بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الودود، سبحانه من خالق عظيم وبخلقه رؤوف حليم، أشهد أنه لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد فيا عباد الله، اتقوا الله فإن ساعة عظيمة تنتظركم، يجزى فيها الإنسان عن الصغيرة والكبيرة، موقفها عظيم وأمرها جلل فتزودا لذلك وإن خير الزاد التقوى، ثم أما بعد إن الله تعالى يحب من عباده التوابين الذين إذا أذنبوا أي ذنب عادوا إلى الله واستغفروه وتابوا إليه، والمتطهرين الذين هم دائما على طهارة، وإن الله تعالى حثنا على استباق الخيرات لعظيم ما ينتظر المسابقين من الربح الذي لا ينبغي التكاسل عنه، ولأن المسارعة تثبّت الإنسان على الاستمرار على عمل الآخرة، ولأن الحياة الدنيا فرصة.
فقد تعرض للإنسان فيها صوارف تمنعه من المسابقة إلى عمل الخير والصبر عليه فالدنيا كثيرة الأمراض والهموم والحوائل والفتن وتقلبات الأحوال ومفاجأة الآجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا" رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه "اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"رواه البيهقي، وقال الحسن البصري رحمه الله "المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية من سورة مريم " إنما نعد لهم عدا"
وقال أيضا "يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في زمن المهلة" وإن من أعظم نفحات أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق هى عشر ذي الحجة فها نقترب من هذه الأيام فهى مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات، فهى مواسم الصلاح التي يُضاعف للمؤمنين فيها من الأجور والأرباح، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية أمة العمل القليل والأجر الكبير والفضل العظيم، لتحمد الله أن جعلك من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فالحمد لله الذي أنعم على الأمة المحمدية بمواسم الطاعات وميادين الخيرات، وساحات المغفرة والرحمات، حيث يتسابقون فيها إلى رضوانه، ويتنافسون فيما يقربهم من فضله وإحسانه.
وهذه المواسم منحة ومنة من الله تعالى على عباده لأن العمل فيها قليل والأجر والثواب جزيل، وهى والله فرصة عظيمة لا يحرم خيرها إلا محروم، ولا يغتنمها إلا من وفقه الله، فإن ميدان التنافس على أعمال الخير ميدان فسيح يستطيع المسلم صاحب الهمة العالية أن يربح فيه ويغنم، وإن اختلفت أحواله وكثرت أعماله وقلت معرفته وخبرته فالمسابقة في أداء الواجبات وترك المحرمات القولية والفعلية، والمسابقة في نوافل العبادات كالصلوات والصيام والصدقات، والمسابقة في الإحسان إلى الناس وتفريج كروبهم وإعانتهم على صلاح دينهم ودنياهم، والمسابقة في الدفاع عن شريعة الله والحفاظ على هوية الأمة وحماية بيضتها وأهلها، والمسابقة في كثرة ذكر الله تعالى وقراءة القرآن وحضور مجالس العلم والسؤال عما يجهل المسلم من أمر دينه.
إضافة تعليق جديد