. ومعلومة في غير محلها تقال من شخص غير مسؤول حتى وإن كانت صحيحة قد يكون ثمنها دماء أبناء الوطن من جنوده الشرفاء.. وهو ما يحدث للأسف في وقتنا الراهن ومنذ أن هبت علينا رياح الخراب تحت مسمى الثورات.. فكل من هب ودب يفتي فيما ليس له به علم.. وكل مجهول الهوية يحلل الأحداث أمنيا وعسكريا وسياسيا وينظر على قيادات الدولة في إدارتهم لها وهو بالكاد يدير حياته الشخصية وربما يفشل في إدارتها في الأساس.. أصبحنا نعاني من الانفلات في كل شيء وعلى كافة المستويات والأصعدة والمشكلة أننا لا نتعلم من أخطائنا السابقة.. فكم من خبر كاذب تم تداوله أدى إلى نشر الإحباط بين أفراد المجتمع في أكثر الأوقات التي كان الوطن بحاجة إلى التفاف جميع أبنائه حوله لدعمه ومؤازرته والعمل من أجله.. وبالرغم من خطورة الأمر إلا أن الكثيرين يستهينون به إما عن قلة وعي وإدراك أو عن تعمد.. وفي الحالتين الأبرياء هم من يدفعون الثمن والوطن هو من يفجع في أبنائه.. هذا الانفلات المعلوماتي أصبح مرضا مزمنا لدى الكثيرين ناتج في الأساس عن خلل في الشخصية التي تمارسه ليل نهار لا ضابط أو رابط وبلا رقيب أو حسيب.. فبعض الشخصيات على المستوى العام أو الافتراضي يبدو أن لديها مركبات نقص ما تجعلها تحاول تعويضها بالإسهاب في الإدلاء بالمعلومات في أي وقت وفي أي مكان ونشر أخبار غالبيتها غير دقيقة إن لم تكن مفبركة وملفقة لإظهار أنفسهم أمام الآخرين بأنهم يمتلكون ما لا يمتلكه غيرهم أو إيهام البعض أنهم على صلة وثيقة بمتخذي القرار في الدولة وأنهم مطلعون على كل كبيرة وصغيرة فيها.. وإن كان هذا الأمر في حد ذاته مشكلة كبرى فالمشكلة الأكبر هو أن هناك من الناس من يؤمن على كلامهم ويصدقهم في كل ما يقولون حتى وإن كان غير منطقيا أو ليس له أي مصدر معروف من الأصل وهو ما يخلق حالة من البلبلة لدى الرأي العام تؤدي إلى فقدان الثقة في قيادات الدولة نفسها في أي بيانات أو تصريحات يتم الإدلاء بها من أحدهم فيما بعد.. وهو ما يسعى إليه أعداء الوطن لترسيخه في أذهان أبنائه تحقيقا لأهداف المتآمرون عليه.. أما آن الأوان لوضع حد لهذا الانفلات المعلوماتي وتجريم كل من يدلي بمعلومات من شأنها تهديد الأمن القومي حتى وإن كانت صحيحة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 11 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.