رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 يوليو 2024 2:18 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الإمام علي في التراث العربي

بقلم / محمــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، لقد أشتهر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان أول واعظ بليغ في الإسلام، وجاء في نهج البلاغة منه قوله " إن عليا يقوم في التراث العربي مقام سليمان الحكيم، حيث تجمع حول أسمه عدد لا يحصى من الحكم والمواعظ والأمثال، ووجد أسمه محفورا على كثير من السيوف في القرون الوسطى" وهو في كل ذلك يرشد الناس إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، مبيناً شرع الله تارة وتارة يرشدهم إلى طريق النجاة والفوز، لأن الذي يقوم به يبين شرع الله للناس ويصلح به دنياهم وآخرتهم.

ويربي وجدانهم، ويهذب نفوسهم، ويرشدهم إلى طريق الفوز، والخروج من آلام هذه الحياة، وعليه فقد جاءت خطبه رضي الله عنه جامعة شاملة فهي تجلو القلوب، وتهذب البصائر، وتسمو بالإنسان إلى أسمى مراتب الكمال، وكان لها التأثير البالغ في نفوس العارفين والمتقين، وإن المتتبع في خطب الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يجد فيها الاهداف واضحة في الوعظ والارشاد وهي اصدق صورة لنفس الامام رضي الله عنه اودعها اعطرما في قلبه من التقوى والحقيقة المرتكزة على ايمان وثيق بالله تعالي، واعجاب بمخلوقاته وكمالاته، وزهد بالخيرات الزائلة، وايمان الامام علي رضي الله عنه ناطق في كل موعظة من مواعظه، فهي معطرة بذكر الله تعالي، تتصاعد منها صلوات حارة جميلة. 

وكيف لايكون كذلك وهو المتربي في كنف الرسول المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم فهوعلى جانب كبير من الخصال الحميدة، في دينه ودنياه فقد حمل ما حمله الرسول صلى الله عليه وسلم وكان حريا بأن تنعكس تلك الخصال الحميدة جملة وتفصيلا على كل ما يقوله الامام رضي الله عنه صور الوعظ والارشاد، وان تطبع بصماتها على خطبة ورسائله فهو لايرى رأيا، ولا يقضي بحكم، حتى يكون مشبعا بروح الدين، يفيد منه للوعظ وبث روح التقوى، واقامة السنن، ولئن كان معظم خطبه يرجح بين الدين والسياسة، فأن ثمة خطب دينية، زهدية خالصة، ينصرف فيها الى تعظيم شأن الخالق، داعيا المؤمنين للتخلي عن قناع الدنيا لايغرهم بها الغرور، ولا يخادعهم طيفها وسرابها، فهي مدبرة مولية حائلة، زائلة.

ولقد كان  الإمام علي رضي الله عنه  يتفاعل مع التأريخ وأحداثه تفاعلا حيا ايجابيا في اصدار خطبه الوعظيه لا كمؤرخ، وانما بأعتباره رجل عقيدة ورسالة، ورجل دولة حاكما، ولم يكن يستخدم التأريخ كمادة وعظية فقط وانما يستهدف أيضا منه، النقد السياسي والتربية السياسية لمجتمعه والتوجيه الحضاري لهذا المجتمع، وكان يهدف من خلال كل ذلك الى ان يكون المسلمون مجتمعا مثاليا يخلو من الأحقاد والضغائن وتسوده المحبة والمودة والالتزام المطلق بالاسلام وتعاليمه السمحة لتكون حياتهم في الدنيا حياة عمل وقولا الى دار الاخرة والاستقرار في الجنة بعد الحياة الدنيا التي كانت دار عمل واختبار.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.